رأى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن «الشعب اللبناني بحاجة إلى أن يتعاون قادة أحزابه مع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لتتمكن الحكومة من تلبية حاجاته»، واضعاً على رأس هذه الحاجات أن «تقوم الأحزاب السياسية بانتخاب رئيس للبلد. فطالما بقي منصب الرئيس شاغراً، ستظل الوحدة الوطنية للبنان ومكانته تفتقران إلى المناعة والاكتمال».

وجدد بان تأكيد التزام الاستقرار والأمن والسلام في لبنان، لافتاً إلى أن لبنان يستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة إلى الفرد الواحد. وأعلن أن «المجتمع الدولي سيدعم اللاجئين السوريين الذين يستضيفهم لبنان موقتاً، إلى حين يتمكنون من العودة بسلام وأمان إلى سورية ويمكن للبنان الاعتماد على دعمنا الكامل لمواطنيه الضعفاء».

وأعاد «تأكيد دعم الأمم المتحدة القوي للقوات المسلحة اللبنانية»، معتبراً أن «وفاة جندي لبناني شجاع في هجوم بقنبلة قرب الحدود السورية يوم (الخميس الماضي)، يؤكد أهمية هذه القوات، ليس لناحية أمن لبنان وحسب، وإنما لناحية الاستقرار في المنطقة أيضاً».

وكان بان وصل إلى العراق أمس، بعدما غادر بيروت صباحاً على متن طائرة خاصة.

ولفت بان في مؤتمر صحافي مع رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي المدني، في فندق فينيسيا مساء أول من أمس إلى «الجهد المبذول في سبيل مساعدة المجتمعات المحلية اللبنانية الضعيفة واللاجئين الفلسطينيين والسوريين الذين تستضيفهم تلك المجتمعات».

ووجه بان أربع رسائل إلى شعب لبنان وقادته «الأولى إعادة تأكيد دعمنا القوي للبنان وهو يواصل صموده أمام أثر الحرب الدائرة في سورية. إن العالم مدين للشعب والسلطات اللبنانية بالكثير بسبب سخائهما في استضافة ما يربو على مليون لاجئ من سورية، إضافة إلى مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين».

وقال: «يبقى استمرار الدعم القوي لوكالة أونروا حيوياً، لمساعدة وحماية اللاجئين الفلسطينيين. وأكدت ذلك في مخيم نهر البارد». وأكد أن «من واجبنا تجاه لبنان أن نقوم بسدّ الفجوة القائمة بين المساعدة الإنسانية في الأجل القصير، وبين التدابير المتخذة في الأجل الطويل»، مشيراً إلى أن «الشراكة بين لبنان والأمم المتحدة والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية، أتاحت تصميم مرفق ابتكاري للتمويل بشروط ميسرة لفائدة لبنان».

وأضاف: «إن رسالتي الثانية، هي أن لبنان قدوة بالغة الأهمية للمنطقة في التعايـــش والتعددية ويجب أن يظل كذلك في زمن يشهد تفاعلات خطـــيرة جــــديدة في مجال القوة وظهور قوى متطرفة عنيفة».

وتابع: «رسالتي الثالثة، تتمثل في إعادة تأكيد دعم الأمم المتحدة القوي للقوات المسلحة اللبنانية»، معرباً عن سعادته بأن «يونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية تعمل معاً في شكل وثيق».

وبالنسبة إلى الرسالة الرابعة، قال: «إن جنوب لبنان يشهد أطول فترة من الهدوء النسبي منذ عام 2006، بعد مضي عشر سنوات على صدور قرار مجلس الأمن 1701. ويعود الفضل في ذلك إلى قوة يونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية. على أنه ما زال هناك خطر لإساءة تقدير العواقب».

وشدد على أن «قدرة لبنان على الازدهار مرهونة بالتصدي للنزاعات الإقليمية الطويلة الأمد». وقال: «لن تدخر الأمم المتحدة جهداً في سعيها نحو وضع حد للنزاع في سورية. هذه فترة حاسمة بالنسبة إلى المنطقة».

ورداً على سؤال توقَّع «المزيد من التناغم والتعاون بين الرؤساء هنا». وقال: «ينبغي وضع جميع هذه الاختلافات على حدة، لبنان يمر في ظروف عصيبة جداً، وأنا متأكد من أنه مع الالتزام الكبير والدعم الكبير الذي ستقدمه الأمم المتحدة عبر يونيفيل، ودعمنا السياسي هنا، لبنان يختزن طاقات كبيرة ويمكنه أن يتقدم ويبني مستقبلاً أفضل».

وعن إلغاء الدعم المالي الذي كانت السعودية ستقدمه إلى الشعب اللبناني، أجاب: «أقدر كثيراً ما تعهدت المملكة العربية السعودية، بمساعدة الجيش ودعمه لبناء قدراته بهبة قدرها 4 بليون دولار، والتي يبدو أنها عادت وسحبتها. لست في موقع يخولني أن أعلق على هذا الموضوع. لكن ما يمكنني أن أقوله هو أن الأمن والسلام والاستقرار في لبنان، لهما انعكاسات ليس فقط على لبنان، إنما على المنطقة برمتها».

وشدد رداً على سؤال على أن «مكافحة الإرهاب تتطلّب تضامن المجتمع الدولي ووحدة هدفه. أؤمن أن من المهم مواجهة الإرهاب والتطرف عبر الأساليب العسكرية- هذا مهم وفعال- ولكن في بعض الأحيان، ليس هذا هو الحل المطلق». وسأل: «لماذا ينضم هؤلاء الشباب إلى المجموعات المتطرفة والإرهابية؟».

وسئل: هل ستقومون بتوطين اللاجئين السوريين في لبنان؟، أجاب: «كنت واضحاً حيال هذا الموضوع، عندما قلت إن الأمم المتحدة والبنك الدولي لا يقومان بتوطين اللاجئين في لبنان. نحن نساعدهم طالما هم موجودون موقتاً في لبنان، وريثما يعودون إلى وطنهم الأم بشكل آمن. هذا ما نفعله منذ عام 2012 ونعقد مؤتمرات للجهات المانحة لسورية».

وأضاف: «قمنا بذلك في أعوام 2012 و2013 و2014 و2015 و2016 وحشدنا لذلك بلايين الدولارات، لدعم الشعب السوري واللاجئين السوريين. ولا شك أن علينا أن نستمر في جهودنا، ولكن هدفنا ليس أن نوطنهم في أي مكان آخر. علينا أن نكون واضحين. ما نتمناه هو أن يعودوا بسلام وآمان إلى بلدهم في أقرب وقت ممكن».