بالمفهوم السياسي للأمور، لا شيء جديداً يمكن أن يُبنى عليه، فيما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في مهرجان «زمن الإنتصارات» ببنت جبيل، من مواقف سياسية تتصل بالاستحقاق الرئاسي، وإن كانت حملت مؤشرات انفتاح واستعداد للتفاوض مع تيّار «المستقبل» في شأن رئاسة الحكومة، مع العلم أن الحزب و«المستقبل» يتفاوضان من خلال الحوار الثنائي بينهما في عين التينة، منذ أكثر من سنتين، وهما يستعدان لخوض جولة جديدة من الحوار غداً الثلاثاء في جلسة بلغ رقمها 32 بحسب التسلسل الرقمي لها، وبالتالي فإن الانفتاح الذي عبّر عنه نصر الله، لم يكن سوى رسالة، يفترض أن تردّ عليها كتلة «المستقبل» النيابية في اجتماعها غداً، والذي سيسبق جولة الحوار مع الحزب، والتي يُفترض أن تتركز على جدول أعمالها المؤلف من موضوعين هما: رئاسة الجمهورية، وتخفيف الاحتقان المذهبي.
على أن قراءة «المستقبل» لرسالة نصر الله، تراوحت بين وجهتي نظر:
الأولى: ترى أن خطاب السيّد نصر الله لم يكن تصعيدياً، مثلما كان متوقعاً، إذ أنه لم يحمل على المملكة العربية السعودية، على غير عادته، سوى ببعض النكزات، وحملت لهجته إزاء الحرب الدائرة في سوريا بعض «التطرية» ولا سيما إزاء مخاطبة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بمنطق «المصالحة والتسوية»، بحسب عضو الكتلة النائب عمار حوري، والذي رأى في ذلك إشارة واضحة إلى أن الوضع الميداني في حلب يراوح، بدليل أن منطقه لم يكن منطق المنتصر، وطبعاً لم يكن منطق المهزوم.
وفي تقدير حوري، أن موضوع رئاسة الحكومة لا يختاره نصر الله ولا غيره، بل تحدده الأغلبية النيابية بموجب الاستشارات النيابية الملزمة وفق الدستور.
أما وجهة النظر الثانية، فحصرت ردّها على نصر الله، بموضوع السلّة الثلاثية التي طرحها، أي رئاسة الجمهورية للنائب ميشال عون، ورئاسة المجلس النيابي للرئيس نبيه برّي، ورئاسة الحكومة نتفاوض عليها بعد رئيس الجمهورية، وترى في ذلك محاولة فرض تسوية معيّنة، مستقوياً بوضعه العسكري والسياسي، وهذا أمر مرفوض، مثلما أكد عضو الكتلة النائب أحمد فتفت الذي أعلن أنه لن يقبل بشروط «حزب الله».
وقال: «إذا كان الرئيس سعد الحريري سيصل إلى رئاسة الحكومة، فأنه سيصل بتسمية مجلس النواب وبما يمثل سياسياً، وليس بتسمية نصر الله»، مذكّراً بأنه منذ سنة 2006 وحتى «إعلان بعبدا» مروراً بالدوحة لم يلتزم نصر الله بشيء وقّع عليه، في حين استبعد النائب محمّد قباني لـ«اللواء» أن يدخل الرئيس الحريري بمقايضة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، مشيراً إلى أنه «ليس وارداً لديه هذا الأمر، ولا يجوز النظر على أن هناك مقايضة بين الرئاستين».
وفي تقدير مصدر نيابي، أن نصرالله حاول في خطابه رمي طعم السلة المتكاملة التي يخطط لها، لكن في نهاية الأمر فان ميزان القوى هو الذي يفرز رئيس الحكومة، وطالما أن كتلة «المستقبل» لا تزال تملك الأغلبية في المجلس النيابي، فلا بدّ أن تأتي الاستشارات النيابية لمصلحة الرئيس الحريري، جازماً بأن لا انتخابات نيابية من دون رئاسة الجمهورية، لأن ذلك انتحار موصوف.
مهما كان من أمر هذه النظرة السياسية لخطاب السيّد نصرالله في بنت جبيل، فان الرئيس برّي يرى في الخطاب بأنه «ايجابي».
وحين سأله زواره، أمس، عمّا إذا كان يؤيد مجيء الرئيس الحريري للحكومة أجاب: انه ما زال عند موقفه المؤيد لعودته إلى رئاسة الحكومة، لأنه لا يرى أفضل منه.
وحول قانون الانتخاب، أمل الرئيس برّي، بحسب ما نقل عنه زواره، أن تحصل ثغرة وتقدم في هذا المجال قبل موعد طاولة الحوار في الخامس من الشهر المقبل، موضحاً انه يجري مروحة من الاتصالات مع القوى السياسية في هذا الشأن.
