بينما البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي يواصل جولته البقاعية مبشّراً برسالة «العيش المشترك» باعتبارها تجسد «خلاص» اللبنانيين وسط تشديده على أهمية اتفاق الطائف بوصفه «أجمل صيغة للبنان الطائر بجناحيه المسلم والمسيحي»، كان المسيحيون أمس على موعد جديد مع مسلسل الضرب على الوتر الأقلوي الترويعي من خلال تخويفهم على لسان النائب ميشال عون بأنهم سيلقون «مصير نينوى» ما لم يبصموا لـ«حزب الله» على صك حمايتهم في مقابل شنّه حملةً شعواء على المؤسسة العسكرية متهماً إياها بـ«التقصير» في حماية البلد، وهو ما أتبعته قناة «أو تي في» مساءً بتجييش «الأقدام» العونية ودعوتها إلى «الحسم» ضدّ من نعتته بأنه «شبه جيش يدافع عن نظام». أما بيت القصيد من الترويع والاستهداف، فاختصره عون بعبارة «إياك يا جان قهوجي» التي عبّرت بشكل جليّ عن تهديد علني واضح لقائد الجيش عقب اتخاذ وزير الدفاع سمير مقبل قرار «تمديد الضرورة» لخدمته منعاً لتمدّد الفراغ، الذي قطع رأس الجمهورية وشل المؤسستين التشريعية والتنفيذية، إلى المؤسسة العسكرية بعدما تعذّر التوافق الوطني على مرشح جديد لقيادة الجيش.

ففي إطلالة تصعيدية جديدة إثر اجتماع «استثنائي» آخر ترأسه في الرابية، خرج رئيس «التيار الوطني الحر» على اللبنانيين بهجوم نوعي مركّز في استهدافاته الصريحة والمباشرة لقائد الجيش، بحيث بدت لافتةً للانتباه «شخصانية» المعركة التي يخوضها عون ضد قهوجي من خلال الحرص على تسميته بالاسم في معرض تهديده وتحذيره من مغبة إعطاء الأمر لعناصر الجيش بالانتشار لحفظ الأمن والاستقرار في الشارع عندما يعطي جنرال الرابية الأمر لمناصريه بالنزول «إلى الأرض». 

وبعد أن كال، بأقذع العبارات، الاتهامات لمجلس الوزراء بالتآمر والخيانة والقضم والانقلاب، ووصف قهوجي بأنه «جزء من المؤامرة»، والحكومة التي يشكل فيها مكوناً رئيسياً بـ«حكومة النفايات».. خلص عون إلى دعوة «كل عنصر في التيار الوطني» بأن يتحضّر للنزول إلى الشارع «عندما يدقّ النفير» لكن من دون أن يفصح عن زمان هذا النفير الموعود ولا مكانه.

الحكومة.. والنفايات

وإذ يفرض التصعيد العوني الجديد نفسه على مستوى ترقب مدى انعكاس تردداته السلبية على أجواء جلسة مجلس الوزراء المقرر انعقادها الخميس، من المفترض بحسب المعطيات والتصريحات الرسمية أن تجد أزمة النفايات طريقها الأسبوع الطالع نحو بلورة حلول موضعية بانتظار انتهاء المسار الرسمي الآيل إلى وضع أسس المعالجة الجذرية للملف. 

وفي هذا الإطار، من المتوقع أن تنتهي اللجنة المتخصصة بدراسة عروض المناقصات المقدّمة لتلزيم نفايات بيروت وضاحيتيها وسائر المناطق اللبنانية من أعمالها نهاية الأسبوع المقبل تمهيداً لإعلان الفائزين من الشركات التي تقدمت بالعروض، في وقت أكدت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ اللجنة الوزارية المعنيّة بمعالجة أزمة النفايات ستعمد إلى «تسريع خطواتها على طريق اجتراح الحلول المناسبة للأزمة القائمة»، مشيرةً في هذا السياق إلى كون «تصدير النفايات المتراكمة لا يزال هو الحل الأرجح في هذه المرحلة».