عدا عمّا توقعته «اللواء» أمس، بالنسبة للتمديد للأمين العام لمجلس الدفاع اللواء محمّد خير سنة جديدة في مجلس الوزراء اليوم، وما نشرته بخصوص مواضيع جدول الاعمال الذي يتضمن 85 بنداً، فلا جديد يمكن ان يطرأ على الجلسة اليوم غير أزمة النفايات التي بدأت تطل برأسها من خلال أزمة مكب برج حمود الذي يواجه اعتصاماً كتائبياً وقطعاً لطريق عبور شاحنات النفايات إلى المكب، مما تسبب بتكديسها في الشوارع والاحياء السكنية في مناطق كسروان والمتن وبعبدا، على مدى الأيام الثلاثة الماضية.
ولئن أكّد وزير الزراعة ورئيس اللجنة المكلفة بموضوع النفايات اكرم شهيب لـ«اللواء» ان الأمور لا تزال تسير بشكل طبيعي في بيروت بالنسبة لرفع النفايات من الحاويات في الشوارع والاحياء من قبل شاحنات شركة «سوكلين»، فإنه أعلن انه سيثير موضوع ما يجري في مكب برج حمود امام مجلس الوزراء، بعد التشاور مع الرئيس تمام سلام، مشيراً إلى انه سيلتزم بما يقرره مجلس الوزراء بهذا الخصوص، لافتاً إلى انه إذا كان حزب الكتائب مصراً على موضوع الرقابة على الأعمال في المكب، فهذا حقه اما التعطيل من أجل التعطيل فهذا يضر بالبلد، وستعود النفايات مع الأسف إلى بعض المناطق.
ولفت شهيب إلى ان لمجلس الوزراء وحده الحق في النظر إلى موضوع التحركات الاعتراضية، مشيراً إلى انه إذا جرى تعطيل لخطة النفايات، فقد تنتفي الخيارات الأخرى.
وعلمت «اللواء» انه في مراحل سابقة من الاعتراض الكتائبي، اجريت اتصالات للتحذير من مغبة هذه التحركات والعودة عنها.
ولاحظت مصادر وزارية في هذا السياق ان تفاقم أزمة النفايات في كسروان والمتن، في حال تمّ اقفال مطمر برج حمود، سيدفع الأمور باتجاه تحركات شعبية واسعة، لا أحد يعلم إلى أين ستؤدي، علماً ان رئيس الكتائب النائب سامي الجميل سيكون له موقف ضاغط من هذا الموضوع باتجاه اقفال المطمر نهائياً.
التعيينات العسكرية
اما بالنسبة للتعيينات العسكرية، فقد أعلن نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل بعد زيارته الرئيس نبيه برّي في عين التينة، انه سيطرح، ومن خارج جدول أعمال مجلس الوزراء ثلاثة أسماء لتعيين واحد منهم خلفاً للأمين العام الحالي للمجلس الأعلى للدفاع، وانه في حال لم يحصل اتفاق أو قرار باغلبية ثلثي الوزراء، فإنه سيمارس واجباته الدستورية والقانونية وسنداً للمادة 55 من قانون الدفاع الذي يعطي وزير الدفاع صلاحية إصدار قرار تمديد مهلة تسريح الضباط.
وبالنسبة لقائد الجيش، أوضح مقبل انه ما يزال هناك وقت حتى 30 أيلول المقبل، موعد انتهاء الولاية الممددة للعماد جان قهوجي، لكنه لفت إلى ان ما سيطبق على مركز الأمانة العامة لمجلس الدفاع سيطبق على قيادة الجيش لاحقاً، مؤكداً ان الفراغ في الجيش وفي المجلس العسكري غير وارد.
غير ان مصادر معنية بالملف، شددت لـ«اللواء» على ضرورة وأهمية طرح موضوع قيادة الجيش في الجلسة اليوم، باعتبار انه لا يجوز تأجيله حتى نهاية فترة خدمة قائد الجيش، أي نهاية أيلول، مشيرة إلى انه من الأفضل بت الموضوع اليوم قبل الغد، وانه لا موجب لتأجيله حتى ربع الساعة الأخيرة، وذلك من أجل مصلحة المؤسسة العسكرية التي تنتظرها الكثير من الاستحقاقات والمهام الأمنية، وهي تكاد تكون - ربما - المؤسسة الوحيدة الفاعلة والعاملة بأكثر من طاقتها في ظل الظروف الدقيقة والصعبة التي تواجه لبنان في هذه المرحلة التي يواجه فيها الإرهاب الشرس على حدوده الشرقية، والتي كان آخرها ضبط عبوة ناسفة على طريق رأس السرج في منطقة عرسال، ومعدة للتفجير من خلال فتيل صاعق، وذلك بعد يومين من انفجار عبوة مماثلة باحدى آليات الجيش، بنفس الطريق، مما أدى إلى إصابة خمسة عسكريين بجروح طفيفة.
