أكد وزير الثقافة روني عريجي أن "الثقافة لعبت دورا راجحا في تكوين نسيج المجتمع اللبناني، عبر العصور، وتحولت مشروعا حضاريا طمح كتابنا النهضويون واللاحقون الى تحويله الى دور ورسالة لبنان في محيطه والابعد، ولعل كتابات المفكر رينيه حبشي كان لها تأثير في هذا المجال".

  وفي كلمة له خلال افتتاح "الحركة الثقافة" في انطلياس، المهرجان اللبناني للكتاب للسنة 35 تحت تسمية "دورة غريغوار حداد"، في دير مار الياس في انطلياس، اوضح عريجي أن "المشروع الثقافي اللبناني، كنموذج لمنطقة الشرق الاوسط من حيث المعرفة والثقافة والحوار وقبول الاخر، هذا المشروع عبرت عنه الاونيسكو، عمليا، يوم استحدث المركز الدولي لعلوم الانسان في جبيل سنة 1970 بالتعاون مع الاونيسكو، عبر بيان أممي اعتبر لبنان بوصفه الجيو- ثقافي، جسر التقاء ثلاثي القارات: آسيا، افريقيا، اوروبا، لحضارات الشرق بالغرب في مدينة مهد الابجدية. مع الاشارة الى أن هذا المركز لا يزال لغاية هذا التاريخ يمارس المهام المناطة بأبجدية مهنية وعمق انساني. واذا كانت الثقافة، هي المصالحة الانسانية، مع الذات والآخر، ومع قدرنا كمعطى من التاريخ في مساحات الجغرافيا، فالمشروع الثقافي يحتمل مصالحة جماعية وبناء كيانات تليق بالإنسان".

  ولفت الى أنه "في العام 1982 كتب الرئيس السنغالي الاسبق ليوبولد Senghor Leopold  شاعر الزنوجة والفرنكوفونية: "لن يستقيم نظام اقتصادي- دولي، ما لم يسبقه نظام ثقافي عالمي". قد يكون في القول بعض طوباوية جميلة. أوليست شرعة حقوق الانسان مثالية- طوباوية؟".

  وأكد أن "الحركة الثقافية في انطلياس ومهرجانها اللبناني للكتاب، مأثرة ثقافية وفعل معرفي حضاري يتوالى بإيمان، للسنة الخامسة والثلاثين. هذه التظاهرة، فخورون نحن بها، على المستوى الرسمي والشعبي، وهي سمة من علامات لبنان واستمرار دوره النهضوي- الريادي، منذ مطبعة قنوبين وثورة الحرف والمعرفة حتى اليوم"، مشيراً الى أنه كان الطموح ان يرعى هذا الحدث- الاحتفال، كما جرى العرف، رئيس الجمهورية، لكن ظروف المحيط والداخل حالت، وللسنة الثانية على التوالي، دون هذا التمني، لاقتاً الى أن "أملنا ان ينتهي هذا الشغور المدمر بانتخاب رئيس للجمهورية يعيد انتظام دورة الحياة الدستورية والوطنية وتصويب المسار الديمقراطي وتوازن المؤسسات، ومع ذلك، وفي مسارات بناء الاوطان، نحن محكومون بالإرادة والامل".

  وأكد انه "من فضائل المهرجان اللبناني للكتاب انه يشكل منصة ثقافية- انسانية- فكرية، يلتقي عليها الكتاب والناشرون وجمهور القراء لطامحين الى نعمة المعرفة، وهي مناسبة وفاء لكبار أعطوا الفكر والآداب والفنون في لبنان والعالم الغربي تكرمهم- مشكورة- الحركة الثقافية في انطلياس، ان تسمية مهرجان هذه السنة دورة غريغوار حداد، وردة وفاء لقامة دينية- انسانية تركت بصمات جليلة في حياتنا اللبنانية، غريغوار حداد البسيط، المتواضع، الثائر على الظلم والحرمان عبر مسار حياة، وتناغمه مع نهج الاب بيار في فرنسا وانضواؤه الى حركة ايمايوس الانسانية العالمية التي اسسها الاب بيار وانتشرت في العالم، ضد الفقر والتهميش. تسمية دورة غريغوار حداد تضيف الى ثقافية المناسبة بعدا انسانيا لوجه لبنان الذي نحب، ويدفع بنا الى التفكير بإبعاد أخرى.

  وأعرب عريجي عن سعادته بأن "ندفئ عقولنا بوهج الحرف وهدي المعرفة، خلاصنا وخروجنا من شرانق التقوقع الى رحاب الانسانية. كل التهنئة والتقدير للقيمين على الحركة الثقافية في انطلياس ولهذه الجهود الكبيرة المبذولة منذ عقود في نشر الكتاب واحتضان الكاتب. اما الكتاب فسيبقى أيقونة المعرفة في عقولنا".