تعهد الجيش اللبناني عشية عيده لجميع اللبنانيين بكل فئاتهم، ببقاء أعينه ساهرة لمكافحة الإرهاب على مدار الساعة وعلى امتداد كل مساحة لبنان.
ورفع الجيش شعار “24 على 24 وعلى 10452” أي أنه مستنفر على مدار الساعة وفي كامل مساحة البلاد استباقا لأي عمل إرهابي محتمل، ومنعا للإخلال بالأمن.

وكان الجيش قد تعرض منذ فترة إلى حملات تشكيك كثيرة حول قدرته على مواجهة التحديات الأمنية الكبيرة التي تعصف بلبنان جراء الإرهاب المتمادي الذي تفشى إثر الأزمات المندلعة في المنطقة، ولكن الجيش اللبناني نجح في إسكات كل هذه الانتقادات عبر سلسلة من الإنجازات الميدانية اليومية التي جعلته حالة وطنية عامة متجاوزة لكل الانقسامات السياسية التي تضرب البلد.

ودفعت خصوصية مؤسسة الجيش بدول عديدة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية إلى دفعه، لأنه وعلى الرغم من إمكانياته المحدودة، قد استطاع أن يجعل من لبنان منطقة آمنة مقارنة مع دول الجوار.

ولعل أبرز المؤشرات التي تدل على نجاح الجيش في مكافحة الإرهاب هو إقدام البعض من المطلوبين في مخيم عين الحلوة على تسليم أنفسهم إلى الجيش اللبناني بعد أن حاولت بعض القوى المتطرفة في المخيم منعهم من ذلك.

ويدل هذا الحادث على أن القوى المتطرفة في مخيم عين الحلوة الذي يعد المخيم الفلسطيني الأكبر في لبنان، والذي تساق أخبار كثيرة مؤخرا حول ظهور فيه لعناصر تنتمي إلى تنظيم داعش المتطرف، ليست قادرة على تأمين مناخ مناسب لتوسعها ونشاطها في المخيمات بفضل المراقبة اللصيقة للجيش والتنسيق العالي بينه وبين الفصائل الفلسطينية، كما يدل من ناحية أخرى على أن الجيش هو مؤسسة موثوقة شرعية تتمتع بمصداقية عالية لا تتوفر عند أي طرف سياسي أو حزبي في البلد.

ويشرح النائب اللبناني عمار حوري الأسباب التي أدت إلى نجاح الجيش اللبناني في حربه ضد الإرهاب إذ يعتبر أنها تعود إلى جملة معطيات أبرزها “الإرادة والتصميم اللتان تسودان صفوف الجيش اللبناني، الذي نجح في انتزاع إجماع وطني عام حوله على الرغم من كل الانقسامات السياسية التي تعصف بالبلاد”.


عمار حوري: الجيش لديه إمكانيات جيدة، ولم تتضاءل قدراته بسبب التجاذبات السياسية
ويرفض حوري الفكرة التي تقول إن إمكانيات الجيش ضعيفة، ويعتبر أن تلك الفكرة السائدة غير صحيحة بل إن “الجيش لديه إمكانيات جيدة، وقد وصلت إليه مؤخرا مساعدات من عدة جهات، ولم تتضاءل قدراته أبدا بسبب التجاذبات السياسية التي أدت إلى وقف الهبات الخليجية، بل اقتصر التأثير السلبي لوقف المنح على انخفاض جزئي بسيط من تنامي عملية تسليح الجيش وزيادة قدراته”.

من جهته يعتبر النائب عن كتلة القوات اللبنانية أنطوان زهرا أنه يسجل للجيش اللبناني أنه “نجح في ظل إمكانياته الحالية في تحقيق إنجازات كبرى، تتمثل في إلقاء القبض على عدد كبير من العناصر التي تنتمي إلى مجموعات إرهابية، وإحباط مخططات تفجيرية في أكثر من منطقة، وإفشال عمليات للتسلل التي يمكن أن تحدث في دول تمتلك إمكانيات تفوق بكثير ما لدى الجيش اللبناني”.

ويضيف “يكفي أن لبنان وعلى الرغم من كل التجاذب السياسي الحاد نجح بفضل الجيش على الحفاظ على استقرار نسبي مقارنة بمحيطه الملتهب؛ نجاح الجيش في حربه على الإرهاب يعود إلى تمتعه بإرادة صلبة وبغطاء سياسي مهم”.

ويؤكد زهرا أن إنجازات الجيش اللبناني دفعت بالعديد من الجهات الدولية إلى دعمه حيث أن “هناك عمليات تزويد للجيش بالسلاح الذي يحتاج إليه، وكان قد سبق للبعض السخرية من المساعدات التي تلقاها الجيش سابقا بحجة أنها بالية ولا قيمة لها، ولكن قائد الجيش رد حينها على هذه الانتقادات مبينا أن الجيش لا يميل للاستعراض ويطلب بدقة ما هو بحاجة إليه، وقد أثبتت الوقائع صحة تقديرات قائد الجيش حيث أن استعمال الأسلحة والمعدات التي وصلت إلى الجيش كان دقيقا ومناسبا، وسمح له بتحقيق إنجازات كبيرة باتت محل تقدير دولي”.

وحول قدرة الجيش على مواجهة سيناريوهات إرهابية كبيرة يدور الحديث على أنه يتم التحضير لها انطلاقا من مخيم عين الحلوة يقول زهرا “لا أصدق كل تلك الأخبار، وأؤكد أن هناك تضخيما للأمور. الوضع ليس منفلتا كما يشاع لا في المخيمات ولا خارجها، وهذا دليل على قدرة الجيش على ضبط الأمور”.

ويلفت زهرا إلى “فشل المحاولات العديدة التي جرت من قبل أصحاب السلاح غير الشرعي لضرب هيبة الجيش. نجاح الجيش في محاربة الإرهاب أجبر كل الأطراف على الاعتراف بدوره الذي لا يستطيع أحد التشكيك فيه أو التقليل من شأنه”.

من جانبه يقول المحلل السياسي نوفل ضو “لا أحد يحارب الإرهاب في لبنان سوى الجيش اللبناني، الذي استطاع من خلال عقيدة قتالية وطنية أن يثبت أنه الطرف اللبناني الشرعي الوحيد القادر على إنجاز هذه المهمة الصعبة. سلاح الشرعية الذي يحظى به دون سواه يعطيه تفوقا وخصوصية على كل الأطراف الأخرى التي تدّعي محاربة الإرهاب”.

ويشير ضو إلى أن “إنجازات الجيش اللبناني في مجال مكافحة الإرهاب جعلته مؤسسة تحظى بثقة العديد من الأطراف الدوليين والتي قررت المباشرة في تزويده بالعتاد والسلاح؛ فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وجدت فيه الطرف اللبناني الذي تتشكل محاربة الإرهاب صلب عقيدته، وقد أثبت الجيش أنه يتمتع بشبكة دعم دولي تسمح له بالحصول على ما يريده ،من أجل إنجاح حربه المفتوحة ضد الإرهاب”.

شادي علاء الدين: العرب