على وقع معارك حلب، بتداعياتها السيكولوجية والسياسية، يحاول تنظيم «داعش» وما باتت تسمى بـ«جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة) اختراق الشمال اللبناني ثانية، ولكن بطريقة مختلفة هذه المرة وسيكون لها تأثيرها على مجمل الساحة اللبنانية...
وتشير معلومات موثوقة الى ان خطة الاختراق تستند الى تأكيدات من جهات لبنانية تنتهج خطاً عقائدياً قريباً من خط التنظيم والجبهة بأن الوضع اللبناني هو «حتماً» في الطريق الى الانهيار، حتى ان هذه الجهات تلجأ الى تصريحات لمسؤولين لبنانيين في هذا الاتجاه...
المسألة لا تتعدى، في المرحلة الاولى، اكثر من «الضرب على الزجاج»، فالدولة تتناثر في لبنان الذي سيشهد تباعاً سلسلة من الانفجارات السياسية والاجتماعية التي تستتبع، حتماً، انفجارات امنية لا بد من اتخاذها كمظلة للنفاذ ليس فقط الى الشمال اللبناني بل الى العمق...
واللافت ان المعلومات تشير الى ان مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية ستشهد تطورات على الساحة السورية قد تساعد او تفرض العودة، وبقوة، الى لبنان، ليتبين من قراءة دقيقة لهذه المعلومات ان هناك عواصم اقليمية ترعى، بصورة او باخرى، التنظيمات المتطرفة،  ستؤمن «بطريقتها الخاصة» ما يمكن ان يسمى «الغزوة الثانية» للبنان.
هذا من اجل ارساء قواعد جديدة للعبة الداخلية في لبنان، وان اقتضى الامر خوض مواجهة مع «حزب الله» ومع التأكيد على ان هناك خلايا لم يتم اكتشافها حتى الان، ويمكن لها ان تصعد الى السطح بمجرد ان تعطى لها الاوامر بذلك.
هذه ليست المعلومات الوحيدة التي يتم تداولها وراء الضوء، ثمة احاديث عن «اشهر خطرة» وان هناك من يعد لعمليات اغتيال حساسة وتكون لها تداعياتها الدراماتيكية على المشهد اللبناني.
احد المشايخ، وفي خطبة الجمعة، وصف الجمهورية اللبنانية بـ«الجمهورية الميتة» وحيا «جيش الفتح» وسلاطين بني عثمان، مشددا على ان الراية (اي راية) سترفرف في كل الانحاء.
وفي الاتصالات التي تجري من اجل الا تخرج جلسة الحوار بـ«سلة فاضية» في 5 ايلول المقبل، كان هناك من يحذر بأن التنظيمات الارهابية تتربص بالساحة اللبنانية، وانها تنتظر اي هزة سياسية او امنية او اجتماعية من اجل التسلل الى العمق اللبناني.
الاجهزة الامنية بكامل استعداداتها لمواجهة اي احتمال، هذا في الاوقات العادية، غير ان مسؤولين كبار يعتبرون ان فشل جلسة الحوار يعني الدخول في «النفق الكبير»، لا سيما وان الرهان على اي انقسام في الوضع الاقليمي استحال الى سراب.
مصادر ديبلوماسية عربية واجنبية تقول ان فشل المفاوضات حول اليمن يؤشر على ان الحل السوري قد يستغرق عقداً كاملاً. هذه مدة كافية لكي تختنق الدولة في لبنان ان بموجات النازحين، او بالتدهور الاقتصادي والاجتماعي.
والنتيجة ان التنظيمات المتطرفة ستكون جاهزة للتحرك مع محاولات دؤوبة للدخول في النسيج اللبناني، اي ان حالة الاجترار الراهنة لن تستمر. الكل يتحدثون عن انزلاق لبنان نحو المجهول مما يتسرب من الغرف المقفلة يشير الى التباين الكبير في النظرة الى المستقبل. هناك من يعتبر ان كل التطورات تعمل لمصلحة العماد ميشال عون الذي سيدخل الى قصر بعبدا قبل نهاية العام الحالي، وان حديث «التناغم» هو حديث حقيقي،  ويمهد للسيناريو الخاص بالتمهيد للحدث السعيد.

 صخرة على طريق القصر 

وهناك من يرى ان عون هو بمثابة «الصخرة» التي ليست فقط على طريق القصر بل على طريق الدولة، ودون ان يكترث بالانعكاسات الكارثية للازمة، حتى ان قطباً سياسياً يعتبر ان الجنرال لن يبقى بالحجم اياه حين يكتشف انه داخل زنزانة دستورية وبما تعنيه الكلمة.
هذا القطب يشير الى ان حليفه «حزب الله» هو الذي يدفع ثمن وقوفه الى جانبه والى حد اتهامه بتعطيله الاستحقاق الرئاسي، وبشل الدولة، من خلال مقاطعته للجلسات الانتخابية مع ان نواب الحزب لا يذهبون الى ساحة النجمة الا بصحبة عون والنائب سليمان فرنجية، اي ان المشكلة ليست في الحزب وانما في رئيس تكتل التغيير والاصلاح الذي تساوره الشكوك من تلك «اللحظة الشكسبيرية» لتهريب مرشح آخر الى قصر بعبدا.
في 8 آذار اسئلة من قبيل هل فشل الدكتور سمير جعجع في اقناع  الرئيس سعد الحريري بتبني ترشيح عون ما دام فرنجية قد صرح، علناً بأنه مستعد للانسحاب اذا ما حصل المرشح الآخر على الاجماع الوطني...

