عبّر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عن أسفه "أن تتحول أرض الشرق الأوسط التي انطلق منها الانجيل وارتفع صليب الفداء الى أرض حرب ونزاعات وعنف، فتواجد المسيحيين في هذا الشرق يعود الى أكثر من 2000 سنة وقد بنوا مع المسلمين حضارة العيش معا".

  وخلال لقائه الصحافة المحلية في جنوب أفريقيا، أشار إلى أننا "كنا أول من رحّب بالربيع العربي المحقّ في الشرق لأن البلاد العربية بحاجة الى اصلاحات دستورية، لكن الحركات الاصولية اطاحت بالمطالب المحقة وبدأت بالخراب والدمار وانتزاع الشعوب من أرضهم، وهذا ما بات اليوم يشكل خطرا على السلام العالمي لأنه يشجع الارهاب والعنف في العالم ويشكل كارثة على لبنان، الذي يتحمل تبعات هذه الأزمات في بلدان الشرق الأوسط، مع استضافته اكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني وأكثر من مليون ونصف نازح سوري، أي أكثر من نصف سكان لبنان، ما يجعلنا أمام كارثة تربوية واقتصادية واجتماعية وصحية وامنية". واعتبر أن "الحل يكمن في أن تتحمّل الأسرة الدولية مسؤوليتها بايقاف الحرب في العراق وسوريا وفلسطين وايجاد الحلول السلمية والكف عن مساندة الارهاب ومده بالسلاح لأجل مصالح استراتيجية وسياسية".

  وشدد على أن "السياسة العالمية فقدت أخلاقيتها وقداسة البابا فرنسيس الذي قارب العالم مقاربة انسانية، وصف الحرب الضارية بـ "تجارة الأسلحة"، العالم لا يحميه السلاح ولا المال بل الانسانية، والعمل السياسي اليوم وللأسف فقد روح الانسانية التي تجمع البشر على تنوع أجناسهم وألوانهم واعراقهم وفقدانها يجعلنا سجناء أنانيتنا".

  وفي رده على سؤال عن الجالية اللبنانية واندماجها في مجتمع جنوب افريقيا، أشار إلى أن "أفريقيا الجنوبية قامت بخطوات جبّارة للتقدّم على كافة المستويات السياسية والاقتصادية ونجحت في نضالها ضد التمييز، واللبنانيون أتوا الى جنوب أفريقيا التي كانت أرضًا غريبة بالنسبة لهم لكن سرعان ما اندمحوا مع ثقافتها وساهموا في حياتها الوطنية، مع الانتشار الماروني في العالم أصبحت المارونية حاضنة لكافة الجنسيات بانفتاحها على الآخر فهي اغتنت وأغنت الحضارة الأفريقية. لذا فان كنيستنا المارونية غنية بهذا التنوع".

  وخلال لقائه أبناء الجالية اللبنانية واعضاء من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، تمنى أن "يأتي اليوم الذي تتوحد فيه رئاسة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وكلمتها".

  وأضاف: "كم يجرحنا ما نسمعه من بعض اللبنانيين من كلام مهين ومذل بحقّ لبنان، ان هذا النوع من الكلام مرفوض تمامًا، فلبنان هو كرامتنا وهو من اعطانا جنسية وثقافة وتاريخ وجمال وقوة، وهو كنزنا وفخرنا واعتزازنا"، قائلاً: "صحيح ان وطننا يمرّ بصعوبات انما علينا ان نساعده للخروج منها، ولذلك فهو بحاجة الى كل واحد منا".

  ولفت إلى أننا "نشعر بان هناك اهتماما دوليا بلبنان وحرصا على الاستقرار فيه وهذا يعود الى اللبنانيين الذين كسبوا ثقة واحترام وتقدير السلطات المدنية والسياسية في كل البلدان التي حلّوا فيها".