لا يزال الحديث في الأزمة السورية ينصبّ الآن على ضرورة محاربة «داعش»، وقبل الشروع في عملية انتقالية سياسية في سوريا تعني نهاية حكم بشار الأسد، حيث يرى الغرب، أمريكا وأوروبا، ومعهم الروس، أن محاربة «داعش» هي الأولوية. حسنا، سؤال بسيط: من سيخلف «داعش» في المناطق المحررة في سوريا، بل وحتى في العراق؟

عراقيا، هل يقوم الحشد الشعبي بملء الفراغ الذي سيتم بعد دحر «داعش»، أم الحكومة العراقية التي هي سبب الأزمة، وتستعين بالحشد الشعبي، والمليشيات الشيعية، وإدارة الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ولو وفق الدعاية الإيرانية؟ 

وفي الحالة السورية، هل يقوم حزب الله، والمليشيات الشيعية بقيادة إيرانية هناك، بملء الفراغ بعد دحر «داعش»، خصوصا أن قوات الأسد متهالكة، وشبه معدومة، ولذا لم يتوقف الأسد عن الوعود بإصدار عفو عن المتهربين من الخدمة العسكرية؟ وكيف سيكون هناك حل ما دامت الحكومة العراقية لم تتخذ قرارات حقيقية بدعم المعتدلين السنة وتسليحهم، وعلى غرار مجالس الصحوة السابقة التي طردت «القاعدة» سابقا من الأنبار؟ وكيف سيكون هناك حل وحكومة بغداد طائفية، ولا بوادر، ولا مؤشرات حقيقية للإصلاح السياسي فيها؟

وبالنسبة لسوريا، فمن سيخلف «داعش»، ويفوز بعقول السنة السوريين وقلوبهم، وهم المكون الأعلى، والأساس في سوريا، خصوصا أن روسيا تستهدف المعارضة المعتدلة عسكريا، وبشكل ممنهج، بينما يقوم الأسد باستهدافهم أيضا، واستهداف المواطنين العزل، ورغم كذبة الهدنة؟ 

ولذا؛ فإن السؤال المستحق، الذي يكشف أن الغرب، وعلى رأسه أمريكا، مهما كانوا صادقين في التصدي للأزمة السورية، ومحاربة «داعش» في سوريا والعراق، فإنهم لا ينظرون للصورة الكبرى، ولا يعون خطورة العواقب، ولديهم خلل استراتيجي حقيقي بالمعالجة، هو سؤال: من سيسيطر على المناطق المحررة من «داعش»، خصوصا وهي مناطق سنية؟

الأكيد أن السنة، وهم رافضون ل«داعش»، لن يقبلوا بالحشد الشعبي بأنبار العراق، أو في الموصل؟ ولن يرضى سنة سوريا بحزب الله الإرهابي، وباقي المليشيات الشيعية الطائفية؟ والأهم من كل هذا أن سؤال من سيخلف «داعش» يدل على أن الروس غير جادين في محاربتهم للتنظيم الإرهابي، مثلهم مثل إيران، وكل همهم هو تمكين الأسد، ومحاولة إبقائه لفترة أطول. 

وعليه، فهل فكر أحد في هذه الكارثة التي تعني أن علينا ترقب ما هو أسوأ من «داعش» التي غطت على جرائم «القاعدة»؟ هل المجتمع الدولي يعي خطورة هذا الأمر، ومستعد له، بل وقبلهم بعض العرب الذين لا يرون ضيرا بالتدخل الروسي في سوريا؟ هل تناسى هؤلاء أننا أمام أعداد لا يستهان بها من الأطفال الذين بلا تعليم، في مناطق «داعش» بالعراق وسوريا، ما يعني أنهم مادة خام للموجة الإرهابية القادمة، وبانتظار من يعيد تشكيلهم وتحويلهم إلى قنابل بشرية أخطر من كل ما رأينا؟

 

طارق الحميد