الخطأ الوحيد الذي ارتكبته لائحة "لطرابلس"، والتي ألحق بها الوزير أشرف ريفي هزيمة هائلة في الانتخابات البلدية، هو أنها "تباطأت وتكاسلت ولم تُعط للمعركة حقها من الجهد".


هذا ما سربه الرئيس نجيب ميقاتي لجريدة الأخبار، والأخير اعترف بأنه نصح ابنته بأن لا تُرهق نفسها بالمجيء إلى طرابلس للإقتراع، ذاك أن "الفوز مضمون" على ما نسبت الصحيفة له.


والحال أن هذا التفسير للهزيمة هو جزء من علاقة طرابلس والطرابلسيين مع زعماء مدينتهم، ففي عرف الأخيرين يُساق الناخب إلى صندوق الاقتراع من دون الحاجة إلى مخاطبته بغير لغة المُساقين. على هذا النحو يُفسر زعماء المدينة من نواب ووزراء علاقتهم بناخبيهم. الخطأ هو خطأ تقني اذاً، ولا رغبة لمراجعة أخرى للهزيمة الهائلة التي أصابت تحالف ضم كل زعماء المدينة.


المهزومون في طرابلس هم سعد الحريري ونجيب ميقاتي ومحمد الصفدي وفيصل كرامي والجماعة الاسلامية والأحباش والحزب العربي الديموقراطي (العلوي) ومسيحيون يمثلون تقاطعات بين سليمان فرنجية وروبير فاضل، وكل هؤلاء أسقطهم "خطأ تقني"!


لنفكر قليلاً بما يجمع هؤلاء، غير الجاه المُتخيل والنفوذ المتآكل. ما يجمعهم أنهم لا شيء لديهم ليقولونه للناخب الطرابلسي. جل ما لدى نجيب ميقاتي ليقوله هو "الانماء"! وهي عبارة لا معنى لها على الإطلاق في لحظة شديدة السياسية، ناهيك عن أنها منصة ابتزاز سبق أن خبرها الطرابلسيون، خصوصاً عندما صُنفت مدينتهم بأنها أفقر مدينة على ساحل المتوسط.


لنسأل أيضاً ماذا لدى سعد الحريري ليقوله للطرابلسيين؟ لقد رشحت لكم خصمكم السياسي وحليف بشار الأسد الأول في لبنان لمنصب رئاسة الجمهورية! ماذا يُمكن أن يُثمر هذا الترشيح انتخابياً في طرابلس؟


ولعل أشد ما يُعبر عن قلة اكتراث السياسيين الطرابلسيين بعقول ناخبيهم هو ترشيح ممثل للأحباش على اللائحة، على رغم ما يستفزه الأحباش في الناخب العادي. هذا ليس خطأ تقنياً على الاطلاق، انما هو جزء من اعتقاد السياسيين أن لا قيمة لمزاج الناخب، وان بامكانهم سوقه إلى صندوق الاقتراع مهما كانت طبيعة اللائحة.


الاختبار كان قاسياً من دون شك، وفي أعقاب الهزيمة شرع أطرافها بتبادل الاتهامات عن المسؤولية عن الهزيمة. تفسير ميقاتي لأسبابها لا يؤشر إلى استيعابه الصدمة حتى الآن. أما الحريري وتيار المستقبل، فمن المفترض أن يكون للهزيمة في طرابلس بالنسبة اليهم طعم مختلف. فمن فاز في الانتخابات حاز على أصواتهم بالدرجة الأولى، وثمة مسؤول وثمة خطاب تسببا بالهزيمة.


كلنا اعتقدنا انه من الصعب الحاق هزيمة بـ"لطرابلس"، وأن خرق لائحة مشكلة من ترسانة "القوى الكبرى" فيها أمر يصعب تخيله. المدينة صفعتنا جميعاً، وما جرى فيها، وبغض النظر عن نتائجه الواقعية، كان درساً جميلاً. فأن تقول مدينة "لا" لكل هذه القوى، فإن في ذلك صفعة لمن يعتقد أن الناس قطعاناً.

 

المصدر ناو: حازم الامين