صدقت التوقعات بالنسبة لمجلس الوزراء، مثلما صدقت توقعات تقرير «اللواء» الذي نشر قبل يومين بالنسبة لهيئة سلامة الغذاء، حيث أطلقت الجلسة التي اتسمت بالهدوء النسبي آلية تعيين أعضاء هذه الهيئة الملحوظة في قانون سلامة الغذاء، عبر وزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية.
على ان أبرز ما أفرزته الجلسة وتزامن معها هو عودة أزمة النفايات إلى الواجهة من جديد، سواء من خلال المواجهات التي حصلت بين القوى الأمنية وطلاب حزب الكتائب ومعهم نشطاء من حملة «لبناني نظيف» الذين نفذوا اعتصاماً داخل مكب برج حمود، رفضاً لمشروع ردم البحر بالنفايات، وأعقب ذلك تضارب بالايدي والعصي وسقوط اصابات في صفوف المحتجين، أو من خلال «المواجهات الكلامية» التي حدثت في مجلس الوزراء، على خلفية طلب وزارة الداخلية والبلديات استثناء بلدية بيروت من الخطة المرحلية التي أقرّتها الحكومة قبل  فترة لمعالجة أزمة النفايات التي استعصت على الحل أكثر من ثمانية أشهر، ثم لم تجد الحكومة حلاً لها سوى إقامة مطمرين في برج حمود و«الكوستا برافا»، وبطبيعة الحال لم يحسم النقاش الذي استحوذ على معظم أعمال الجلسة، غير ترحيل مشروع معالجة نفايات بيروت بواسطة التفكيك الحراري إلى اللجنة الوزارية التي يرئسها الوزير اكرم شهيب لاجراء بحث إضافي بما يتعلق بالخطة المستدامة والعودة برؤية واضحة مبنية على معطيات لعرضها على مجلس الوزراء.
اما تعبير الهدوء النسبي الذي ساد أجواء الجلسة أمس، بحسب ما وصفها أحد الوزراء لـ«اللواء» فيعود إلى ان السياسة بسجالاتها ونقاشاتها الحادّة، غابت عن طاولة مجلس الوزراء التي أقرّت عدداً من بنود جدول أعمالها المؤجلة من جلسات سابقة، باستثناء المشادة الكلامية العابرة بين الوزيرين جبران باسيل ونبيل دو فريج، والتي أتت كبديل عن ضائع بسبب غياب وزير الاتصالات بطرس حرب، طرف «النقارة» الدائم مع باسيل.
وبحسب ما أوضحت مصادر وزارية، فإن باسيل حاول طرح موضوع الاتصالات لكن الرئيس تمام سلام أكّد له ان الوزير المعني غائب خارج البلاد ولا لزوم لفتح هذا الموضوع والنقاش فيه، وطلب الدخول مباشرة بجدول الأعمال، «لاننا نريد ان ننتج شيئاً للناس».
لكن وزير الخارجية، ردّ شاكياً من تسييس كل المواضيع حتى الإنمائية منها، مستشهداً بسد جنة، فرد عليه دو فريج رافضاً هذا التوصيف لا سيما فيما يتعلق بسد جنة، مشيراً إلى ان معارضته له مبنية على أسس علمية ودراسات لا علاقة لها بالسياسة.
غير ان باسيل أصرّ على موقفه، واضاف: بكرا بتشوف لما بيمشي السد ان الموضوع سياسي، فرد دو فريج: «لما تقنياً لا يكون عندكم حجج تقولون الموضوع سياسي، انا لا يمكن ان أسير بما يضر البيئة والمياه والناس.
وخلال مناقشة جدول الأعمال، كانت هناك إشكالية حول موضوعين: 
الاول: طلب وزارة الداخلية السماح لبلدية بيروت بمعالجة نفاياتها بشكل مستقل في الفترة، وهو ما اثار نقاشاً هادئاً بين الوزراء شهيب، وحسين الحاج حسن ومحمّد فنيش ونهاد المشنوق والرئيس سلام الذي شرح مراحل خطة النفايات التي توصلت إليها الحكومة بعد استفحال الأزمة، مشدداً على ان ما توصلت إليه الحكومة هي خطة مرحلية، لافتاً النظر إلى وجود شركات كبيرة مهتمة بالنفايات وبالتفكيك الحراري، وأشار إلى انه في حال انشئت محرقة وكانت بعيدة عن شركة الكهرباء، أو معملاً للطاقة فلن يكون الأمر مفيداً.
