قبل أربعة أيام من الموعد المفترض لاستئناف المفاوضات «غير المباشرة» بين النظام والمعارضة السوريين برعاية الأمم المتحدة في جنيف، تمسكت المملكة العربية السعودية بأن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يرحل في بداية المرحلة الانتقالية وليس في نهايتها، رافضة بقاءه في السلطة لـ 18 شهراً هي فترة المفاوضات التي تتحدث عنها الأمم المتحدة والمفترض أن يتم خلالها تشكيل حكومة سورية جديدة واختيار دستور جديد ثم تنظيم انتخابات رئاسية ونيابية. 

وتزامن الموقف السعودي الذي صدر على لسان وزير الخارجية عادل الجبير خلال زيارته لباريس برفقة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، ومع اتصال هاتفي جديد بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري تناول الأزمة السورية وضرورة بدء مفاوضات جنيف بين النظام والمعارضة في موعدها المحدد.

وقال الجبير في باريس أمس إنه «لا توجد أي إمكانية» لأن يبقى الأسد في السلطة. وأضاف خلال لقاء مع الصحافة: «إن الأمر بالنسبة إلينا واضح جداً، عليه الرحيل عند بدء عملية الانتقال وليس في نهايتها».

وهدف مفاوضات جنيف المتوقع أن تستأنف الأربعاء أو الخميس هو إطلاق عملية انتقال سياسية تضع حداً للحرب المستمرة منذ خمس سنوات. وتقضي خريطة طريق الأمم المتحدة بتشكيل هيئة انتقالية بحلول الصيف المقبل وتنظيم انتخابات عامة في منتصف العام 2017.

وقال وزير الخارجية السعودي في هذا الإطار: «عندما يتم تشكيل الهيئة الانتقالية تنتقل السلطة من الأسد إلى هذه الهيئة ويرحل». وتابع: «بعدها تقوم السلطة الانتقالية بوضع دستور جديد وتعد للانتخابات. البعض يعتبر أن على بشار الأسد أن يبقى حتى موعد الانتخابات، ورأينا ليس كذلك».

ورداً على سؤال حول التصريحات الأخيرة للموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا الذي اعتبر أن السوريين هم من يقرروا مصير الأسد، قال الجبير بحسب ما نقلت «فرانس برس»: «لا توجد أي إمكانية» لأن يبقى الأسد رئيساً، مضيفاً: «لقد قال السوريون كلمتهم عندما حملوا السلاح ضد بشار الأسد وكانوا واضحين جداً: لن يكون رئيسهم».

وبعدما تطرق إلى تردد المعارضة في التوجه إلى جنيف لاستئناف المفاوضات قال إن هذه المعارضة «لا تستطيع أن تتوجه إلى المفاوضات بأيد فارغة».

وكان رئيس الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثّل المعارضة رياض حجاب أعلن الجمعة أن الظروف غير ملائمة بعد لاستئناف المفاوضات، مشيراً إلى خروق وقف إطلاق النار من قبل النظام.

في غضون ذلك، أعلن «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أن هيئته العامة المجتمعة في إسطنبول انتخبت صباح أمس أنس العبدة رئيساً جديداً له خلفاً لخالد خوجة المنتهية ولايته. وضمت الهيئة الرئاسية الجديدة، كلاً من موفق نيربية وعبدالحكيم بشار وسميرة مسالمة نواباً له، وعبدالإله فهد أميناً عاماً.

وكتب خوجة، الذي كان انتخب رئيساً في كانون الثاني (يناير) 2015، على حسابه على تويتر: «أهنئ الزميل أنس العبدة بتسلمه مهمات رئاسة الائتلاف داعياً له بالتوفيق في العمل على نصرة ثورة سورية وإيصال رسالتها للعالم».

وحاز العبدة الذي يوصف بأنه «إسلامي معتدل»، على غالبية الأصوات، إذ صوّت له، وهو المرشح الوحيد، 63 عضواً في الهيئة العامة للائتلاف من أصل 103، بحسب متحدث في المكتب الإعلامي. ومن المقرر أن يواصل الائتلاف اجتماعه لاختيار 19 عضواً في الهيئة السياسية.

ميدانياً، نجحت فصائل سورية معارضة، فجر أمس، في طرد تنظيم «داعش» من معبر التنف الحدودي مع العراق، بعدما تسلّل عناصرها من الأراضي الأردنية، لكن التنظيم شن لاحقاً هجوماً معاكساً واستعاد الموقع الحدودي. كما نجح «داعش» مجدداً في قطع طريق خناصر بعد أيام فقط من تمكُّن قوات النظام من إعادة فتحها.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «تمكّنت فصائل مقاتلة وإسلامية من القلمون الشرقي وريف حمص الجنوبي الشرقي، وجيش سورية الجديد، من السيطرة على منفذ التنف الحدودي بريف حمص الجنوبي الشرقي، عند الحدود السورية - العراقية»، إثر هجوم مباغت على هذا المنفذ الذي كان خاضعاً لسيطرة «داعش». وأوضح المرصد أن السيطرة على المنفذ تمت بعد دخول قوات الفصائل «من الأردن عبر منطقة محروثة على الحدود الأردنية - السورية». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مدير المرصد رامي عبدالرحمن، أن الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده واشنطن، أجبرت تنظيم «داعش» على الانسحاب من الجانب السوري من المعبر، ما سهّل تقدّم الفصائل المعارضة المسلّحة. لكن المرصد قال لاحقاً أن «داعش» شن هجوماً معاكساً وطرد المعارضين من معبر التنف، مشيراً إلى أن التنظيم فجّر كل المباني القريبة من المعبر لمنع معارضيه من اللجوء إليها.

وأعلن «الائتلاف الوطني» السوري من جهته، أن كتائب تابعة لـ «الجيش السوري الحر» هي من طرد «داعش» في معبر التنف. وأوضح أن فصائل «قوات الشهيد أحمد العبدو، أسود الشرقية، جيش سورية الجديد، ومجموعات صغيرة من شباب المنطقة» شنّت هجوماً على المعبر فجراً وسيطرت عليه وقتلت «عدداً كبيراً من عناصر التنظيم».