أكد رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري لـ» الحياة» أنه لمس تجاوباً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال محادثاتهما يوم الخميس الماضي خلال زيارة الأخير بيروت، في شأن طلب لبنان الرسمي منه أن تتولى الأمم المتحدة ترسيم الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية مع إسرائيل.

وأوضح بري أن هذا الموضوع احتل جزءاً رئيساً من المناقشات التي أجراها هو ورئيس الحكومة تمام سلام مع بان، خصوصاً أنه سبقته جهود بذلها بعيداً من الأضواء مع المنظمة الدولية ومع الجانب الأميركي خلال زيارتين قام بهما مساعد نائب وزير الخارجية الأميركية آموس هولشستاين للبنان. وأبلغ بري زواره أنه صبيحة لقائه مع بان استقبل السفير الأميركي في بيروت ريتشارد جونز وتحدث معه في شأن ترسيم الحدود البحرية. وقال بري إنه أثار هذا الموضوع مع بان انطلاقاً من امتداح الأخير للتعاون بين قوات الأمم المتحدة في الجنوب والجيش اللبناني مبدياً ارتياحه إلى أن الجنوب اللبناني يتمتع بحال هدوء نموذجية وأنه أكثر منطقة هادئة في المنطقة. ورد بري قائلاً إن ليس الجنوب وحده الأكثر هدوءاً «بل لبنان كله قياساً إلى ما يجري في المنطقة، والجنوب أكثر هدوءاً في البلد، لكني أخشى من مخاطر بقاء مسألة الحدود البحرية مع إسرائيل من دون حل وأن يؤدي ذلك إلى نشوء «مزارع شبعا» جديدة في عرض البحر وأن يهدد ذلك الاستقرار القائم».

وعلمت «الحياة» أن بري أبلغ بان أن الرئيس سلام سيتقدم بطلب رسمي في هذا الشأن بناء لاتفاقهما على هذا الأمر قبل مجيئه. وقالت مصادر رسمية لـ»الحياة» أن صوغ الطلب استند إلى فقرة في ميثاق الأمم المتحدة، وأخرى في قرار مجلس الأمن 1701، بحيث جاء الطلب مختصراًَ ومسنوداً ما يسمح لبان بأن يقدم اقتراحات عملية في هذا الشأن. وتولى هذه الصياغة بدقة سفير لبنان في الأمم المتحدة الدكتور نواف سلام. ويثق المسؤولون اللبنانيون بأن الوثائق والخرائط والمعايير الدولية هي لمصلحة لبنان في النزاع مع إسرائيل حول ادعائها ضم أكثر من 850 ميلاً مربعاً تحوي كميات من الغاز، إلى منطقتها الاقتصادية.

وينتظر بري مجيء هولشستاين آخر الشهر المقبل بعد أن يكون تلقى جواباً إسرائيلياً ينتظره، رداً على اقتراحات كان تقدم بها في شأن حل النزاع.

وفي معرض تناول موضوع النازحين السوريين في لبنان قال بان لبري أن في لبنان نازحاً واحداً من أصل كل ثلاثة من سكانه، مبدياً تقديره لاستضافة لبنان هذا العدد من السوريين. إلا أن بري صحح قائلاً أن النازحين السوريين هم قرابة مليون ونصف المليون يضاف إليهم زهاء 500 ألف لاجئ فلسطيني من الموجودين أصلاً والذين هربوا من سورية، بحيث يصبح الموجودون على الأرض اللبنانية نصف عدد السكان. وأضاف بري أن هؤلاء جميعاً هم «أخوتنا وضيوفنا ونحن مجبرون على الاهتمام بهم»، وكرر التأكيد أن الحل للنازحين هو بالحل السياسي في سورية، لكن في انتظار ذلك فإن مساعدتهم تتطلب الدعم الدولي الحقيقي خصوصاً أن اقتصاد لبنان يعاني نتيجة هذه الأزمة، ولم تصله المساعدات الكافية الموعود بها التي جاءت أقل مما يفترض. وذكّر بري بأنه كان طرح على البرلمان الأوروبي أثناء زيارته بروكسيل قبل زهاء شهر مجموعة مشاريع لدعم لبنان وخلق فرص عمل للبنانيين وللنازحين ولدعم فوائد سندات الخزينة للدين اللبناني.

ووافقه بان على هذا الاحتساب قائلاً له: «أنا جئت من أجل دعم لبنان ومعي رئيسا البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية لأن لبنان يحتاج إلى ذلك، هناك مساعدات على المجتمع الدولي تقديمها للبلد، لكننا نتطلع أيضاً إلى أن نشهد عودة إلى انتظام عمل المؤسسات وانتخاب رئيس للجمهورية كي تتمكنوا من الإفادة من الاتفاقيات التي وقعت قبل مجيئي إلى هنا، والتي سبق أن حال التأخر في إقرار بعضها في الماضي، دون صرفها. وأقر بري مع الأمين العام بأن هذا ما حصل مع مشروع جر مياه الأولي إلى بيروت. لكنه شدد أمامه على أن المعوقات أمام اجتماع البرلمان للتشريع لا تتعلق بالناحية القانونية لأن الدستور يسمح بانعقاده لهذا الغرض من دون أي مانع، «لكننا نضطر إلى مراعاة بعض الحساسية التي يتصف بها البلد من دور الطوائف». وأضاف بري للوفد الدولي: «لكن في ما يخص الاتفاقات المتعلقة بالمساعدات فإني لن أتردد في دعوة البرلمان إلى البت فيها مثلما فعلنا، في شأن القوانين المالية واتفاقات القروض السابقة التي كانت معلقة أواخر السنة الماضية، «وهذا أمر لن أتهاون فيه».

وقالت مصادر بري أن بان عاد فسأل عن استمرار التأخر في انتخاب رئيس الجمهورية وأسباب عدم تفاهم اللبنانيين، مشيراً إلى الدور الإيجابي الذي يلعبه بري ومعتبراً أنه الوحيد القادر على جمع الفرقاء في الحوار. إلا أن بري أوضح له أنه يستمر في السعي «لكني أعترف لك بأني أصبحت يائساً من أن نتمكن أن نصل إلى مخرج في الداخل اللبناني». وتابع بري: «هناك تطور مهم حصل اليوم (الخميس الماضي) بالإعلان عن وقف العمليات العدائية في اليمن وبدء المحادثات في شأن الحل السياسي وهذا تطور له دلالة يمكن البناء عليه، لعله يحدث تحسناً في العلاقة السعودية الإيرانية». ودعا بري بان إلى أن يسهم في قيام حوار بين طهران والرياض لأن تفاهمهما يعزز الأمل بإمكان الاتفاق على رئيس للبنان وننهي الفراغ الرئاسي».

ورد بان قائلاً: «أنا سأسعى إلى زيارة إيران والسعودية لهذا الغرض».

وتطرق البحث إلى المفاوضات حول الأزمة السورية في جنيف فاعتبر بري أنه «على رغم عدم وجود تفاؤل كبير بهذه المفاوضات فإن الإيجابي هو صمود وقف النار النسبي ووقف العمليات العدائية، بحيث أن السخونة في المفاوضات تجري في ظل تراجع النيران في الميدان».