سأل أحدهم على "تويتر": "نظرة الخوف يللي كانت بعيونو لمحمد ما ذكرتك بإبنك؟". طبعاً يتوّجه بالسؤال الى والد الشهيد محمد حمية الذي قتل محمد الحجيري، وهو إبن شقيق مصطفى الحجيري الملقّب بـ "أبوطاقية"، في عملية ثأرية جاهر بها علناً على الوسائل الإعلاميّة.

برأي السائل وكثير من المنددين بهذه الجريمة، تحوّل معروف حمية من "والد شهيد الى قاتل".

لكن في مقابل وسم #حمية_قاتل، غرّد آخرون موّجهين #تحيه_لبيت_حميه معتبرين أن #الدوله_السايبه تعلّم شعبها الإجرام.

  هكذا، بين متعاطف ومتفهم لردّ فعل الوالد المفجوع بابنه والمصاب في صميم القلب وجعاً لا يُحتمل وهو يرى "قاتلي" ابنه طليقين حرين، وبين مندد بالقتل أياً تكن أسبابه، انقسم الرأي العام اللبنانيّ، واقعياً وافتراضياً.

وما بين بين، ثمة من وجد نفسه عاجزاً عن ايقاف تأرجح موقفه.   "الموضوع حسّاس للغاية"، يقول وزير الداخلية السابق مروان شربل في اتصال مع موقع "لبنان24".

رافضاً الاسترسال في تصريحه، يكتفي بالإشارة الى أن عمليات الثأر لطالما كانت موجودة لدى كل الطوائف، ليس في لبنان وحسب، بل في بلدان اخرى ايضاً.

هذا هو الواقع الذي لا يحبذه شربل، لا سيّما في هذه الظروف التي نمرّ بها، على رغم تحسسه وجع أهل الضحايا والشهداء. يؤكد أن "الدولة موجودة والأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها، لكن لنعترف أن الوضع الداخلي دقيق والظروف الحالية صعبة ومعقدة للغاية".

ويتابع: "عند استشهاد الشهيد محمد حمية صدرت اتهامات بحق اشخاص من عرسال وكان من المفترض ان يتمّ استجوابهم لمعرفة الحقيقة، وبالتأكيد لم نكن لنصل الى ما وصلنا اليه".  

ورداً على سؤال حول احتمال تأثير هذه الجريمة على قضية العسكريين المختطفين لدى "داعش"، يجيب: "من الصعب التكهن بذلك، ففي الماضي القريب نجح الجيش اللبناني بقتل قياديين كبار لدى هذا التنظيم وقصف مراكزه، ولم نر اي ردّ فعل يتعلق بالعسكريين. الموضوع يطرح اكثر من علامة استفهام".

  من جهته، علّق المحامي والخبير في القانون الدستوري والدولي الدكتور أنطوان صفير في حديث لموقع "لبنان 24" على هذه الجريمة بالقول: "إنها تهزّ الضمائر فعلاً، فكل عملية قتل أيا تكن مسبباتها هي خارجة عن الانسانية والقانون، والأخطر هي عمليات الثأر لأنها قد تقابل بثأر آخر بين أشخاص من طوائف ومذاهب مختلفة، في منطقة دقيقة تحمل كمّا من التعقيدات، وتدخلات من منظمات غير لبنانية تسعى الى ضرب النسيج اللبناني".  

صفير الذي كان يحلّ ضيفاً في البرنامج الصباحي على محطة OTV حين جرت المكالمة الهاتفية مع والد الشهيد حميّة ليعلن عما قام به ويهدد بالمزيد، يقرّ أنها كانت "لحظات صادمة ومفاجئة، مع العلم بأن الوالد حمية كان قد هدد مراراً بأنه سوف يأخذ بثأر ابنه... لكن التهديد شيء والتنفيذ شيء آخر!"

لا يخفي صفير تخوّفه من أن تؤدي هذه الجريمة الى اندلاع فتنة قد تمتد الى العمق اللبناني، لذلك يرى أن من واجب المسؤولين في المذاهب والطوائف والمناطق العمل على وقفها عند هذه الحدود.

  "الجمرة ما بتكوي الا محلا"، يعترف صفير، الا انه شخصياً لا يقبل القتل بكل أشكاله. لكن في المقابل لا ينكر ان "احقاق الحق والعدالة معلق حتى اشعار آخر، وان علامات استفهام كثيرة تدور حول معايير دولة القانون والمساواة والحقوق".  

هكذا يتوافق رأيه مع رأي الوزير شربل لناحية أنه "لو تمت معالجة الموضوع في السابق كما يجب لكان الوضع اليوم مختلفاً".

  أما بشأن تأثير هذه الجريمة على العسكريين لدى "داعش"، فيعتقد صفير "ان هذا الموضوع بالتحديد متعدد الجوانب، لذلك قد يحصل ردّ فعل وقد لا يحصل".

  ثمة اجماع اذاً على أننا في دولة تحيط بها النيران وتقترب، واي رياح فتنة تعصف بها قد تؤجج اللهيب والجحيم.

نعم العدالة منقوصة، والشهداء والضحايا لا يرقدون بسلام، في كثير من الاحيان. لكن ان كان الاعدام الذي لا يزال موجوداً في النصوص القانونية اللبنانية يُجابه برفض كبير، علماً ان الدولة هي من تنفذه، فكيف بقبول قتل ثأري، ولو ان من نفذه هو شخص مجروح في الصميم؟!

لبنان 24