بُحّ صوت البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي وهو ينادي بوجوب انتخاب رئيس للجمهورية، معرباً أمس عن قلقه من «عدم الاكتراث وانزعاج البعض» من حملاته الرئاسية التذكيرية. وبينما جدد في ختام زيارته الرعوية إلى منطقة عاليه التشديد على وجوب انتخاب رئيس «لانتظام كل الأمور» وقال: «كرامتنا أن يكون عندنا رئيس والقصة ليست قصة صلاحيات الرئيس وإنما قصة عدم وجوده»، مبدياً أمله في «أن تعود القيادات إلى طاولة الحوار وتضع أمامها لبنان أولاً»، جاءه الرد القاطع للآمال والمبدّد للحلول على لسان رئيس كتلة «حزب الله» البرلمانية النائب محمد رعد الذي أكد في خطاب تأبيني أمس تعذّر الاتفاق على رئيس للجمهورية «ما لم يُجمع المتحاورون» على انتخاب مرشح الحزب النائب ميشال عون. أما عقلية «لبنان أولاً» التي دعا البطريرك المتحاورين إلى وضعها نصب أعينهم، فلا تنفك تصطدم بذهنية إعلاء المصالح الشخصية على كل أولوية وطنية، وهي الذهنية التي ينتهجها عون جهاراً نهاراً ويكبّل بها «حوار الإنقاذ» مطيحاً بكافة المحاولات المبذولة لإعادة الانتظام إلى النظام المؤسساتي في الدولة على قاعدة «ترقية روكز أولاً» كشرط مسبق يضعه على طاولة الحوار في مقابل موافقته على وقف تعطيل مجلسي النواب والوزراء.

وفي هذا الإطار، أكدت مصادر وزارية مواكبة للاتصالات السياسية الجارية عشية انعقاد الجولة الثانية من حوار الأربعاء النيابي لـ«المستقبل» أنّ هذه الاتصالات لا تزال تدور في حلقة مفرغة تحت وطأة التعنّت العوني، موضحةً أنّ «رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» يربط كل شيء في البلد بترقية صهره العميد شامل روكز إلى رتبة لواء»، موضحةً أنّ «المشاورات الحاصلة لم تستطع أن تحقق أي اختراق في جدار التعطيل حتى الساعة في ظل إصرار عون أمام كل من يراجعه على كونه لن يُسهّل التوصل إلى أي حل بشأن القضايا الوطنية العالقة بما فيها آلية العمل الحكومي قبل إقرار ترقية روكز».

ورداً على سؤال، كشفت المصادر الوزارية أنّ عون كان قد أبلغ الوزير وائل أبو فاعور خلال لقائهما الأخير في الرابية موافقته على اعتماد صيغة توافقية لآلية عمل مجلس الوزراء تقوم على عدم اتخاذ أي قرار في المجلس في حال اعتراض مكوّنين عليه، وعلى هذا الأساس جرت اتصالات ومشاورات أفضت إلى موافقة كافة مكونات الحكومة على هذه الصيغة لكن سرعان ما عاد عون نفسه لينقض الاتفاق مشترطاً صراحةً ضرورة الاتفاق على ترقية روكز أولاً كمدخل لتسهيل عمل الحكومة».

الحراك يستهدف سوكلين

ميدانياً، استأنفت حركة «بدنا نحاسب» أمس تحركاتها في الشارع مستهدفةً هذه المرة شركة سوكلين بحمولة شاحنة من النفايات تمت تعبئتها من تحت جسر الدورة وإفراغها أمام مقرّ الشركة، الأمر الذي اضطر القوى الأمنية إلى التحرك وتوقيف سائق الشاحنة لبعض الوقت ثم إطلاق سراحه. 

ولاحقاً، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بياناً أضاءت فيه على قيام «إحدى مجموعات الحراك المدني بممارسات مخالفة للقوانين بشكل يومي وعلني تمثلت بالاعتداء على الأملاك العامة والخاصة على السواء وتعطيل شؤون المواطنين وإلحاق الضرر بهم»، فأكدت أنّ «حق التعبير السلمي عن الرأي حق مشروع ترعاه القوانين والأنظمة المرعية»، إلا أنها شددت في الوقت عينه على أنها من الآن فصاعداً «لن تتوانى عن التعامل بحزم مع أي عمل مخالف للقانون تحت إشراف القضاء المختص»، متمنيةً على مجموعات الحراك المدني كافة الالتزام بالقوانين وممارسة حقوقها بصورة حضارية.

لجنة الخبراء 

تزامناً، برز أمس إصدار لجنة الخبراء المعنية بمقترحات الحلول لإدارة أزمة النفايات برئاسة الوزير أكرم شهيب بياناً تعليقاً على البيان الذي أصدره الحراك المدني أمس الأول وتضمن نقداً لمقررات مجلس الوزراء حول الخطة المقترحة للحل، فحذرت اللجنة من أنّ «تصاعد موجة الرفض الشعبي لأي شكل من أشكال المعالجة تراكم الأزمة»، مشددةً على أنّ هذه «المهمة الوطنية الإنقاذية تنتظر تضافر كل الجهود، فالنفايات التي تجتاح طرقاتنا وأرصفتنا وتقترب من منازلنا ومدارسنا ومستشفياتنا، لن تميز بين موال ومعارض وبين منطقة وأخرى، ومع اقتراب موعد هطول الأمطار الخريفية التي غالبا ما تكون على شكل سيول جارفة، فإن الأسوأ ينتظرنا جميعاً».

وإذ لفتت إلى أنها «على تواصل دائم مع مروحة واسعة من الأكاديميين المختصين بشؤون البيئة»، أكدت اللجنة أنّ «أياً من المواقع المقترحة في المرحلة الانتقالية لن يبدأ العمل به قبل الخوض في مسار تشاركي مع البلديات والجمعيات في المنطقة المعنية»، مع إشارتها إلى بدء إعداد «الدراسات العلمية المتعلقة بتأهيل هذه المواقع التي تعاني من تلوث بيئي غير مسبوق، لا سيما في سرار وبرج حمود». 

إلى ذلك نفت اللجنة ما يشاع من معلومات غير دقيقة علمياً وبيئياً حول الخطة لا سيما لناحية عمليات الفرز والطمر، وطلبت في المقابل «توخي الدقة في استخدام المصطلحات وعدم تضليل الرأي العام»، كما تمنّت في ما يتعلق باقتراح نقل النفايات إلى الأقضية لفرزها «أن تتم تسمية موقع واحد في قضاء واحد من قبل الحراك والجمعيات البيئية»، مشيرةً إلى أنها «على استعداد لاستخدامه كنموذج يعتمد ويطبق خلال المرحلة الانتقالية في حال نجاحه». علماً أنّ اللجنة ستعقد اليوم وغداً مجموعة من الاجتماعات مخصصة لمناقشة الخطة المقترحة والاستماع إلى الاقتراحات البديلة.