لعلّ أكثر الأمور التي تستقطب أنظار الرجال واهتماماتهم، خصوصاً مَن هُم في مرحلة الشباب، الحصول على أجسام ممشوقة مليئة بعضلات بارزة وجذّابة. غير أنّ تحقيق ذلك لا يتمّ فقط عن طريق التمارين الرياضية ورفع الأثقال تحديداً، إنّما يترافق غالباً مع أخذ مكمّلات البروتين الغذائية. فهل هي آمنة وضرورية فعلاً، وما الفارق بين أشهَر أنواعها؟ قبل الغوص في تفاصيل المكمّلات البروتينية التي أصبحت موضة منتشرة في عالم الرياضة، أوضحت اختصاصية التغذية، راشيل قسطنطين لـ"الجمهورية" أنّ "هذه المواد هي من أصول بروتينية طبيعية متعدّدة تنقسم إلى أجزاء عديدة وفقَ نوع البروتين الذي يدخل في تركيبتها.

وما هو معلوم أنّ البروتين عبارة عن مركّب عضوي مؤلّف من مجموعة مختلفة من الأحماض الأمينية، ويُستخدم لتكوين العظام، والجلد، والعضلات، والأنسجة، والأظافر، والشعر، والخلايا، ويلعب دوراً كبيراً في إنتاج الإنزيمات، ويدخل في تركيب الحمض النووي. إنطلاقاً من هذه الوقائع، تُعتبر البروتينات أساسية جداً للرياضيين، خصوصاً من يمارسون كمال الأجسام".

الجرعة الموصى بها

 

ولفتت إلى أنّ "الجرعة البروتينية تتراوح بين 0,8 و2,2 غ/كلغ في اليوم، فإذا كان الشخص يمارس الرياضة بانتظام وباعتدال يجب أن يحصل على نحو 1,5 غ/كلغ في اليوم، وكلما زادت كثافة التمارين ارتفعت الاحتياجات لتبلغَ نحو 2,2 غ/ كلغ في اليوم.

بمعنى آخر، يحتاج الأشخاص العاديون إلى البروتين بنسبة 20 في المئة تقريباً من الكالوري في اليوم، لترتفع إلى 30 في المئة عند الرياضيين، وتصل كحدّ أقصى إلى 35 في المئة".

وأضافت: "لحسنِ الحظّ تتوافر البروتينات في مأكولات عديدة أفضلُها اللحوم، والدجاج، والسمك، والبيض، والحليب لاحتوائها كافة الأحماض الأمينية التي تساعد الجسمَ على امتصاصها بطريقة أسهل وفاعلية أكبر.

أمّا حليب الصويا، والبقوليات (عدس، وحمّص، وفول، وفاصولياء)، وبعض أنواع الخضار، والمكسّرات، فصحيحٌ أنّها تحتوي البروتينات ولكن معدّل إمتصاصها في الجسم يكون أقلّ مقارنةً بالمصادر الحيوانية".

إذاً في ظلّ هذه الخيارات البروتينية المتنوّعة والجيّدة، هل من الضروري اللجوء إلى مكمّلاتها؟ علّقَت قسطنطين أنّ "الرياضة الخفيفة إلى المتوسطة الكثافة، كالمشي والركض وركوب الدرّاجة الهوائية، لا تحتاج إلى المكمّلات البروتينية.

غير أنّ الوضعَ يختلف عند القيام بتمارين متوسطة إلى شديدة الحدّية أو الممتدّة لساعات طويلة في اليوم، حيث تتعرّض العضلات للتعب، وقد يُصيبها التلف إذا لم يتمّ التعويض سريعاً بالأحماض الأمينية.

تحتاج الرياضة الممتدّة من 30 إلى 40 دقيقة في اليوم لثلاث مرّات في الأسبوع إلى ما بين 0,8 إلى 1 غ/كلغ من البروتينات في اليوم. أمّا 2 إلى 3 ساعات من الرياضة في اليوم لخمس إلى 6 مرات في الأسبوع، فتستلزم الحصول على أكثر من 1,5 غ/كلغ في اليوم، وعندها يمكن دعم النظام الغذائي بالمكمّلات البروتينية".