وكان نصر الله جدد في خطابه التزام الحزب بترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، موضحاً بأن هذا الالتزام كان قبل حرب تموز، وجاءت الحرب لتؤكد هذا الالتزام. ورد على الرئيس فؤاد السنيورة من دون أن يسميه، معتبراً ان الغلطة التي ارتكبها بتسمية النائب محمّد رعد لرئاسة لمجلس مقصودة، وليست زلة لسان، معلناً بأنه مهما كانت نتيجة الانتخابات النيابية المقبلة، فان مرشّح الحزب لرئاسة المجلس الوحيد والاكيد والقديم الجديد هو الرئيس برّي، «وليخيطوا بغير هالمسلة». وزاد انه في ما يعني رئاسة الحكومة نحن سنكون ايجابيين ومنفتحين ولن نصعب الأمور.
على أن اللافت في خطاب نصرالله، هو انه توجه إلى «داعش» وجبهة «النصرة»، داعياً هذه الجماعات إلى وقف القتال لمصلحة أميركا في المنطقة، وإلقاء السلاح إذا ما زال عندهم شيء من الإسلام وشيء من حب النبي، وشيء من العلاقة بالقرآن، وبعد ذلك ممكن أن نتكلم بمصالحات وتسويات، وختم مخاطباً هؤلاء: «يا جماعة، اجلسوا وفكروا قليلاً فقط، ستكتشفون انه تم استغلالكم، وانه آن وقت حصاد بعضكم، وهو «داعش»، وحصاد الباقين آت عندما لا يعودون بحاجة لهم».
ومع أن هذا الخطاب فسّر بأنه نوع من هزيمة في معركة حلب، الا أن نصرالله شدّد على انه ليس امامه خيار الا أن نبقى وأن نحضر في الساحات في حلب وفي غير حلب وفي كل مكان يقتضيه الواجب أن نكون سنكون.
لا تعيينات الخميس
على صعيد آخر، خلا جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد قبل ظهر الخميس المقبل، والذي وزّع على الوزراء السبت، من أي بند يتعلق بالتعيينات العسكرية، في إشارة قد تكون إلى أن الموضوع لن يبحث في هذه الجلسة، الا إذا شاء نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل أن يعرضه من خارج جدول الاعمال بعد التفاهم مع رئيس الحكومة تمام سلام.
لكن مصادر وزارية رأت في خلو جدول الأعمال من هذا البند مؤشراً إلى أن التعيينات لن تكون ضمن سلّة واحدة، بمعنى أن التمديد للأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمّد خير الذي ينتهي التمديد له في 25 آب الحالي، سيتم قبل هذا الموعد بقرار سيتخذه الرئيس سلام بناء لطلب وزير الدفاع، باعتبار أن صلاحية مركز خير تعود لرئاسة الحكومة، على أن يأتي التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي بعد ذلك، أي في شهر أيلول وتحديداً في 23 أيلول المقبل، عندما تنتهي مُـدّة التمديد الثاني له، بالتزامن مع انتهاء ولاية رئيس الأركان اللواء وليد سلمان، حيث تفرض انتهاء مدة خدمته العسكرية إلى تعيين رئيس جديد للاركان، يرجح أن يكون العميد حاتم ملاك.
وفي تقدير هذه المصادر أن التمديد لقهوجي لسنة واحدة بات محسوماً، طالما انه لا تزال امام مُـدّة خدمته العسكرية سنة، وطالما أن الفراغ في قيادة الجيش ممنوع، حسب تعبير الرئيس برّي.
وتوقعت هذه المصادر أن يتغيب وزيرا «التيار الوطني الحر» عن الجلسة التي سيعرض فيها الأمر أو أن يعترضا، من دون أن يقدما على الاستقالة، باعتبار أن هذا الأمر لن يؤثر على الوضع الحكومي، خصوصاً وان أغلبية الوزراء ستكون مع التمديد لقهوجي بقرار من وزير الدفاع إذا تعذر التوافق في الحكومة.
وفي سياق متصل، لاحظت مصادر نيابية ن تحالف الرابية - معراب امام اختبار جديد حين يتم التمديد لقهوجي، إذ أن مصادر قواتية أعربت عن تأييدها لهذه الخطوة، رغم معارضة التيار، ولم تستبعد أن تكون اللقاءات بين طرفي الثنائي المسيحي تبحث في هذا الامر لتجنيبه أي هزة جديدة في هذا الشأن.
وسيبحث مجلس الوزراء الخميس في تقرير اللجنة الوزارية المكلفة دراسة تلوث مجرى نهر الليطاني، والذي وزّع على الوزراء في 9 آب الحالي، بالإضافة إلى موضوع تعيين أساتذة في التعليم الثانوي الذي أدرج بنداً أوّل على جدول اعمال الجلسة والذي يتضمن 85 بنداً، بناء للوعد الذي قطعه الرئيس سلام لوزير التربية الياس بو صعب في الجلسة الماضية.
وبين البنود المدرجة على الجدول 36 موضوعاً من الجلسة الماضية، في حين أن معظم البنود الجديدة ذات طابع يتعلق بشؤون عقارية، إلى جانب طلب لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الموافقة على مذكرة تفاهم بين رئاسة مجلس الوزراء اللبنانية ورئاسة مجلس الوزراء الفلسطينية تتعلق بمشروع التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، الى جانب تفويض رئيس مجلس الوزراء تأليف بعثات الحج الرسمية لعام 2016، وسفره الى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة والى فنزويلا، كاراكاس لحضور مؤتمر قمّة دول عدم الانحياز.