كما في مستهل كل جلسة لمجلس الوزراء، يكرر رئيس الوزراء تمّام سلام أمام ضيوفه المطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت باعتبار ان استمرار الشغور الرئاسي أثر ويؤثر سلباً على عمل باقي المؤسسات الدستورية. وقال الرئيس سلام لـ"النهار" ان "لا حل الا بانتخاب رئيس للجمهورية يعيد انتظام الحياة السياسية. وأؤكد ان لبنان يحتاج الى رئيس حكيم وحكم بين الناس، وثمة ستة أو سبعة أسماء من خارج الاسماء الاربعة المتداولة يمكنها القيام بهذه المهمة".
ورداً على ما يحكى في أوساط "التيار الوطني الحر" عن حل رئاسي في أيلول أو مواجهة في تشرين، أبدى رئيس الوزراء تشاؤمه باقتراب موعد الحل اذ ان ايلول على الأبواب، ولا ضوء في الافق. وأضاف: "معاناتنا طويلة في ظل هذا القصور في الملف الرئاسي وهو قصور يتكرر منذ زمن الاستحقاق الرئاسي".
لكنه لم يتخوّف من مواجهة "فالظروف غير مهيأة لمواجهة. ومن سيواجه من؟ لا امكان لمواجهات لان الجميع في مأزق ولو توافرت الظروف قبل اليوم لكانت المواجهة وقعت منذ زمن. الفعل الممكن هو الاستقالة من الحكومة، وهو لا يقدم شيئاً، بل بالعكس يسيء الى المؤسسات ويدفع الى انهيار اضافي. ولا يمكن تهديدي بهذا الأمر إذ انني حسمت أمري في هذا الاتجاه، وترددت أمام المسؤولية الوطنية. ولكن اذا صمم اللبنانيون على خراب بلدهم فلا يمكن أي قرار دولي ان يحفظ استقرارهم، فالمجتمع الدولي حريص على استقرار لبنان لكن هذا الحرص يسقط أمام ارادة اللبنانيين".
وأشار الرئيس سلام الى ان "الوضع المالي جيد، لكن الوضع الاقتصادي ليس جيداً. إلاّ أن الوضع المالي لا يمكن ان يستمر محصناً اذا استمر الوضع السياسي في التراجع، وقد اضطر مصرف لبنان الى اتخاذ اجراءات لاعادة هندسة الوضع المالي للمحافظة على الاستقرار المالي لانه يواجه وضعاً معقداً دولياً ايضاً".

 

مجلس الوزراء
وعلمت "النهار" من مصادر وزارية ان الرئيس سلام إستطاع من خلال الحزم الذي أبداه في مستهل جلسة مجلس الوزراء العادية أمس أن يشيع أجواء مؤاتية لإقرار معظم جدول الاعمال ببنوده الـ59. فقد دعا الوزراء الى "وضع الخلافات جانباً ومباشرة إقرار المشاريع المطروحة لإن الناس لا يستطيعون إنتظار الجدل البيزنطي فيما قضاياهم جامدة". ورفض "إثارة أي موضوع خارج هذا الاطار". وأكد "أن المرحلة الحالية دقيقة كما أن إستمرار الشغور الرئاسي أخذ منحى مختلفا عن السابق في ضوء المبادرات الداخلية والخارجية التي لم تسفر عن أية نتيجة".
وشدد على "ان خطة النفايات لا يجوز المسّ بها لأن البلاد لا تتحمل عودة شبح النفايات مجدداً". وأعلن انه سيواكب عن كثب "تطور موضوع النفايات".
وأوضحت المصادر ان ثمة بنوداً خلافية لم تبصر النور مثل موضوع معالجة بيروت لنفاياتها بالتفكك الحراري كما لم يمر موضوع تعيين فائض الاساتذة الثانويين وكذلك إتفاق رضائي مع إحدى الشركات في شأن مطبوعات وزارية.

سلامة الغذاء
الى ذلك، خطا مجلس الوزراء خطوة مهمة في ما يتعلق بقانون سلامة الغذاء بموافقته على إطلاق آلية تعيين رئيس الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء ونائب رئيسها وأعضاء مجلس إدارتها وذلك من طريق وزارة التنمية الادارية ومجلس الخدمة المدنية. ووصف رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاطف مجدلاني لـ"النهار" ما صدر عن مجلس الوزراء بإنه "خطوة جديّة" نحو تعيين الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء. وقال انه اختيار الاشخاص الذين تنطبق عليهم شروط التعيين سيجري بناء على اقتراح من وزير التنمية الادارية، على ان يصار بعد ذلك الى إختيار الكفايات بحسب الاختصاصات. وقال: "لقد إنطلق قطار الهيئة للوصول الى تنفيذ القانون على ان يتم تعيين أعضاء الهيئة في غضون شهرين تقريباً".
وفي سياق ملف النفايات، يشار الى ان طلاب حزب الكتائب نفذوا أمس اعتصاماً أمام مطمر برج حمود رفضاً لاقامته في المنطقة ولم يخل الاعتصام من مناوشات مع قوى الامن الداخلي.

هولاند ولبنان
على صعيد آخر، برز تأكيد جديد امس للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان "فرنسا ستكون حاضرة دائماً لضمان أمن لبنان"، مشدداً على "التعبئة الخاصة" من باريس "من اجل مسيحيي الشرق".
وقال خلال تدشين مستثمرين لبنانيين فندقاً فخماً في ارنا بومبادور بوسط فرنسا: "في كل مرة تتعرض فرنسا لهجوم، يقف اصدقاؤنا اللبنانيون الى جانبنا، وفي كل مرة يهاجم لبنان، وقد حصل ذلك في الأيام الاخيرة، نحن بدورنا الى جانبه".
وأضاف: "سنكون دائماً حاضرين لضمان امن لبنان"، مذكّراً بأن جنوداً فرنسيين "موجودون في لبنان ضمن قوة اليونيفيل" الموقتة التابعة للأمم المتحدة في الجنوب.
ورأى ان على البلدين "اللذين يضربهما الارهاب" و"يكافحان هذه الآفة" ان "يظهرا تضامناً كبيراً". وأفاد ان "الرهان" يكمن في "الحفاظ على وحدة لبنان ووحدة أراضيه"، وقال: "تعلمون حرص فرنسا على لبنان".
وتحدث أيضاً عن "تعبئة خاصة من أجل مسيحيي الشرق في مواجهة معاناتهم"، مؤكداً ان وجود هؤلاء "لا غنى عنه لانهم يساهمون تحديداً في توازن" المنطقة.
وختم: "أعلم أن البابا ملتزم تماماً عدم نسيان مسيحيي الشرق في هذه الازمة الرهيبة، لكنني وددت ان أقول لكم ان فرنسا بدورها ملتزمة هذا الامر".