الشيخ وحيد البلعوس إسم متداول في الأوساط الدرزية، ليس فقط في سوريا، إنما أيضاً في لبنان وفلسطين، ولا سيما في قرى وادي التيم. معروف بلقب "أبو فهد" ويفضّل ورفاقه مناداتاهم برجال الكرامة، فشعارهم هو:"فوق الأرض بكرامة أو تحت الأرض بكرامة".

 

لمع اسمه في آب 2014 على إثر مواجهات عنيفة شهدتها منطقة داما في السويداء، بين الدروز وجماعات مسلحة من البدو، والتي راح ضحيتها العشرات من الجانبين. ومن بين من سقطوا في الميدان آنذاك كان شقيق الشيخ البلعوس.

 

تركت معركة داما نقمة شعبية كبيرة درزياً، وإن بقيت بعيدة عن الإعلام، إلا أن الشيخ البلعوس سجل آنذاك، في يوم تشييع شهداء داما في السويداء، موقفاً لافتاً مطالباً فيه الرئيس السوري بشار الأسد بتنفيذ سلسلة مطالب كان سبق أن طالبوه بها، متوجهاً إليه بالقول: "الشعب اللي بيحمي قائدو، من واجب قائدو يحمي".

 

إلا أن الشهور القليلة الماضية كانت كفيلة بطلوع نجم الشيخ، الذي لم يعد وحيداً بعدما كثر مناصروه وغالبيتهم من رجال الدين. معلنين سلسلة مبادئ تحدّد طبيعة نشاطهم وهدفه. فهم تحت سقف الدولة، إلا أنهم ضد الفاسدين فيها، رفضوا حرمان جبل الدروز من المواد الأساسية من مازوت وغاز رغم التضحيات الكبيرة التي قدّمها في صفوف الجيش السوري في الحرب الأخيرة.

 

وأما الموقف الأهم الذي صدر عن الشيخ البلعوس، صاحب الشخصية الهادئة والرأي البسيط العفوي، إنما الحكيم، فكان رفض أي فتنة مذهبية أو طائفية في الجبل، مؤكداً في أكثر من مناسبة أن "كل عرض في الجبل أكان سنياً أو شيعياً أو علوياً أو مسيحياً أو درزياً هو في حمايتنا"، مشدّداً على رفض أي فتنة مع الجوار.

 

يعلنها صراحة "لسنا لا معارضة ولا موالاة، إنما نريد أن نعيش بكرامة"، إلا أنه بكل جرأة طالب مراراً بإقالة رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء العميد وفيق ناصر، على خلفية الإنتهاكات التي تُمارس بحق أهل المحافظة. وبسبب مواقفه تعرّض للكثير من المضايقات والتهديدات، حتى انفجر الوضع في 22 كانون الثاني الماضيبعد التعرّض لباص ركاب على حاجز عسكري للمخابرات الجوّية في بلدة المزرعة، الأمر الذي دفع بالأهالي، وفي مقدمتهم رجال البلعوس، إلى اقتحام وتحطيم الحاجز وتحطيم حاجز آخر عند مدخل مدينة السويداء في الجهة الشمالية الغربية.

 

وكانوا أنذروا السلطات الأمنية بضرورة ازالة الحاجز المذكور خلال ساعات، وإلا سيقومون هم بفعل ذلك، وفعلاً توافد المئات من شباب السويداء واقتحموا الحاجز وحطّموه، وتوعّدوا بإجراءات أقصى في حال حاولت السلطات بإعادة الحاجز أو تكرار أي حادثة يتجرأ فيها أحد على التعرّض لأحد أبناء المحافظة، معتبرين أن مسألة إطلاق النار على الحواجز أمر يستوجب الردّ الفعلي عليه في أي زمان ومكان.

 

وأما ردّ الفعل على هذه الحادثة، والتي تبعتها حوادث أخرى في منطقة جرمانا، في ظل تململ درزي عام بسبب إلزام الشباب بالإلتحاق بالخدمة الإجبارية، جاء هذه المرّة من البيت الدرزي نفسه، بحيث صدر قرار ممهور بتوقيع شيوخ العقل الثلاثة في سوريا، ويقضي بتوجيه حكم "البعد" عن الشيخ البلعوس وأتباعه. ويعتبر هذا الحكم من أصعب الأحكام التي يمكن أن تصدر بحق رجل دين درزي، مع العلم أنه لا يصل إلى درجة الحرم، إلا أنه نوع من إقصاء اجتماعي ـ ديني.

 هذا القرار نقل الشيخ البلعوس ومجموعته إلى مرحلة جديدة و وضعهم أمام مسؤوليات أكبر، في ظل الإحتضان الشعبي والدعم الذي يتلقوه من الأهالي، رغم أن الشيخ ليس سليل عائلة تاريخية كعائلات شيوخ العقل أو آل الأطرش، إلا أنه نجح بتشكيل حالة درزية وعلامة فارقة بدأت بالإنشار سريعاً.