أهمّ الأنواع

 

وسَلّطت الضوء على أهمّ أنواع المكمّلات البروتينية وأكثرها استخداماً:

- بروتين مصل الحليب (Whey Protein): يتألف من 3 أنواع، الـ"Isolate" ويكون خالياً من اللاكتوز والدهون ويحتوي تقريباً 90 في المئة من البروتينات العالية الجودة والسريعة الامتصاص، الأمر الذي يجعله مناسباً على الفطور أو وجبة ما بعد التمرين، خصوصاً وأنه يحافظ على الكتلة العضلية ويَدعمها.

أمّا النوع الثاني فيُعرف بالـ"Concentrate"، ويحتوي 80 في المئة من البروتينات، إضافةً إلى الدهون والكربوهيدرات على شكل لاكتوز، ويُستخدَم لاكتساب الوزن ودعم العضلات.

في حين أنّ النوع الثالث المُلقّب بالـ"Hydrolysate"، فيتميّز بأنّه يُهضم جزئياً، ولذلك فإنّ سرعة امتصاصه تكون أعلى، مقارنةً بالـ"Isolate" والـ"Concentrate"، كما وأنّه الأكثر تكلفةً، ويُنصَح بأخذه مباشرةً بعد الرياضة لقدرته على توفير البروتين للعضلات بشكل مركّز وسريع.

- بروتين البيض (Egg Protein): مصدر غني بالبروتين والفيتامينات والمعادن، وتكون سرعة امتصاصه في الجسم متوسطة وتتراوح بين ساعة ونصف إلى 3 ساعات.

- بروتين الكازيين (Casein Protein): يتميّز ببطء هضمِه، فيؤمّن للجسم الأحماض الأمينية لفترات طويلة ممتدّة من ساعتين إلى 7 ساعات، لذلك اعتُبر مناسباً قبل النوم لتوفير البروتينات للعضلات طوال الليل. كذلك يمكن الحصول عليه في حال الاضطرار إلى حذف إحدى الوجبات الغذائية.

- بروتين الصويا (Soy Protein): مناسب جداً للنباتيين ولكن مشكلته أنّه لا يحتوي كلّ الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاجها الجسم ويعجَز عن تكوينها بمفرده.

- الأحماض الأمينية (Amino Acids): تملك أهمية كبرى لأنّها المكوّن الأساسي للبروتينات، وتلعب دوراً أساسياً في تعزيز الكتلة العضلية ونقل الأوكسيجين إلى كافة الأنسجة.

- الكرياتين (Creatine): نوع من الأحماض العضوية الذي يمنح العضلات الطاقة اللازمة للقيام بالتمارين، لذلك يملك تأثيراً كبيراً في زيادة حجمها.

- مكمّلات البروتين ما قبلَ التمرين (Pre Workout Supplements): تحتوي مادة الأرجينين (Arginine) التي تحَفّز الـ "Nitric Oxide" الذي يحسّن تدفّقَ الدم إلى العضلات ويَمدّها بطاقة جيّدة.

يجب الانتباه إلى أنّ هذه المكمّلات غنيّة بالكافيين، الأمر الذي قد يسبّب القلق واضطرابات النوم. استناداً إلى جامعة ميريلاند، ثبُتَ أنّ المكمّلات التي تحتوي الكافيين والكرياتين في آن قد تزيد خطرَ تعرّضِ الجسم للجفاف.

- منتجات زيادة الوزن (Weight Gainer Shakes): تهدف إلى زيادة السعرات الحرارية اليومية، وتحتوي عناصر جيّدة من الفيتامينات، والمعادن، والكرياتين، وبروتين الغلوتامين. فضلاً عن أنّها تلعب دوراً في تلبية احتياجات العضلات للبروتينات والسكّريات بعد القيام بمجهود شديد، ويجب أن تترافق مع شرب كمية عالية من المياه.

