لكي لا يلدغ البيارتة من الجحر نفسه، وحتى لا يعود النزف من الجرح نفسه فتتكرر تجربة الذل نفسها حين ضاقت الأرض بما رحبت على نفايات العاصمة الحاضنة لكل اللبنانيين من مختلف الطوائف والمذاهب والمناطق، كان لا بد لبلدية بيروت أن تسارع إلى تدارس البدائل العلمية والتقنية والبيئية التي تتيح لها الاستقلالية في معالجة نفاياتها بآلية «التفكك الحراري» وعلى هذا الأساس جاء طلبها بالأمس من مجلس الوزراء استثناءها من الخطة المرحلية الموضوعة، الأمر الذي استمهل المجلس في الرد عليه مع الموافقة على تكليف لجنة برئاسة الوزير أكرم شهيب درس الملف و«العودة برؤية واضحة مبنية على معطيات». في وقت كانت الخطة الحكومية المرحلية للنفايات تتعرض لتحرك «كتائبي» مضاد عند موقع مطمر برج حمود للمطالبة بوقف المشروع، وهو مطلب أعرب شهيب عن رفضه قائلاً لـ«المستقبل»: «بين أزمة تفشي النفايات في الشوارع والأحياء التي كادت تطيح ببيئة لبنان وبصورته وبآخر مواقع الدولة والسلطة التنفيذية، وبين الحل الذي اعتمدناه في «نهر الغدير» (الكوستابرافا) و»برج حمود»، فإنّ الخطة التي وضعناها هي الحل الوحيد الممكن والمقبول والعمل قائم ومستمر لإنهاء المرحلة الأولى منها».

وإذ أوضح أنّ «الخطة التي تمت الموافقة عليها في مجلس الوزراء وبحضور كافة الوزراء حينها قد لا تكون الحل الأمثل لكنها بالتأكيد الحل الممكن الوحيد»، علّق شهيب على التحرك الاعتراضي الكتائبي بالأمس فقال: «حزب الكتائب حزب عريق ووزراؤه أدركوا على الرغم من النقاشات الحادة والطويلة حول الموضوع أنه الحل الوحيد، أما الكلام اليوم عن أنّ الحل ليس بيئياً فهو كلام ليس في مكانه، فلنذهب معاً إلى الكلام العقلاني والعلمي ولتكن هناك متابعة للعمل بعد إقرار الخطة من قبل كل القوى السياسية بما فيها حزب «الكتائب» الذي يعي تماماً مسؤولية الحفاظ على الاستقرار خلال تنفيذ الخطة التي أقرها مجلس الوزراء خوفاً من عودة النفايات إلى بعض المناطق»، مع إشارته إلى أنّ أهالي برج حمود عانوا ما عانوه على مر السنين من تكدس «جبل النفايات» من منطقة المتن وساحل المتن.

ورداً على سؤال، أجاب شهيب: «قمنا بجولة في منطقة نهر الغدير بمشاركة رئيس بلدية برج حمود الذي اطلع على الأعمال حيث بدا العمل الجدي واضحاً تماماً، فضلاً عن إيضاح كل النقاط التي طرحها رئيس البلدية وحزب «الطاشناق» وبعض المهندسين من قبل مكتب دولة الرئيس تمام سلام بحضور مجلس الإنماء والإعمار»، وأردف داعياً «كل من يعترض إلى إرسال أصحاب خبرة واختصاص لمتابعة الأعمال ومراقبة أي خلل في التنفيذ إذا كان موجوداً»، وختم بالقول: «فلننقذ المنطقة المصابة منذ سنوات الحرب بجبل النفايات والحكمة تقضي بدعم المشروع وليس بتعطيله، وأظن أنّ حزب «الكتائب» حريص على عدم عودة النفايات إلى الشوارع والأحياء وبين منازل المواطنين».

دي فريج وباسيل

بالعودة إلى مجريات جلسة مجلس الوزراء أمس، فقد أوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنها كانت «عادية» بمجملها باستثناء السجال الذي دار بين الوزيرين نبيل دي فريج وجبران باسيل رفضاً من الأول لإصرار الأخير على تسييس الملفات التقنية. وفي التفاصيل أنه حين رفض رئيس الحكومة إثارة ملف الاتصالات في غياب الوزير المعني بطرس حرب، أجابه باسيل بأنّ هذا الملف هو ملف سياسي بامتياز كما هو الحال بالنسبة لملفات الكهرباء والماء و«سد جنة»، عندها طلب دي فريج الكلام رافضاً إعطاء ملف «سد جنة» صبغة سياسية وقال: «من غير الممكن مقاربة ملف يؤمن الماء لأهل بيروت من زوايا سياسية، ورفضنا له مبني على دراسات بيّنت كلها أنّ المشكلة في ملف سد جنة تقنية بحتة لا سياسية، لكن بما أنّ الوزير باسيل لا يملك حججاً تقنية داعمة للملف فهو يحاول تسييسه». فردّ باسيل متوجهاً إلى دي فريج: «بكرا لمّا يمشي سد جنة بتتأكد إنو سياسي»، وهو ما أجاب عليه دي فريج قائلاً: «إذا مشي بالسياسة بتكون سرقة مش معناها تأمنت الشروط التقنية اللازمة».