لم تكن النتائج التي أفضت إليها الجلسة الأولى، من حوار ساحة النجمة الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري مفاجئة، بقدر ما كانت متوقعة، باعتبار أن المتحاورين دخلوا إلى هذه الجلسة، انطلاقاً من أفكار ورؤى متباعدة، لا بل متناقضة ووسط خلافات واضحة حول جدول الأعمال وسلّم الأولويات، وبالتالي فإن ما خلص إليه المتحاورون كان منتظراً، في ضوء إصرار كل طرف على موقفه، سيما في ما يتصل ببند رئاسة الجمهورية الذي أشعل فتيل المواجهة التي حصلت، بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ووزير الاتصالات بطرس حرب، ما يشير بوضوح إلى الصعوبات التي تواجه هذا الحوار وبالتالي انخفاض منسوب التفاؤل، بإمكانية حصول خرق في جدار الأزمة الرئاسية، طالما استمرت المواقف على حالها وتحديداً لدى فريق «8 آذار» الذي يدعم وجهة نظر النائب عون، باستثناء الرئيس بري وحركة «أمل»، لناحية تقديم الانتخابات النيابية على الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، وهو ما لا يمكن أن تقبل به قوى «14 آذار» التي تصر على أن المدخل لحل الأزمة السياسية في البلد، يكمن من خلال الإسراع في إجراء انتخابات رئاسية، من ثم تشكيل حكومة جديدة تتولى الإشراف على إجراء انتخابات نيابية، بعد التوافق على قانون عادل يؤمن أفضل تمثيل.
وبانتظار الجلسة الثانية للحوار التي حدد موعدها الأربعاء المقبل، فإن المعطيات والاستنتاجات التي تكونت لدى المشاركين والمراقبين لا تحمل كثيراً على التفاؤل بإنجاح هذا الحوار في تحقيق أهدافه، لاعتبارات عديدة يدركها الرئيس بري أكثر من غيره، لكن يبقى الحوار كما تقول أوساطه أفضل من اللاحوار وحتى لو لم يصل إلى خواتيمه السعيدة، مشددة على أن الجلسة الثانية ستشهد غوصاً أكثر في البند الأول المتصل بالرئاسة الأولى، للوقوف على مواقف الأطراف من هذا الملف والبحث في مدى إمكانية حصول توافق ولو بالحد الأدنى الذي يمكِّن المتحاورين من مقاربة المسألة من اعتبارات لبنانية.
ويشير نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، إلى أن أجواء الجلسة الأولى من الحوار دلت بكثير من الوضوح، أن فريق «8 آذار» يريد رئيساً من صفوفه وليس وسطياً، معرباً عن اعتقاده بأن الأمور لا تدعو إلى كثير من الارتياح بسبب نوايا الفريق الآخر، لكنه يرى كما يقول لـ«اللواء»، أن حسنة الحوار أنه يمكن أن نفعل عمل الحكومة كما حصل في موضوع النفايات وإن كنت لا أعتقد أن الحوار سوف يحل عقدة رئاسة الجمهورية، باعتبار أن هناك قراراً إيرانياً بعدم الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي، خاصة وأن إيران هي التي تمسك بقرار فريق «8 آذار» وبإمكانها أن تسهل عملية انتخاب رئيس للجمهورية إذا أرادت ذلك.
ولفت مكاري إلى أن قوى «14 آذار»، ليست مستعدة لمتابعة البحث في جدول أعمال الحوار، إذا لم يتم إنجاز كل بند على حدة، بمعنى آخر أنه إذا لم يتم الاتفاق على رئاسة الجمهورية، فإنه سيكون من الصعوبة بمكان الاستمرار في الحوار، مؤكداً أنه يؤيد قلباً وقالباً الحراك المدني السلمي، شرط أن يبقى حراكاً مدنياً صافياً ولا يصار إلى استغلاله سياسياً، لإبعاده عن أهدافه وأخذه إلى مكان آخر لا يصب في مصلحة البلد والناس، داعياً إلى النظر بعين الاعتبار، إلى دقة وخطورة الظروف التي يمر بها لبنان والتي تحتّم دعم المؤسسات والحكومة والقيام بكل ما يلزم، من أجل الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية يخرج اللبنانيين من أزماتهم المستعصية ويفتح انتخابه آفاقاً واعدة نحو الحل الذي ينتظره الجميع للتخفيف من المعاناة القائمة، باعتبار أن استمرار الفراغ يزيد المخاوف من المخاطر التي تتهدد البلد وما تبقى من مؤسساته.
 من جهتها، قالت مصادر وزارية في 14 اذار أننا وعلى رغم قناعتنا شبه التامة بأن الحوار لن يؤدي الى نتيجة غير اننا نشارك فيه من ضمن قناعاتنا وثوابتنا المعلنة التي لا يمكن ان نتنازل عنها والتي تجسدها خريطة الطريق التي حددها الرئيس سعد الحريري في ذكرى 14 شباط 2015 ،مشيرة الى ان ما يتردد عن تسويات تتضمن جوائز ترضية لهذا الفريق او ذاك على حساب الجيش غير واردة في قاموسنا السياسي . واعتبرت ان المعادلة التي سادت في المرحلة الماضية حيث كان فريق سياسي يسجل نقاطا على الاخر عند اي تبدل في المعطيات والمحاور الاقليمية، لم تعد سارية المفعول بعد توقيع الاتفاق النووي ووسط «عجقة» التسويات السياسية لازمات المنطقة، وتبعا لذلك فان الحوار الداخلي سيبقى من دون نتائج وجلّ ما يمكن ان ينتج عنه ملء الوقت الضائع على «البارد» لبنانيا.
وأوضحت مصادر نيابية في تيّار «المستقبل» أن فريق 14 آذار سيقدم في الجلسة الثانية «برنامج عمل» لكيفية حل الأزمة ومنها إنتخاب الرئيس، مشيرة إلى «أننا لن نسمح بالإنتقال الى أي بند آخر قبل حسم البند الرئاسي».
وكشفت المصادر عن جلسات تنسيقية متواصلة تعقد بين مكوّنات «14 آذار» محورها الاساسي مواصلة مناقشة ملف الرئاسة من دون سواه على طاولة الحوار، ان القوات اللبنانية» الغائبة عن هذا الحوار، تشارك في الاجتماعات من خلال ممثل عنها». 

  بقلم عمر البردان