بنبرة وطنية مسؤولة لا تقبل «الدلع السياسي» وذهنية راجحة ومرجّحة لكفة «العبور إلى الدولة» على حساب كافة الدهاليز السياسية والطائفية والمذهبية الضيقة، خاطب رئيس مجلس النواب نبيه بري اللبنانيين أمس بلسان رجل الدولة والمؤسسات داعياً في مهرجان ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه إلى الاتعاظ «مما يدور حولنا» ومحذراً من «التمادي بلعبة إحراق الوقت». وفي سياق التشديد على وجوب وقف التعطيل والإقلاع عن التلاعب بالقرار الوطني والاعتقاد بأنّ كل طرف يملكه أو يملك «الفيتو» عليه، وضع بري نفسه في مواجهة مباشرة مع الانقلابيين على المعايير الدستورية والأعراف السياسية ملوّحاً باللجوء إلى كل مكامن القوة المتاحة دعماً لانتظام العمل المؤسساتي من دون أن يتوانى عن إبداء عزمه على خوض هذه المواجهة «بقوة الناس إذا اقتضى الأمر». 

وتوجّه رئيس المجلس إلى المعطلين لعجلة الدولة بالقول: «أوقفوا هذا العبث السياسي أوقفوا تعطيل المؤسسات ولنلتزم الدستور»، مجدداً انحيازه إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي «لأن الثقة بالدولة مهتزة من دون رئيس»، غير أنه أعاد التذكير بخارطة الطريق التي طرحها «لكي لا يبقى البلد معطلاً ومعلّقاً على حبل الانتظار» والتي تقضي بتفاهم القوى السياسية على «قانون انتخاب وعلى تشكّل الحكومة مما يتيح لنا انتخاب الرئيس حتماً»، معلناً في الوقت عينه «التمسك بالحوار الثنائي والوطني لأنّ كليهما أديا إلى إغلاق أبواب الفتنة والتوترات السياسية والطائفية والمذهبية»، مع الإشارة إلى اتفاق المتحاورين على استكمال تطبيق الطائف وترسيخه كعقد بين اللبنانيين، والتحذير في المقابل من مغبة التمادي في التعطيل وشل البلد منعاً للوصول إلى «حدّ إعلان فشل الدولة والإفلاس السياسي والمالي».

أمنياً، وبينما كانت الوفود الشعبية من جمهور «حركة أمل» تتوافد إلى صور للمشاركة في المهرجان المركزي لتغييب الصدر، دوّى انفجار عبوة ناسفة عند مستدير كسارة في زحلة ما أدى إلى مقتل امرأة من التابعية السورية وإصابة 11 شخصاً بعضهم إصابته حرجة. وفي حين تبيّن بحسب الخبير العسكري الذي كشف على موقع الانفجار أنه ناجم عن عبوة زنة 4 كلغ من مادة «تي أن تي»، أكدت مصادر عسكرية مسؤولة لـ»المستقبل» أنّ التحريات والتحقيقات أثبتت أنّ العبوة كانت تستهدف الباصات التي تقل جمهور «أمل» من البقاع إلى الجنوب للمشاركة في مهرجان صور، مرجحةً أن يكون من يقف وراءها بعض المجموعات الإرهابية المتشددة كـ«داعش» و«النصرة»، ولفتت في هذا السياق إلى أنّ الأجهزة العسكرية والأمنية باشرت تحقيقاتها وتعمل على تعقب خيوط الجريمة توصلاً إلى توقيف مرتكبيها.

النفايات

حياتياً، لا تزال أزمة النفايات المستجدة تراوح مكانها في شوارع المتن وكسروان نتيجة إقفال مطمر برج حمود وعدم توصل اجتماع لجنة المال والموازنة مع القوى السياسية والبلديات المعنية أمس إلى اتفاق ناجز يقضي باستكمال تنفيذ خطة الحكومة وإعادة فتح المطمر. وفيما جدد وزير الزراعة أكرم شهيب التشديد على أنّ الحل الوحيد يكمن في تعزيز خطة الدولة، أعلن رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان أنها لن تعقد اجتماعاً ثالثاً إنما ستكتفي بمتابعة الملف مع المعنيين مع إشارته إلى الاتفاق على «تحسين خطة الحكومة وعلى تشكيل هيئة رقابة تشرف على مرحلة انتقالية مدتها سنة وصولاً إلى اللامركزية»، علماً أنّ النائب هاغوب بقرادونيان أكد لدى انسحابه من الجلسة عدم السماح لتحويل مطمر برج حمود إلى مكب للنفايات وأنّ المطمر لن يعيد فتح أبوابه إلا من خلال الأطر التطبيقية للخطة الحكومية.