كل من يدخل مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري في الايام الاخيرة، يسأله اطلاق مبادرة ما في هذا التوقيت، وفي وقت لم تستطع فيه الحكومة الاتفاق على رؤية موحدة لمعالجة أزمة النفايات. واكثر ما يقلقه هو الاستمرار في تعطيل المؤسسات الدستورية وفي مقدمها مجلس الوزراء الذي لم يقدر على توفير حلول ولو للحد الادنى من الملفات التي تتعلق بحياة المواطنين.

ويتطرق الى اولى الازمات التي تهدد يوميات اللبنانيين وتنغص عليهم عيشهم، ويقول "منذ البداية لم أتدخل في ملف النفايات"، لكنه طلب من وزيريه في الحكومة حسم هذا الملف بـ"قرد وحارس" من اجل "التوصل الى موافقة نهائية بعد فض عروض الشركات والانتهاء من هذه المرحلة التي تحتاج الى التصديق عليها في جلسة للحكومة للخروج من الازمة".
ويوجه رسالة عبر "النهار" الى الجهات التي تعطل جلسات مجلس الوزراء وتمنعه من الانتاجية" لا تستمروا في هذه الطريق الى حدود تعطيل حياة المواطنين والتلاعب بمستقبلهم". ويدعو الحكومة ورئيسها تمام سلام الى القيام بالدورالمطلوب. ويقول: "ارفع الصوت واصرخ، لا يصح ولا يعقل التضييق على الحكومة بهذا الشكل، لأن الجميع سيتضرر".
ورداً على جلجلة الحكومة التي تجتازها بصعوبة، يرى بري ان الحلول تتمثل في الكتاب، اي في العودة الى الدستور، "لأنها في هذه الحال لا يمكنها ان تعيّن حاجباً. والمطلوب ان تطبق الدستور من أصغر مسألة الى اكبرها، بدل الذهاب الى شاطىء الفشل، وهذا ما قلته اكثر من مرة للرئيس تمام سلام. وأكرر المطلوب، في اختصار ان نساهم معاً لنسيّر أمور العباد وشؤونهم".
ولا تقتصر رسالته على هذا القدر، بل يتبعها بالقول: "المطلوب الابتعاد عن سياسة المصالح الخاصة والتنازل عن الانانيات والتطلع الى كل ما يصب في مصلحة اللبنانيين". ويخاطب السياسيين من دون قفازات: "انظروا جيداً الى الشعب، ولا اقول هذا الكلام من باب الاستهلاك، وهو لم يعد قادراً على التحمل، ولولا الطائفية، لاندلعت ثورات في البلد رفضاً للواقع المرير الذي يعيشه، وما يحصل هو جرس انذار لجميع المسؤولين والنواب والقوى السياسية".
ولا يقف بري عند حدود هذه الصرخة، بل يسأل: "اذا عطلنا البلد فهل ننتخب رئيساً للجمهورية؟". ويوجه هذا السؤال الى الاطراف التي لا ترغب في التوجه الى ساحة النجمة قبل انتخاب رئيس للجمهورية. وعندما يتناول حال الأمن في البلد، ولا سيما بعد توقيف الأمن العام الشيخ احمد الاسير، يطرق بيده على خشب طاولة مكتبه ويعطيه علامة 10 على 10، ويحمد الله "على هذه النعمة التي أمل ان تطول وتدوم ويتسع شعاعها".
يكمن الحل وفق مختبر عين التينة في العودة الى المؤسسات. ويؤسفه سماع مقولة ان مجلس النواب غير شرعي - على لسان العماد ميشال عون - اي انه ليس "ابن حلال". ويقول: "هذا المنطق لا يساهم في اطلاق عجلة المؤسسة التشريعية". ولا يحبذ بري هنا العودة الى الاسباب التي دفعته الى الموافقة على التمديد للمجلس، ولا سيما بعد الكلام الذي سمعه من الرئيس سعد الحريري. ويملك جرأة القول ان "التمديد انقذ البلد من الفتنة".
ويشدد على ان قوى عدة مع عودة التشريع في المؤسسة"والاخ السيد حسن نصرالله مع عمل المؤسسات، وهذا ما ركز عليه في خطابه الاخير، وكان واضحاً جداً في دعوته الى التشريع، وهو يتألم من جراء هذا التعطيل وسيواصل مساعيه لعودة مجلس النواب الى القيام بواجبه التشريعي".
وحتى لا يقال ان بري يركّز على دوري مجلسي الوزراء والنواب ويتناسى استحقاق الرئاسة الاولى، يؤكد أن "الحل الجذري يتمثل في انتخاب رئيس للجمهورية وهذا مفروغ منه". ويضيف: "من قال اني اقف متفرجاً على هذا الاستحقاق في الداخل والخارج"؟ وكان آخر اتصالاته مع وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف مؤداه ان "طهران تدعم عملية الانتخاب وتشتغل بقوة ، وهذا ما يؤكده المسؤولون عنها، مع تشديدهم الدائم على فتح قنوات حوار بينهم وبين السعودية، والافق مفتوح للتوصل الى توليفة تنهي ازمة اليمن وحربها. وفي سوريا الامور سائرة ايضاً".
ويعود الى مخاطبة كل من يهمه الامر: "أمام داء عدم انتخاب رئيس حتى الان، هل المطلوب الاستسلام بدل تفعيل الحكومة ومجلس النواب للقيام بالدور التشريعي المطلوب منه؟".

 

(رضوان عقيل)