دخل لبنان مرحلة أمنية جديدة بدأت مع انفجاري برج البراجنة اللذين هزّا الضاحية الجنوبية لبيروت وأوقعا 43 شهيدًا وعشرات الجرحى، فبعد ساعات قليلة بدأ فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بالإعلان عن إنجازاته في توقيف الشبكة الارهابية التي خططت وسهلّت لهذا الاستهداف الارهابي، إضافةً إلى إحباط مخططات أخرى كانت ستحصد المزيد من الضحايا لو تمّ تنفيذها.

ومن بين «المسّهلين» لتنفيذ المخطط الارهابي في برج البراجنة هو عدنان سرور إبن بلدة اللبوة البقاعية، الذي شكّل الكشف عن اسمه صدمةً لعائلته وأبناء منطقته، فهو متهم بنقل إنتحاريي جريمة برج البراجنة أو أحدهما من سوريا الى لبنان، إضافةً إلى توقيف والده سعد سرور الذي يقوم بتزوير المستندات للسوريين. إلاّ أنّ هذا الخبر مرّ مرور الكرام في الاعلام اللبناني ولم يحظ باهتمام كما هو العادة من قبل إعلام الثامن من آذار كما الرابع عشر من آذار. فمن هو عدنان سرور وما هي علاقته بالنظام السوري؟ ولماذا هذا التكتم الإعلامي حول قضيته؟

أجمع أبناء بلدة اللبوة البقاعية لـ«جنوبية» على حسن سمعة المدعو عدنان سرور وعائلته المعروفة بقربها من حزب البعث السوري وحزب الله كباقي أبناء القرى الشيعية في لبنان، كذلك أعرب أحد أقرباء سرور «عن الصدمة العارمة التي لا تزال تسيطر على عائلته الصغيرة وأبناء بلدته بعدما تمّ توقيفه لأنّه وعائلته لم يكن لديهم أي سوابق في أي جرم شبيه» وأكدّ أنّ الجميع بانتظار انتهاء التحقيقات.

وبحسب رئيس بلدية اللبوة رامز أمهز أنّ «التحقيقات لا تزال تلفّها الغموض» وأكدّ لـ «جنوبية» «أنّ التحقيق مع سرور الآن يدور فيما إذا كان على علم بان من سهّل مروره هو انتحاري ارهابي، أم أنّه مواطن سوري كباقي الأشخاص الذين يسهّل مرورهم مقابل بدل مالي بحكم علاقاته مع النظام وعضويته بحزب البعث».

من هو عدنان سرور؟ يجيب رئيس البلدية لـ «جنوبية» «عدنان سرور ابن الثلاثين عامًا أعزب، أنهى دراسة الهندسة في كلية في الشام منذ سنتين وعاد إلى لبنان ليعمل بتسهيل المرور الغير شرعي على خط اللبوة- الشام، أي يسهّل دخول سوريين وخروجهم من وإلى لبنان. هو إبن عائلةً ميسورة والده سعد سرور كان يعمل في السعودية وعاد إلى لبنان منذ حوالي الأربع سنوات، يملك محال في البلدة تستثمر من قبل دائرة النفوس وهو يعمل في بيع الطوابع وتصوير المستندات».

وتابع أمهز «يتردّد سرور بشكل شبه يومي إلى سوريا، فهو متحدّر وعائلته من أصل سوري، والدته سورية الجنسية من عائلة الشيخ علي في عسّال الورد، لكنّهم مجنسين منذ عقود، ويملكون منزلاً في منطقة ركن الدين في الشام، ويحظى سرور على بطاقة تسهيل مرور تمكّنه من عبور خطٍ عسكري في منطقة حساسة خاضعة لهيمنة حزب الله وأجهزة النظام الامنية في النظام السوري خلال ذهابه الى سوريا».

وأكدّ أمهز «عائلة سرور معروفة في البلدة بقربها من خط الممانعة فهم إمّا مؤيدين لحركة أمل، أو حزب الله أو بعثيين كما حال عدنان سرور، وتربطهم علاقات وثيقة بالنظام السوري». وختم سرور «إذا ثبتت النيّة الجرميّة لديه، اي انه كان يعرف الخلفيّة للانتحاري الذي هرّبه فنحن نطالب مع عائلته باعدامه على “مصلبيّة” اللبوة اما اذا لم تثبت معرفته فنترك عندها للقضاء الكلمة».

انفجار برج البراجنة

 

كل هذه المعطيات تثير الكثير من علامات الإستفهام، فكيف لابن بيئة الممانعة والبعثي المقرب من نظام بشار الأسد أن يساند داعش ويسهّل مرور انتحارييها لتنفيذ مخطط إرهابي في قلب البيئة الشيعية للإنتقام من حزب الله الذي يشارك إلى جانب النظام السوري في محاربة الارهابيين والتكفيريين في سوريا؟!

أما عدم اهتمام الإعلام اللبناني في شقيه الثامن والرابع عشر من آذار بعدنان سرور يثير الجدل، فلم نسمع المقدّمات والتقارير في النشرات الأخبارية وصفحات الجرائد التي تخبرنا عن تفاصيل حياة سرور وعلاقاته، إلى ما يضاف عادة من تسريبات وخبايا التحقيقات كما كنّا سنشاهد في إعلام الثامن من آذار لو كان سرور إبن بلدة عرسال مثلا، لكانت الصحف المحسوبة على حزب الله وحلفائه عنونت إسمه وإسم بلدته لأسابيع، وكشفت من مصادرها الأمنية الخاصة عن عمليات إرهابية شارك بتنفيذها، أو كان يخطط لها في المستقبل، إضافةً إلى قربه من زعيم أو حزب ما في 14 اذار الخ…!

وإذا افترضنا أنّ إعلام الثامن من آذار معذور لأنّ جلد النفس ليست من عادته، ولكن أين إعلام 14 آذار الذي كان يفترض أن يقطف هذه الهدية ليرمي الكرة في ملعب خصومه؟

مصدر إعلامي مستقل رأى في عدم اكتراث قوى 14 آذار لانجاز المعلومات وقطفه ممكن أن يعود لسببين «الأول يكمن بالتزام 14 آذار بهدنة وصولاً إلى تسوية مع الفريق الآخر من دون إعلانها حاليًا، أمّا الثاني فهو عقم إعلام 14 آذار لدرجة أنّه لم يستطع استخدام هذه الهدية».

 

اقرأ أيضاً: لماذا أخافت جريمة برج البراجنة حزب الله؟

مصدرٌ آخر رجّح لـ«جنوبية» أنّ «هذا التكتّم الاعلامي على ما قام به عدنان سرور من قبل إعلام 14 آذار، يخفي خلفه طبخة ما تحضّر داخل الغرف السوداء لإنقاذ أمير الكبتاغون السعودي الذي لا يزال داخل السجون اللبنانية، ولأنّ إخراجه من السجن يسبب الاحراج لقوى 14 آذار، لذلك فإنّ هذه القوى تحتاج إلى تسوية ترضي خصومهم، وقد يكون عدنان سرور هو أحد أبطال هذه التسوية».

جنوبية