ينطلق اللبناني ميكي شبلي الأسبوع المقبل على دراجته الهوائية من باريس متجهاً الى بيروت في رحلة تستغرق شهراً كاملاً، إلهاماً لأطفال لبنان بالإصرار على تحقيق أحلامهم، ودعماً لمنظمات إنسانية عاملة في بلده، وترويجاً للرياضة التي غيّرت مجرى حياته.

    ويقول شبلي البالغ من العمر 50 عاماً "بدأت الرياضة قبل سنوات قليلة، قبل ذلك كنت غارقاً في دوامة العمل والضغط النفسي.. لقد غيّرت الرياضة حياتي نفسياً وجسدياً".  

يعمل شبلي في مجال التمويل، وقد تصاعد التوتر النفسي في حياته جراء العمل المكثف والأسفار المتتالية، وبلغ ذروته أثناء الأزمة الاقتصادية العام 2008.

  إضافة الى ذلك، "نحن نعيش في بلد صعب، كل شيء فيه قد يدعو الى التوتر والغضب، لكن الرياضة جعلتني أنظر إلى الأمور بشكل أهدأ. لمست فائدتها على جسمي وعقلي، ونزل وزني بعدما كنت سميناً".  

يسافر ميكي الاثنين المقبل الى فرنسا، وينطلق من باريس الخميس على دراجته، متجهاً الى الجنوب، وصولاً الى شمال ايطاليا، ومنه الى جنوبها، ثم يعبر إلى اليونان على متن مركب، ويجوب أرجاءها وصولاً الى الحدود التركية، ثم يجتاز تركيا الى الجنوب وصولاً الى مرسين، وهو يحمل جواز سفر كندياً يسهل عليه عبور حدود الدول.

  ولتعذر دخول الأراضي السورية، ينتقل ميكي من جنوب تركيا الى مدينة طرابلس شمال لبنان بحراً، وينفذ آخر مراحل الرحلة برفقة عدد كبير من سائقي الدراجات الهوائية والنارية الذين سيواكبونه من الشمال اللبناني حتى وسط بيروت، التي يبلغها مساء الثاني من تموز، بعيد حلول موعد الأفطار، حين تكون شوارع بيروت نابضة بالحركة في ليالي رمضان.

  يرغب ميكي من رحلته هذه أولاً تحقيق حلم شخصي، "لطالما كنت أفكر بالمشروع الذي سأنفذه عند بلوغ الـ50، وقد وجدته، وفيه تحدٍّ كبير أودّ أن أخوضه، فعليّ أن أقطع 140 كيلومتراً يومياً في ست ساعات من القيادة السريعة، على مدى شهر" لإتمام هذه المغامرة الممتدة على اكثر من أربعة آلاف كيلومتر.  

اضافة الى ذلك، يأمل ميكي أن يشكل في ذلك مثالاً صالحاً لولديه التوأمين في سن الثالثة عشرة بعدم الخوف من تحقيق الأحلام، وأن تصل هذه الرسالة ايضاً الى اكبر عدد من أطفال لبنان الذين "يعيشون في ظروف عامة صعبة".  

ولهذه الغاية، يجول ميكي على المدارس ملتقياً الطلاب لبث روح الأمل والإقدام فيهم، وفي البداية يشعر أن كثيرين منهم لا يرغبون سماع حديثه عن الجدية والمثابرة، "لكن عندما يشاهدون مقاطع مصورة من رحلاتي تلمع عيونهم ويبدأ كل منهم بالحديث عن أحلامه".  

الى كل ذلك، سيجمع ميكي من رحلته 125 الف دولار من شركات راعية تذهب كلها لجمعيات خيرية، هي مؤسسة "أم النور" لمعالجة إدمان المخدرات، و"ماي سكول بالس" التي تعنى بالأطفال المصابين بالسرطان، و"لي بوتي سولاي" التي تقدّم منذ 19 عاماً خدمة معاينة طبية مجانية للأطفال وقد عالجت حتى الآن 27 الف طفل.  

أما نفقات الرحلة، فسيتكفلها ميكي نفسه وستكون بمثابة مساهمته لهذه الجمعيات.  

لاقى هذا المشروع قبولاً واسعاً في اوساط الشركات والمؤسسات، حتى ان احد المطاعم في بيروت لن يقدم تبرعاً نقدياً بل تعهد في المقابل ان تكون ايرادات كل ايام الخميس من شهر حزيران، اثناء الرحلة، للأعمال الخيرية.

  ولم يحجز ميكي أي فندق طوال رحلته، بل ستواكبه حافلة صغيرة يقودها صديقه دليل رحلات الجبال اللبناني رجا سعادة، ينام ويرتاح فيها.

  ويقول "قد أصل الى قرية جميلة في أي مكان، وأقرر أن أنام فيها، وقد أقرر الاستمرار بالقيادة إن كنت مرتاحاً".

  اما العقبة الوحيدة التي يتخوّف منها ميكي فهي أن يصاب بإرهاق يثنيه عن متابعة الرحلة. "لم أفعل ذلك من قبل، لكن تفكيري أني سأكون متجهاً الى بلدي وبيتي، وتفكيري بولدي، وبالجمعيات التي تنتظر نجاح رحلتي، كل هذا سيجعلني أقوى في تحقيق هذا التحدي".  

(أ.ف.ب)