يتجه التيار الوطني الحر إلى التصعيد احتجاجا على نية الحكومة اللبنانية التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.
ويعيش لبنان منذ أكثر من عامين فراغا رئاسيا أدى إلى شلل في باقي مؤسسات الدولة، وقد اضطرت القوى السياسية على ضوء هذا الواقع إلى انتهاج التمديد كحل في أكثر من مؤسسة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، حيث من المرجح أن يمدد لجان قهوجي للمرة الثانية على رأس الجيش، نتيجة استعصاء التوافق على شخصية جديدة.

وهذا الأمر يشكل موطن خلاف كبير خاصة لدى التيار الوطني الحر الذي يرفض التمديد لقهوجي مجددا لعوامل ذاتية أكثر منها دستورية.

ويطرح التيار على طاولته جملة من الخيارات منها تجميد مشاركته في الحكومة أو الانسحاب منها، الأمر الذي قد يضع الأخيرة في وضع صعب باعتبار أن الوطني الحر بات الحزب المسيحي الوحيد “القوي” المشارك فيها بعد انسحاب وزراء الكتائب اللبنانية، ورفض حزب القوات الدخول فيها منذ البداية، وبالتالي فإن خروجه منها يعني ضربا “للميثاقية” القائمة عليها.

وعقب انتهاء اجتماع كتلة التيار النيابية، مساء الثلاثاء، أطل رئيس الوطني الحر جبران باسيل، معلنا مقاطعة الحزب لجلسة مجلس الوزراء، الخميس، كمرحلة أولى قد تعقبها خطوات تصعيدية جديدة منها الخروج من الحكومة.

ومن المنتظر أن تقر الجلسة المرتقبة التمديد لجان قهوجي في قيادة الجيش.

وقال رئيس التيار جبران باسيل “قررنا مقاطعة جلسة مجلس الوزراء المقبلة كرسالة اعتراضية وتحذيرية للحكومة حتى تتوقف عن مخالفة القانون”، مضيفا أن “القضية متعلقة بميثاقية الحكومة فهل تجتمع بلا حضورنا؟ السؤال مطروح على جميع الشركاء من دون استثناء. وعلى ضوء الجواب المنتظر من رئيس الحكومة ومكوناتها، قد نصبح بعد الخميس أمام أزمة نظام، نحن اليوم من يدافع عنه عبر المطالبة بتطبيقه السليم”.

وتابع “يمنعون الرئيس الميثاقي وقانون الانتخاب الميثاقي، فهل يريدون أن تصبح الحكومة أيضا غير ميثاقية؟”، مضيفا “وكأن المطلوب هو العودة إلى اتفاق الدوحة”.

وختم متسائلا “وهل يقبل شركاؤنا في الوطن بحكومة تحكم في غياب المسيحيين؟ من دون جميع المكونات اللبنانية يغيب لبنان ونحن نبقى تيار المناضلين الجاهز للأرض والشارع دوما من أجل الكرامة”.


أمين وهبي: التيار يحاول الضغط بكل الأساليب لتحويل الاستحقاق الرئاسي إلى تعيين
تكشف تصريحات باسيل النارية عن استعداد الحزب لكل الاحتمالات الصعبة، وربما يرى أن تصعيده قد يثمر خرقا في الملفات المستعصية مثل وصول زعيمه ميشال عون إلى منصب رئاسة الجمهورية، بعد أن فشل رهانه على سياسة النفس الطويل.

وتضع تصريحات باسيل حزب الله في موقف صعب، حيث أنه لا يستطيع التنصل من تحالفه الاستراتيجي معه، بالمقابل ليس من صالح الحزب بالمرة إيصال الأمور إلى حدود إسقاط الحكومة من ناحية أخرى، في ظل انخراطه في المستنقع السوري.

ويشير مراقبون إلى أن مناخ التصعيد العوني إنما يتخذ من التمديد للعماد قهوجي ذريعة للتصويب على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بخاصة، والذي لا يزال على موقفه الرافض لانتخاب الجنرال عون، وكذلك فإنه في الآن نفسه اختبار عوني لمدى وقوف حزب الله إلى جانبه في الضغط على الحريري من باب التلويح بإسقاط الحكومة.

ويدرج النائب أمين وهبي التصعيد في باب التعمية عن الحقائق، حيث يعتبر أن “العونيين يعلمون أنهم يتحملون المسؤولية الكاملة عما يعترضون عليه الآن، وأنهم من أوصل الأمور إلى هذا المدى من الاستعصاء، وهم يحاولون الآن الضغط بكل الأساليب من أجل تحويل الاستحقاق الرئاسي إلى تعيين”.

ولا يرى أن هناك حدودا يمكن أن يتوقف عندها تصعيد الوطني الحر في حال كان منسجما مع مصلحته الضيقة. ويقول في هذا الصدد “التهديد ليس جديدا في أدبيات التيار العوني، والتجربة معه تفيد بأنه كان غالبا ما يضع مصلحته فوق أي مصلحة وطنية”.

ويقرأ النائب اللبناني موقف حزب الله من تصعيد حليفه المتوقع بوصفه نوعا من تبادل الأدوار، حيث أن “الحزب والتيار يتبادلان الخدمات، ولكن ضمن حدود المصلحة الخاصة لكل منهما”.

ويضيف في تصريحات لـ”العرب” أن “طبيعة الحلف القائم بين حزب الله والتيار العوني، والتي تظهرها نية التصعيد العونية، إنما تتلخص حاليا في حرص الفريقين على محاولة إخضاع الرئيس سعد الحريري الذي لا يمكن أن يقدم لهما الرئاسة على طبق من ذهب ويخالف الدستور والقانون. وكل الحديث الذي يسوق له حول ليونة ما يمكن أن يبديها الحريري تجاه موضوع دعم الجنرال غير صحيحة إطلاقا، ولا يمكن أن يقدم عليها بالشكل المطروح، لأنه يكون مهددا بفقد مصداقيته وضرب مشروعه السياسي بيده”.

وفي المقابل يقول النائب عن التيار الوطني الحر سيمون أبي رميا لـ”العرب”، إن “ما دفعنا إلى اللجوء إلى خطوات تصعيدية الآن هو أننا ومنذ ثلاث سنوات نطالب بتطبيق قانون الدفاع الوطني ولم يستجب لنا أحد. كما أنه حين فتح النقاش في موضوع الرئاسة، قال لنا تيار المستقبل إنه لا مشكلة لديه مع الجنرال عون ولكن لديه مرشح هو سمير جعجع وإنه يجب علينا التفاهم معه. وقد تم ذلك بالفعل وتوصلنا إلى قرار ثنائي مسيحي، ومع ذلك بقي الوضع على حاله لناحية عدم الاستجابة. وهذا استهتار بالمواطن المسيحي والرأي المسيحي، ونحن لن نقبل به”.

وحول ما إذا كان التصعيد موجّها ضد سعد الحريري لإجباره على مراجعة خياراته الرئاسية يقول أبي رميا إن “القصة ليست عند سعد الحريري. هناك عدم احترام للدستور. وما نقوم به يمكن اعتباره نوعا من إعلان المقاومة السياسية”.

ولا يبدو أن خطوات التيار العوني تلقى استجابة مسيحية عامة، فالقوات لا تمانع في التمديد لقهوجي، كما نفى حزب الطاشناق على لسان رئيسه النائب آغوب بقرادونيان تعليق الحزب مشاركته الحكومية تضامنا مع التيار العوني.

شادي علاء الدين: العرب