صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس نجيب مقياتي البيان الآتي: "تابعت بقلق الجدال السياسي الداخلي الاخير الذي إتخذ من الصراعات الاقليمية وقودا اضافيا لتأجيج الخلافات ، وبدا لي أن البعض لم يتعظ من تجارب الماضي القريب والبعيد المريرة التي حولت لبنان ميدانا للحروب الدموية وتصفية الحسابات الخارجية.

وفيما الحكمة تقتضي منا جميعا، أن نبعد وطننا عن لهيب الخارج وننصرف الى تحصين انفسنا بتفعيل مؤسساتنا الدستورية ومعالجة المشكلات الخطيرة النازفة، يعمد الافرقاء المتخاصمون في لبنان الى ادخال لبنان مجددا في صراعات الواسطة والانخراط في المحاور الاقليمية والدولية، والنتيجة الحتمية المتوقعة بعد كل فترة أن كل المحاور تتوسل التسويات، تحت مسميات مختلفة، في الوقت الذي يكون لبنان قد دفع الثمن الاغلى.

ما هو مطلوب من جميع الافرقاء في لبنان، هو العمل على تبريد الرؤوس الحامية من هذا الطرف أو ذاك، لان الخطب الرنانة ذات السقوف المرتفعة والبطولات الفارغة، لا بد أن تجد متنفسا في شارع ملتهب، في الوقت الذي ندرك فيه أن أحدا في لبنان لا يرغب في الوصول الى نقطة اللاعودة. والمفارقة المضحكة المبكية أن الجدال السياسي والاعلامي الذي لامس الخطوط الحمراء، وبات واضحا انه لكسب ود الشارع المحتقن اصلا، يتزامن مع اعتراف المتساجلين باهمية الجلوس على طاولات الحوار المتعددة. فما هذه الخفة في مقاربة الشؤون الوطنية في مرحلة هي من اخطر المراحل التي يمر بها لبنان والمنطقة؟، وهل نملك بعد ترف اللعب على الغرائز وتكرار رهانات خاطئة دفعنا ثمنها غاليا حتى الان؟

من مصلحة اللبنانيين أن يكونوا طرفا في المصالحات، وليس وقودا اضافيا في نزاعات لا شأن لهم بها، ولا قدرة لهم على التأثير بها، ونحن نستطيع أن نلعب هذا الدور الإيجابي دون شك من خلال إعطاء المثل على العيش الواحد والتكافل والتضامن والوحدة، بدل الانخراط في معارك أفقها التسوية عاجلا ام آجلا، وقد تكون على حساب الأضعف مناعة.

إن ابناء لبنان الذين يعملون في دول الخليج، وهم من كل الطوائف والمذاهب، يرفعون اسم وطننا عاليا بإنتاجهم النوعي ويقومون بواجب وطني من خلال دعمهم الإقتصاد اللبناني وضخهم ما يحتاج اليه أهلهم في لبنان، فما الفائدة من إيذائهم او تعريضهم لغايات ليس لنا فيها ناقة ولا جمل. ودول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية إحتضنت العدد الأكبر منهم، و لم تتردد قط عن مد يد المساعدة للبنان عند المحن. فمن باب الوفاء أن نبادلها المحبة والإمتنان.

وقانا الله ووطننا شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وسنظل خارج السجالات العقيمة وسنبقى من موقعنا الوسطي، نجمع ولا نفرق، ونتخذ الموقف الذي يحمي لبنان وجميع اللبنانيين".