طقس أمس كان صيفياً بامتياز، "حارّ على غير العادة وجافّ"، وفق ما وصفته مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت. فقد بلغت درجات الحرارة في منتصف شباط، 27 درجة مئوية. يقول رئيس دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية عبد الرحمن زواوي إنّ درجة الحرارة، أمس، "لا تُعَدّ أمراً استثنائياً لأنه سبق أن شهد لبنان موجات حر كهذه في شهر شباط، لكن هذا لا ينفي أنها تخطت المعدل الموسمي لشهر شباط، الذي يبلغ 21 درجة كحد أقصى".  

كذلك، يرى مدير أبحاث تغير المناخ والبيئة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، نديم فرج الله، لـ "الأخبار" أنّ "الطقس عادي ويعدّ، كما يسمّى عادةً، خمسيني، وهي ليست المرة الأولى التي تحصل فيها هذه الظاهرة في شباط، إذ إنها موجودة ضمن برنامجنا المناخي". يستطرد فرج الله بأن "عدم استثنائية" هذه الظواهر لا يعني أنها لا تخوّف على صعيد أكبر من الطقس، وهو مسألة التغير المناخي التي يجب التنبه إليها. 

    ويلفت المدير العام لمصلحة الابحاث الزراعية العلمية ميشال افرام إلى أن "هذه المعدلات (27 درجة مئوية) ليست طبيعية بالنسبة إلى شهر شباط، خصوصاً أن درجات الحرارة ستنخفض الأحد والاثنين، وهذا التفاوت ليس جيداً".

    الضرر الأكبر لهذا التفاوت في درجات الحرارة سيقع على المزارعين، إذ يشير رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك إلى أنّ "العديد من الأزهار تفتّحت في أغلبية المناطق، مثل أشجار اللوز والخوخ والجنارك، علماً أن موسمها الطبيعي في منتصف آذار. لذلك، التخوّف الأكبر هو أن تأتي موجة برد لاحقاً، فتقضي على الأزهار التي تفتحت قبل أوانها، وهو ما تتوقعه الأرصاد الجوية، فالاحتمال الأكبر أن تتضرر جميع المحاصيل الواقعة على ارتفاعات تتجاوز 500 متر في اليومين المقبلين".

يلفت الحويك إلى أن "منذ سنوات قليلة ارتفعت درجات الحرارة أيضاً في شهر شباط وزهّرت أشجار كثيرة ثم تلفت بسبب البرد. آنذاك كان لدينا نصف موسم فقط".

يعلّق افرام على الأمر بأنّ "التأثير في المزارعين لن يكون كبيراً، لأن موجة الحر لم تدم لفترة طويلة، وبالتالي لن يتضرر الكثير من الأشجار".

  الإشكالية الفعلية المطروحة اليوم ليست درجات الحرارة التي أجمع الخبراء على أنها "ليست استثنائية، ولكنها أيضاً ليست ضمن المعدل الطبيعي"، بل هي التراجع الحاد في معدل المتساقطات الذي "لم يتخطَّ حتى أمس 60% من المعدل العام للمتساقطات، ويتوقع أن تتساقط الأمطار خلال اليومين القادمين، لكنها لن تعوّض النقص الحاصل، ولا توجد مؤشرات إلى اليوم على إمكانية تساقط أمطار ملحوظة لاحقاً"، وفق إفرام. فخطر الجفاف بات مطروحاً جداً، خصوصاً أن "شهر شباط يعد مصيريّاً من ناحية كمية المتساقطات، لأنه الشهر الأخير الذي يمكن التعويل عليه في تساقط الأمطار، إذ إن المتساقطات في شهر آذار تبلغ 10% فقط من المعدل السنوي"، كما يشرح الباحث في الجامعة الأميركية روان رياشي.

يقول رياشي إنّ "من المفترض أن نكون قد وصلنا في هذه الفترة إلى نسبة 80% من المعدل السنوي للمتساقطات"، موضحاً أن "توزّع المتساقطات هذه السنة متفاوت، حيث هناك مناطق تخطت فيها المعدلات العامة مقابل مناطق تواجه شحاً واضحاً".  

يقول افرام لـ "الأخبار" إنّ النقص في المتساقطات "سيكون له انعكاسات سلبية على المزارعين، المياه الجوفية، والمياه المتوافرة للشرب والري، لأنه عندما نتجاوز شهر شباط من دون أمطار لا يعد هناك إمكانية للوصول إلى المعدل العام". يتوسّع رياشي بشرح تأثير انخفاض معدلات المتساقطات، إذ "سيسبب الأمر أزمة فعلية في فصل الصيف: سد شبروح ستنخفض كمية المياه الموجودة فيه، سد القرعون يسجّل حتى اليوم أقل من نصف كمية المياه التي يتسع لها، ما يمكن أن يؤثر في إنتاج الكهرباء في معمل عبد العال صيفاً. ستنقطع المياه كثيراً، وتصبح تأتي وفق دوام معين، مثلاً كل 3 أيام مرة، ما سيعيدنا إلى مشاهد صهاريج المياه. كذلك سيزداد حفر آبار أعمق، ما سيؤثر في الينابيع".

mtv