أضرار محتملة

 

لكن مِن جهة أخرى، قالت قسطنطين إنّه "على رغم احتواء هذه المكمّلات البروتينية موادّ طبيعية وعناصر غذائية مفيدة، إلّا أنّها قد تسبّب بعض المضاعفات على المدى الطويل، خصوصاً عند تناولِ كمّية تفوق احتياجات الجسم. أظهرَت الأبحاث أنّها قد تسبّب التقيؤ، والنفخة، والغازات، ومشكلات في الجهاز الهضمي، وقد رُبط استهلاكها على المدى الطويل بتعزيز خطر الإصابة بحصى الكلى أو حتى قصور وظائفها، وزيادة احتمال هشاشة العظام.

بيّنَت دراسة أجريَت عام 2010 أنّ استهلاك المكمّلات البروتينية التي تحتوي معادنَ ثقيلة ضارّة لفترة طويلة، كالزئبق والكادميوم، قد يؤدّي إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي. كذلك أظهر بحثٌ نُشِر في "Journal of Sports Medicine & Physical Fitness" عام 2001، أنّ الاستخدام المفرط للكرياتين قد يؤدّي إلى مشكلات في الكِلى على المدى الطويل".

المنشّطات الهرمونية

 

وتحدّثت عن الفارق بين المكمّلات البروتينية والمنشّطات الهرمونية، فشرَحت أنّ "البروتينات تحتوي تركيزات عالية من الأحماض الأمينية الضرورية لبناء العضلات وتعويض الخلايا العضليّة التالفة أثناء التمارين، ما يعني أنّها مهمّة للجسم شرط الانتباه للكمّية المستهلكة.

أمّا المنشّطات الهرمونية، وأشهرها التستوستيرون والـ"Deca Durabolin" والـ"HGH"، فتنتمي إلى مجموعة ستيرويد (Steroid) وهي تزيد النشاط وتسرّع نموّ العضلات بشكل غير طبيعي، وتملك تأثيراً قوياً في الجسم. توصّلت الأبحاث العلمية إلى أنّ هذه المنشّطات تسبّب ارتفاع الضغط، واختلالَ نسبة السكّر في الدم، وزيادة خطر الإصابة بالالتهابات الجرثومية لأنّها تخَفّض المناعة.

فضلاً عن أنّها قد تسبّب العقمَ عند الرجال، ونموّاً غيرَ طبيعي في الشعر ومنطقة الصدر، والأخطر أنّها قد تؤدي إلى تضخّم عضلة القلب واختلال في تبادل الدهون في الدم، ما قد يؤدّي إلى تصلّب الشرايين وتراكم الشحوم على الكبد".

كذلك أكّدت أنّ "المكمّلات الحارقة للدهون (Fat Burner Supplements) لا علاقة لها أيضاً بالمكمّلات البروتينية كما يَعتقد البعض، ولم تصدّق إدارة الغذاء والدواء الأميركية على كلّ أنواعها. وثبُتَ أنّ جرعات كبيرة منها قد تسبّب ارتفاع الضغط، والقلق، واضطرابات الجهاز الهضمي، وجفاف الجسم بسبب قدرتها على تحفيز إدرار البول".

لمراجعة الخبراء أوّلاً

 

وختاماً نصَحت قسطنطين "الأشخاص الذين يمارسون الرياضة باللجوء أوّلاً إلى مصادر البروتينات الطبيعية، وفي حال تبيان وجود نقص شديد يمكن عندها أخذُ المكمّلات لاستعادة الجرعة اللازمة التي خسرها الجسم".

وشدّدت على "أهمّية مراجعة خبَراء التغذية؛ أوّلاً الذين يحدّدون ما إذا كان الشخص بحاجة فعلاً إلى المكمّلات البروتينية، ويصِفون النوع والكمّية المناسبين استناداً إلى جدول خاصّ يحدّد الجرعة الصحيحة وفق الوزن والعمر"، داعيةً إلى "شرب نسبة جيّدة من المياه للمساعدة على تنقية الجسم من الرواسب البروتينية، والحفاظ على وظائف الكِلى، وطرد السموم من الجسم".

( الجمهورية)