وأعلن سلام أنه مع تفهّمه لطلب وزير الداخلية، فإنه غير موافق على خروج بيروت عن الخطة المستدامة، مقترحاً العودة إلى اللجنة حتى لا تتعرّض الخطة لأي اهتزاز، وهكذا كان.
أما الإشكالية الثانية، فقد حصلت بين وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب ووزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، على خلفية طرح تعيين الفائض من الأساتذة في التعليم الثانوي، والذي يقدّر عددهم بنحو 1800 أستاذ، حيث اعترض حناوي لجهة ضرورة بحث الملف في حضور وزير المال، خاصة وأن تكلفة تعيينهم تقارب العشرة مليارات ليرة سنوياً، لكن بوصعب أصرّ على طلبه ثم وافق على وعد الرئيس سلام وضعه كبند أول على الجلسة المقبلة التي تقرر أن تعقد الخميس المقبل.
ولاحظت المصادر الوزارية أن الحديث لم يتطرّق إلى مسألة التعيينات العسكرية، لكن المصادر نفسها قالت لـ«اللواء» «ما الذي يمنع التمديد في آخر لحظة لقائد الجيش الحالي، ولآخر مرّة، لأن العماد جان قهوجي سيُحال على التقاعد في أيلول 2017؟».
وفي تقدير مصادر وزارية أخرى، أن هدوء جلسة الأمس قد لا ينسحب على الجلسة المقبلة المثقلة بالمواضيع الدقيقة، وفي مقدمها التعيينات العسكرية والتي تشمل قيادة الجيش ورئاسة الأركان والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمّد خير الذي ينتهي مفعول التمديد الأخير له في 25 آب.
ومع أن التمديد مجدداً للواء خير يعود للرئيس سلام باعتباره خاضعاً لسلطة رئاسة الحكومة، فإن تأجيل تسريح قائد الجيش قد يواجه بمعارضة من قِبَل وزيري التيار العوني قد لا تصل إلى حدّ الانسحاب أو الإستقالة من الحكومة، رغم تأكيد مصادر عونية بأن التيار قد يصل بمعركته ضد التمديد لقهوجي إلى النهاية، وأن التلويح «بالثورة» صحيح ولكن ليس بمعنى الإنقلاب، لأنه يُدرك تماماً كيف يعارض وكيف يعبّر عن ذلك بأسلوب حضاري.
ولفتت المصادر إلى أنه بالإمكان اللجوء إلى تعطيل الحكومة مثلما يمارسه التيار في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، مشيرة إلى أن هذا الأسلوب مرجح لكن القرار النهائي لم يتخذ بعد.
جرود عرسال
في هذا الوقت، شهدت بلدتا عرسال ولا سيما جرود عرسال ورأس بعلبك إشتباكات وقصفاً مدفعياً من قِبَل الجيش الذي استهدف نقاطاً وتحركات للمسلحين المتمركزين في الجرود، في أعقاب غارة الطيران المروحي التي نفّذها الجيش مساء أمس الأول على جرود عرسال.
وإذ أفيد عن سقوط إصابات في صفوف عناصر جبهة «النصرة»، تحدثت معلومات عن مقتل مساعد «أمير» هذه الجبهة في القلمون السورية أبو مالك التلي في غارة الليل.
ولفتت معلومات الی ان هذا القصف لمواقع المسلحين طاول ليلا جرود القاع ورأس بعلبك وعرسال بالمدفعية الثقيلة، حيث سمعت أصوات القصف في سائر بلدات البقاع الشمالي والهرمل، مع تسجيل سماع أصوات تحليق مروحيات الجيش في الأجواء.
تزامناً، تمكّنت دورية من مخابرات الجيش من توقيف عشرة سوريين كانوا دخلوا الأراضي اللبنانية خلسة خلال توجههم إلى عرسال، بعد أن مكثوا أياماً عدّة في بلدة «غزة» في البقاع الغربي، وعثر في حوزة بعض هؤلاء الموقوفين على بطاقات صحية وتلقيح تحمل شعار تنظيم الدولة الإسلامية من منطقة الرقة.