ولفتت المصادر إلى ان ما سيسرى على موضوع قائد الجيش، سيسرى بالنسبة لرئاسة الأركان، لناحية تأجيل طرح الملف، باستثناء ان مُـدّة الخدمة العسكرية لرئيس الأركان الحالي اللواء الركن وليد سلمان ستنتهي في نهاية أيلول، ولا يجوز بالتالي قانوناً اللجوء إلى تأجيل التسريح، بل تعيين بديل يرجح ان يكون العميد الركن حاتم ملاك، على الرغم من ان الاتصالات والمشاورات لم تحسم هذا الخيار بعد.
ولم تستبعد مصادر وزارية ان تشهد جلسة اليوم نقاشات ربما تصل إلى شيء من الحدية، في ضوء ما سيطرحه مقبل، لكن المصادر توقعت ان لا تتخطى هذه النقاشات أكثر من تسجيل الاعتراضات على مبدأ التمديد، لا سيما من قبل وزيري «التيار الوطني الحر»، لمعرفة الجميع دقة الظروف الراهنة التي لا تسمح باجراء التعيينات العسكرية، خصوصاً وأن هناك شبه استحالة لتعيين قائد جديد للجيش في هذه المرحلة حيث ان معظم القوى السياسية أصبحت مقتنعة بأن لا بديل عن العماد قهوجي، في هذه المرحلة مما يجعلها تتمسك ببقائه، وفي مقدم هذه القوى حليف التيار العوني «حزب الله».
وفي تقدير المصادر انه لهذا السبب ينظر التيار إلى ملف التعيينات الأمنية بكثير من التروي والتحسب لكل الاحتمالات، وقد أكدت مصادر قيادية فيه ان وزيري التيار لن ينسحبا من الحكومة، لكنهما سيعبران عن رفضهما لأي تمديد استناداً إلى ضرورة احترام الدستور من دون اللجوء إلى التعطيل.
ومهما كان من أمر، فقد دعت مصادر وزارية إلى انتظار ما سيطرحه وزير الدفاع من أسماء للأمانة العامة لمجلس الدفاع، علماً ان الوزراء لم يتسلموا سيراً ذاتية أو معلومات عن المرشحين الثلاثة.
زيارة شكري
سياسياً، وباستثناء ما تأكد لدى الذين التقوا وزير الخارجية المصري سامح شكري، من أنه لا يملك أفكاراً محددة في شأن ما تردّد عن مبادرة مصرية باتجاه إنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية، وأن زيارته هي فقط لاستيضاح ما يجري في لبنان على هذا الصعيد، والإستماع من القيادات اللبنانية، حول ما لديهم من مواقف وأفكار في هذا الشأن، فإنه لم يسجّل أي تطوّر سياسي لافت أمس، غير ما أكده الرئيس نبيه برّي من أن الوضع لم يعد يُحتمل مع استمرار المراوحة والاهتراء في المؤسسات، ولا سيما وأن ذلك ينعكس على المواطنين ويزيد من معاناتهم اليومية، كما ينعكس على الوضع والانتظام العام في البلاد.
ودعا برّي، بحسب ما نقله عنه نواب الأربعاء، إلى الإسراع في الاتفاق على الحل الشامل بدءاً من رئاسة الجمهورية، مؤكداً أن عامل الوقت ليس لصالح الجميع، مجدداً تأكيده أن الانتخابات النيابية حاصلة في موعدها، ولا عودة للتمديد تحت أي ظرف كان، معتبراً أن ذلك يقتضي الإسراع في الاتفاق على قانون انتخابات يشكّل العمود الفقري للحل.
وحذّر برّي من مخاطر الوضع الاقتصادي الذي يتفاقم يوماً بعد يوم، والذي يحتاج إلى عناية خاصة تبدو متعذّرة في ظل عدم إيجاد حلول سياسية للأزمة الراهنة، لافتاً إلى أن الوضع في البلاد سيكون في نهاية العام الحالي على مفترق طرق إذا لم يتم الاتفاق على الحلول المناسبة للملفات العالقة.
