لم ينتظرْ علاء زلزلي تحرّكات الشارع اللبناني الأخيرة ليركب الموجة ويسجّل موقفاً ليس بجديد عليه كفنّان، فصاحب أغنية «لا للسياسيي» وقبلها «لا للطائفيّة» له أرشيف يحفل بالأعمال ذات الرسائل الوطنية الواضحة. هذا ما يؤكّده النجم اللبناني نفسه في حديث خاص لـ»الجمهورية» يفصح فيه عن كثير من آرائه الصريحة في شؤون الفنّ والوطن. لا يغيب علاء زلزلي كثيراً إلّا ليعود بأغنية أو موقف أو إطلالة إعلامية، تعيده سريعاً محطّ اهتمام وكأنه لم يغِب أصلاً والأصح لم يُغيَّب في فترات متقطعة من مشواره المهني الحافل، الذي يؤكّد زلزلي أنه عرف خلاله «محاربات قاسية لم تعترف بالنجاحات مهما كانت جليّةً».

نجاحات ومحاربات

ولكنّ الفنان الذي يتمتّع بالصلابة والثقة بمحبّة الجمهور يؤكّد: «أنا موجود من خلال أغنياتي والحفلات والمهرجانات التي أحييها وتحضرها أعداد قياسية من الجمهور، علماً أنني أحيي معظمها منفرداً بينما تدرج العادة أن يجتمع نجمان أو ثلاثة في الحفلة الواحدة لإنجاحها».

ويعترف: «حققت نجاحات كثيرة وآخرها حفل أحييته في المدرج الروماني في عمان وكتب عنه الإعلام الأردني باسهاب مُعنوناً: «علاء زلزلي يزلزل المدرج الروماني»، ولكن كان هناك دائماً تعتيم مقصود على كثير من هذه النجاحات.

أغنية «Je suis malade» مثلاً التي قدّمتها بطريقة فريدة حصدت جائزة مرموقة من «مهرجان الراي المغربي» دون أن ينتشر الخبر على ما يستحق. وأغنية «الدلعونا» بقيت في المراتب الأولى لفترات قياسية من دون أن تترشح لجائزة والمقصود ليس الجائزة بحدّ نفسها بقدر ما هو تسجيل استغراب من عدم ترشحها».

ويروي: «بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري قدّمت أغنية «غبت وروحك ما بتغيب»، التي تحوّلت إلى نشيد وصدحت بها الحناجر في الساحات، وكان الناس يضعونها في سياراتهم وتتمّ الدعوة إلى التظاهر على إيقاعها، ولكن في مقابل انتشارها الواسع لم يُعرَف أنني من أدّى الأغنية ولم يقبلوا حتى أن يعترف أحد بهذا الأمر».

مَن حارب زلزلي إذاً وهل لشركة «روتانا» التي انفصل عنها صلة بهذه المحاربات؟ يجيب: «بالطبع «روتانا» حاربت في فترة من الفترات ولكن ليس من خلال الشركة كشركة وإنما عبر بعض المعنيين فيها. لا يمكنني أن أظلم أحداً، فلطالما كنت إنساناً مسالماً أرفض الإساءة للآخرين.

لم أرتكز يوماً على مهاجمة أحد للتعويم ليس هذا منهجي أو ثقافتي. أنا فنان ناجح بالفنّ المختلف الذي أقدّمه، وأنا قوي وصلب بمحبّة الناس وحماية الله وأدعية والدتي وإن فارقتني».

لبنان إسمنا وديننا

زلزلي الذي واكب الحراك الشعبي اللبناني أخيراً من خلال أغنية «طلعت ريحكتن» يقول: «لم أسلك هذا التوجّه الوطني حديثاً. لطالما كانت لديّ مواقفي واغنياتي التي عبّرتُ من خلالها عن هموم الناس وأوجاعهم. أعتبر أنّ الفنان صاحب رسالة ويجب أن يكون معنياً بمشكلات الناس وقريباً منهم. غنّيت ما أشعر به وما يُترجم وجع الناس.

رفعت صوتي في أغنية «لا للطائفية» التي تنبذ التفرقة بين اللبنانيين، ودعوتُ من خلال أغنياتي ليكون لبنان هو اسمنا وديننا. حتى في الرياضة كنتُ الفنان الأوّل الذي يغنّي للمنتخب اللبناني في كرة السلة وكرة القدم ومن أربعة أشهر وأنا أشعر بوجع الناس وقبل نزولهم إلى الشارع كنتُ أغني ضدّ الطائفية والسياسيين».

في أغنية «لا للسياسيي» يقول زلزلي الذي يستعدّ لطرح ألبوم غنائي جديد قريباً: «الشعب الواحد قسّمتوه/ خربتوا بيته جوّعتوه/ على خيّو حرّضتوه/ بالفتنة الطائفية. شبعنا كذب شبعنا جنون/ شبعنا فتنة شبعنا ديون/ شبعنا تلعبوا عالقانون/ بإسم المحسوبية».

ويؤّكد: «كنتُ أعالج الوضع الذي نعيشه من خلال هذه الأغنية، فمع احترامي للجميع، صوت الفنان ليس فقط للسهرات والحفلات هو أيضاً سلاحه. «الفنان لازم يحكي وجع الناس». هذه الموضوعات تستفزّني ولهذا قدّمت أغنية «طلعت ريحتكن». يهمّني أن أكون مع الناس لا لالتقاط الصور والحديث إلى الكاميرات وإنما من خلال أعمالي ومواقفي».

الأغنية أهم من التظاهر

وعمّا إذا كان يغمز إلى قناة الفنانين الذين تواجدوا في التظاهرات من أمثال معين شريف وزين العمر ووليد توفيق وسواهم، يقول: «انا أتحدّث عن نفسي فقط ولا يمكن أن أسمح لنفسي بالحديث على الآخرين أو الانتقاص من المشاعر الوطنية لأيّ فنان، فكلّ يعبّر بطريقته وأنا أبدي رأيي، حيث أعتبر أنّ تقديم أغنية تحمّس الناس وتعبّر عنهم ويسمعها الآلاف تشكّل تسجيل موقف جريء من السياسيين، وتحمل رسالة وطنية وإنسانية أكبر بكثير من النزول إلى الساحات».

ويؤكّد: «لم تطلب أيّ جهة مني أداء أغنية «طلعت ريحتكن». هي مبادرة شخصية منّي وهذا ينطبق على كلّ أغنياتي. لم آخذ يوماً إيعازاً من أحد. عندما أغنّي أشعر أنني أقوم بواجبي وأعبّر عن نفسي وعن الناس».

إنسان حرّ

وعن موقفه السياسي يشدّد: «لا أنتمي إلى حزب أو جهة سياسية. أنا إنسان حرّ، وهذا لا يعني أن ليس لديّ آراء سياسية. ولكنني أنتمي إلى الشعب والوطن وتحديداً إلى العلم اللبناني والجيش اللبناني الذي أعتبره هو الأساس في البلد»، مؤكداً: «أنا ضدّ النظام السياسي الطائفي وأكره المحسوبيات والتوريث... مشكلتنا أننا تبعنا الزعماء والطوائف ونسينا البلد، لذلك أنا ضدّ الزعامات والطوائف ومع الإنسان وحقوقه وكرامته».