 جعجع والخفايا 

مصادر رفيعة المستوى في 8 آذار تعتبر ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» يعرف الكثير من خفايا الداخل ومن خفايا الخارج، لتسأل ما اذا كان جعجع الذي يردد، بصورة متواصلة، ان «حزب الله» لا يريد الجنرال رئيساً، فهل هو يريد، فعلاً، برؤية هذا الاخير في القصر الجمهوري، ام ان ترشيحه له لاحراقه، وبالدرجة لقطع الطريق على رئيس تيار المردة والوصول الى القصر؟

 مورفي والادغال اللبنانية 

ريتشارد مورفي، المبعوث الاميركي صاحب العبارة الشهيرة «الضاهر او الفوضى»، تحدث في نهاية التسعينات عن تجاربه في الشرق الاوسط، واصفاً الاوضاع السياسية في لبنان بـ«الادغال» وحيث يتداخل اللبناني مع السوري مع الفلسطيني مع الايراني مع السعودي مع الاسرائيلي.
وله هذا التوصيف المثير «بالرغم من ان مساحة لبنان لا تتعدى الـ10 آلاف كيلومتر مربع، كما ان عدد سكانه بالكاد يناهز الـ4 ملايين فانه عبارة عن دول داخل دولة»، اي ان كل حي من احياء بيروت تابع لدولة،  والانتقال من حي الى آخر هو اشبه ما يكون بالانتقال من دولة الى اخرى...
وعلى هذا الاساس، لكل من هذه الدول رأيها في شخصية الرئيس ومواصفاته وحتى في فرشاة الاسنان التي يستخدمها.
ولا يعرف ما اذا كانت السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد قد اطلعت على كلام واحد من ابرز مساعدي وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط، لكن سلفها ريتشارد جونز كان يقول انه البحث عن رئيس الجمهورية بين خيوط العنكبوت.
كلام عن ان رئيس حزب الكتائب سامي الجميل يزمع التقدم بمبادرة  بعدما كان زار فرنجية في بنشعي التكهنات تنتشر في اكثر من مكان 3 سنوات لعون و3 سنوات لفرنجية... هل معقول؟

 معادلة اينشتاينية 

حين سألت «الديار» رئيس حكومة سابق رأيه قال «هذه معادلة اينشتاينية» ليستدرك ان هذه معادلة منطقية، مشيرا الى ان هناك من سيعترض، حتماً، باعتبار ان ذلك من جهة تلاعب بالدستور، ومن جهة ثانية مس بـ«المدة المقدسة» للولاية كما لو ان الفراغ ليس انتهاكاً للدولة التي هي اهم من الدستور واهم من الولاية.
في الكواليس ان الفاتيكان، الخائف على زوال «الحلم اللبناني» حقق «خرقاً ديبلوماسياً» يمكن ان يساعد على انجاز الاستحقاق الرئاسي، وان كانت تطورات الساحة التركية التي تستتبع، حكماً، تطورات على الساحة السورية قد ترجىء لبعض الوقت وصول «الكرة الديبلوماسية» الى بيروت.
المراجع اللبنانية تبدو في حالة انتظار للاتصالات «الفائقة الاهمية» التي تجري حالياً، ودون ان تكون الهدنة الروسية في حلب بعيدة عن الخطوط الديبلوماسية التي فتحت على وجه السرعة بعد قمة سان بطرسبرغ. رئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان في موسكو، ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى انقرة، ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الى طهران...
السؤال هنا اين هي الديبلوماسية الاميركية، وهل يمكن تسوية الصراع في سوريا بمعزل عن خط واشنطن - الرياض، وان كانت العاصمتان تختلفان في نقاط كثيرة حول طريقة التعاطي مع مجمل الملف السوري.
الاميركيون انفسهم كانوا يقولون ان نصف الازمة السورية على الاقل بين يدي رجب طيب اردوغان، النصف الآخر موزع على كل الاطراف الاخرى التي لا يمكن ان يكون تأثيرها مماثلاً لتأثير تركيا التي تجمعها مع سوريا حدود بطول 845 كيلومتراً والتي لديها امكانات بشرية وعسكرية واستخباراتية تفوق ما لدى دول المشرق العربي مجتمعة واكثر.
حتى العيون اللبنانية على خط موسكو - انقرة مروراً بطهران، لا انتظار لازمة اليمن التي عادت الى نقطة الصفر وستبقى في نقطة الصفر، وان كانت هناك اوساط ديبلوماسية تعتبر ان المسألتين السورية واليمنية تتقاطعان في نقطة ما، لموسكو دورها، للربط بين التسويتين..
تبقى مشكلة التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي قناة N.B.N تحدثت عن «بحث جدي في موضوع القادة الامنييين الثلاثة ستتم مناقشته حين يعود وزير الدفاع سمير مقبل من الخارج»، اي ان ملف قائد الجيش هو ضمن الثلاثة مع رئيس الاركان دون ان توضح اتجاه البحث.
الى ذلك، كان لافتاً تأكيد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بان بلاده «ستكون حاضرة دائماً لضمان امن لبنان»، مضيفا« بـ«ان الرهان يكمن في الحفاظ على وحدة لبنان ووحدة اراضيه، وعلى البلدين اللذين يضربهما الارهاب ويكافحان هذه الآفة ان يظهرا تضامناً كبيراً».
وتحدث عن «تعبئة خاصة من اجل مسيحيي الشرق في مواجهة معاناتهم»، مشدداً على ان وجودهم «لا غنى عنه لانهم يساهمون تحديداً في توازن المنطقة.