ولوحظ أن الوزير المصري غادر بيروت مساء أمس من دون أن يلتقي أحداً من مسؤولي «حزب الله»، وهو أوضح في المطار لدى سؤاله عن هذا الموضوع، أن السفير المصري محمّد بدر الدين زايد وجّه الدعوة لأحد وزراء الحزب لحضور مأدبة العشاء التي أقامها مساء أمس الأول، والتي جمعت معظم القيادات اللبنانية السياسية، إلا أنه لم يحضر، ولا أعرف لماذا؟
وشدّد شكري خلال اللقاءات المنفردة التي عقدها أمس من خلال زيارات لكل من الرئيس ميشال سليمان والرئيس فؤاد السنيورة بمشاركة وفد من نواب كتلة «المستقبل»، والنائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، على أنه لمس لدى هذه القيادات عناصر توافق اعتبرها مؤشراً إيجابياً، مؤكداً أنه سيستمر في التواصل مع هذه القيادات على المستوى الإقليمي وبما لدى مصر من علاقات مع قوى دولية مؤثرة لاستكشاف ما يمكن أن يتم، مشيراً إلى وجود اهتمام دولي وإقليمي بالوضع في لبنان.
تجدر الإشارة إلى أن السفير المصري الجديد في لبنان نزيه النجاري، رافق الوزير شكري في الزيارة، استعداداً لتسلّم منصبه الجديد أول الشهر المقبل، خلفاً للسفير زايد.
ماذا وراء تسليم المطلوبين؟
في هذا الوقت، وعلى صعيد أمني، كرّت، أمس، سبّحة تسليم المطلوبين الموجودين في مخيم عين الحلوة، لأنفسهم للأجهزة الأمنية، ولا سيما لمخابرات الجيش، ما ترك جملة من التساؤلات عن دوافع وأسباب وتوقيت هذه الخطوة.
وفي معلومات مصادر فلسطينية متابعة للملف، أن توافقاً جرى بين قيادة الجيش والجانب الفلسطيني ممثلاً بالسفير أشرف دبور، لحلحلة قضايا المطلوبين، وبينهم من صدرت بحقهم بلاغات بحث وتحرٍ أو وثائق وتقارير بتهم الانتماء إلى مجموعات إرهابية أو مرخصة، بهدف إغلاق هذه الملفات بعد إنجاز التحقيقات فيها.
وأشارت المصادر إلى أن هذا الأمر ترك ارتياحاً لبنانياً وفلسطينياً، لأنه يساهم في عودة هؤلاء المطلوبين إلى ممارسة حياتهم الطبيعية، بما فيها السفر، وكذلك بتضعضع الخلايا والمجموعات التي كانت أحد أسباب إعلان «تجمّع الشباب المسلم» في مخيم عين الحلوة عن حلّ نفسه، أمس الأول، حتى لا يُستغل هذا الاسم في مآرب سياسية، وبما يُسهم كل ذلك في تفكيك الألغام وإفشال السيناريوهات التي ترددت مؤخراً في المخيّم.
وقد سجّلت أمس على هذا الصعيد خطوة هامة تمثّلت بتسليم شقيقي القيادي الإسلامي المتشدّد في عين الحلوة بلال بدر، شراع وأحمد بدر، ووالد زوجته غالب حجير، المطلوبين بعدة مذكرات. كما قام الفلسطينيون (مروان. ص) و(إبراهيم. ع) و(أحمد. و) بتسليم أنفسهم إلى مخابرات الجيش في الجنوب.
كذلك قام طارق الشهابي، وهو إبن شقيق القيادي الإسلامي أسامة الشهابي، بتسليم نفسه إلى معلومات الأمن العام.
وكان نجل قائد «كتائب عبد الله عزام» محمّد توفيق طه قد سلّم نفسه إلى مخابرات الجيش اللبناني قبل 10 أيام.
كما قام عدد من مناصري الشيخ أحمد الأسير بتسليم أنفسهم إلى مخابرات الجيش اللبناني، وبينهم شقيق الفنان المعتزل فضل شاكر محمّد عبد الرحمن شمندور وقبله نجله عبد القدوس.
واللافت أن هذه الخطوة تزامنت مع قيام وفد أمني أميركي بتفقّد محيط مخيّم عين الحلوة أمس، في خطوة عزتها مصادر أمنية إلى مخاوف من عمل أمني قد يقوم به بعض الموجودين الخطيرين في داخله، ممن توظفهم جهات إقليمية ضد قوات «اليونيفل» أو زعزعة الاستقرار في المناطق الحدودية الجنوبية مع إسرائيل.