أعادت إقالة المدرّب البرتغالي جوزيه مورينيو من تدريب تشلسي الإنكليزي الصورةَ القديمة المعروفة عنه بأنّه مدرّب ناجح لمدّةٍ لا تزيد عن موسمين، قبل أن تنهار «مملكته الصغيرة» فجأةً في موسمه الثالث، كما حصَل له سابقاً مع تشلسي بالذات عام 2007، بعد إحرازه لقبَين متتاليين معه في الدوري الإنكليزي عامَي 2005 و2006. لا شكّ في أنّ مورينيو يُعتبَر من المدربين الأكثر أهمية في كرة القدم العالمية، بَيد أنّ نقطة ضعفِه هي عدم المثابرة على مواصلة عملِه الجيّد، لفترة تزيد عن موسمين، وهذا يعود بالطبع الى استهلاكه لقدرات لاعبيه بسرعة، ما يفقِدهم تركيزَهم وحتى لياقتَهم على المدى الطويل.

منذ عودته الى تشلسي بعد فترة 3 سنوات قضاها في ريال مدريد، بدأ العمل على تشكيل فريق قوي للغاية، إلّا أنّ النجاح تأخّر للموسم التالي حين قاد مورينيو فريقَه اللندني إلى لقب الدوري الانكليزي الممتاز للمرّة الثالثة تحت قيادته، والخامسة في تاريخه، بفضل حُسن اختياره للّاعبين وأبرزُهم الحارس البلجيكي تيبو كورتوا، والإسبانيين دييغو كوستا وسيسك فابريغاس.

وقبلَ بداية الموسم الجديد، صَبَّت الترشيحات على تشلسي ومانشستر سيتي لإحراز اللقب، بَيد أنّ زمام الأمور أفلتَ من بين يدَي مورينيو الذي شاهدَ بأمّ عينه «مملكته الصغيرة» تنهار، وسط أداء باهت ورديء بشكل غير طبيعي، وغير مألوف عند لاعبي تشلسي الذين يُعتبَرون من النخبة في إنكلترا والعالم، فسقط تشلسي في فخّ الهزيمة 9 مرّات في 17 مباراة، وهو يحتلّ حاليّاً المركزَ الخامس عشر، بعدما أنقَذه لاعبوه في المباراة الأخيرة أمام سندرلاند (3-1).

كانت قوّة مورينيو في صلابته وذكائه في التعامل مع منافسيه، بَيد أنّ عصبيته الزائدة ومواقفَه الحادة الطباع مع الجميع من حكّام وإداريين وصحافيين وحتى زملاء له في مهنة التدريب، كخلافِه مع مدرّب أرسنال الفرنسي آرسين فينغر، والذي تطوّرَ إلى تدافُع بالأيدي خلال مباراة الفريقين، عرّضَته لانتقادات لاذعة.

وهو من هذه الناحية ارتكبَ أخطاء عديدة أبرزُها تهَجُّمه على الحَكم أندريس فريسك عام 2005، وعلى تيتو فيلانوفا مساعد مدرّب برشلونة عام 2011، وأخيراً توبيخُه طبيبةَ تشلسي السابقة إيفا كارنيرون لدخولها إلى الملعب في وقتٍ حرِج خلال إحدى المباريات لمعالجة أحد اللاعبين، ما تسَبّبَ - بحسب رأي مورينيو - بإضاعة وقتٍ ثمين على الفريق.

وقد أدّى هذا التوبيخ الى فضيحة في النادي، بعد إجبار كارنيرون على الاستقالة بعدما اختارت كشفَ أسرار المدرّب مورينيو واللاعبين الذين - بحسب قولها - طلبوا منها خدمات جنسية في أوقات متفرّقة.

صحيح أنّ مورينيو يملك أسلوباً خاصّاً به لا يروق للجميع، لكنّه دائماً ما يُعيد الثقة للاعبيه، إلّا أنّ وضعَ تشلسي بات لا يُحتمل، فكان القرار ببَدء التغيير من رأس الهرم في النادي، رومان إبراموفيتش الذي اختار المدرّب الهولندي غوس هيدينك لقيادة تشلسي في الفترة الباقية من هذا الموسم، بانتظار النتائج التي في ضوئها سيتّخذ قرار التمديد لهيدينك أو التعاقد مع مدرّب جديد.

وأخيراً، لا شكّ في أنّ إقالة مورينيو من منصبه قبل انتهاء مدّة عقدِه ستدرّ مبلغاً محترماً عليه، قد يَفوق الـ 50 مليون دولار نسبةً لِما يتقاضاه أسبوعياً من النادي (250 ألف جنيه).

كما أنّه بات في وضع هادئ بعيداً من صخب كرة القدم، وهي فترة ستعيد التركيزَ إليه، ما يتيح له الوقت الكافي لدرسِ العروض الجديدة، وهي عديدة بالطبع، لكنّه بالتأكيد لن يكون إلّا في فريق كبير في الموسم المقبل، مع احتمال استلامه مهامّ تدريب المنتخب البرتغالي المتأهّل إلى نهائيات بطولة أمم أوروبا التي ستُقام في فرنسا في حزيران المقبل.