مرَّ استحقاق التمديد لقائد الجيش ورئيس الأركان ورئيس المجلس الأعلى للدفاع بهدوء، ويُنتظر أن تنصَبّ الاهتمامات في قابل الأيام على معالجة القضايا الخلافية، وفي مقدّمها آليّة اتّخاذ القرارات في مجلس الوزراء، بغَضّ النظر عمّا لوّحَ به البعض من ردّات فعل على موضوع التعيينات العسكرية والأمنية، عِلماً أنّ هناك قراراً سياسياً أعطِي للقوى العسكرية والأمنية بضرورة التصَدّي لأيّ محاولة شغَب أو إخلال بالأمن.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ عدداً من سفراء الدول الكبرى، لا سيّما منهم السفيرين الاميركي ديفيد هيل والروسي ألكسندر زاسبيكين، توَلّوا إيصال الرسائل الضرورية لعدد من القيادات السياسية، بضرورة احترام الاستقرار القائم وعدم توريط البلاد في أيّ مغامرة لا تُعرَف تداعياتها.

سقوف ردّات الفعل

بدورها، تحدّثت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» عن مرحلة انتظار لا بدّ منها، من أجل أن يقول المعترضون على قرارات تأجيل التسريح كلمتَهم وتحديد آليّة المواجهة المحتملة في الشارع أو عبر مجلس الوزراء، من دون أن تكشفَ الآليّة التي ستُعتمد للإعتراض، وسط تحذيرات من اللجوء الى الشارع الذي عُدّ خطاً أحمر عندما يتجاوز الأصول المعتمَدة في التظاهر والإحتجاج ومنع إلحاق الضرَر بالأمن العام والمؤسسات الشرعية والأملاك الخاصة والعامة.

وقالت المصادر إنّ التحذيرات الخارجية التي تبلّغَها المسؤولون في المواقع الرسمية والقيادية الحزبية، والتي سبَقت الداخلية منها، رسَمت حدوداً وسقوفاً لأيّ تحَرّك على الأرض، معطوفة على تحذيرات من احتمال استغلالها للوصول إلى حالٍ مِن الفلتان الأمني المرفوض بكلّ المقاييس الأمنية والسياسية.

«التكتّل»

في غضون ذلك، علمَت «الجمهورية» أنّ تكتّل «التغيير والإصلاح» الذي يواصل استشاراته داخلياً وخارجياً، سيَعقد اجتماعاً استثنائياً العاشرة قبل ظهر غدٍ السبت في الرابية لمناقشة كافّة الخيارات المطروحة على الطاولة، على أن يدليَ عون في نهاية الاجتماع بموقف وصفَته أوساط الرابية بأنّه «مهم».

واستباقاً لهذا الموقف يُعقد في الرابية اجتماع بعد ظهر اليوم برئاسة عون لمنسّقي المناطق في «التيار الوطني الحر»، ولخَلية الأزمة فيه والتي شُكّلت منذ شهر، وتضمّ إلى عون أعضاءَ الهيئة التنفيذية في «التيار»: الأمين العام ومسؤولي قطاع الشباب والإعلام والمهن، وذلك لدرسِ الخطوات المقبلة على الأرض، بعد قرار وزير الدفاع.

كنعان في معراب

وكان عون قد أوفَد أمس النائب ابراهيم كنعان إلى معراب والتقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وعرَض معه آخر التطورات المحلية، فضلاً عن متابعة مفاعيل ورقة «إعلان النيّات» بين «التيار الوطني الحر» و«القوات».

وأوضَح كنعان لـ«الجمهورية»: «أنّ الزيارة تأتي في إطار التنسيق في المسائل المشتركة، وكانت جلسة حول الملفّات الحكومية والنيابية المطروحة، ووضعناه في أجواء العماد عون وموقفه من التطوّرات، كذلك وضعَنا من جهته في أجواء «القوات» حول هذه المسائل، وستكون هناك متابعة في الأيام المقبلة».

ريفي

في هذا الوقت، حذّرَ وزير العدل أشرف ريفي من أنّ «استخدام الشارع من أيٍّ كان سيرتدّ عليه، فكلّ تجارب التاريخ تثبت ذلك، ولا سيّما منها التجربة الأخيرة التي كانت هزيلةً ومردودها سلبي تماماً، خصوصاً على الشارع المسيحي صراحةً، ففي رأيي حين يتواجَه العونيون مع الجيش اللبناني هذا خطأ استراتيجي»...

فنَيش

وفي المواقف، أكّد الوزير محمد فنيش لـ«الجمهورية» أنّ «حزب الله» لا يزال ثابتاً على موقفه المتضامن مع عون. وأشار إلى أنّ «المسألة ليست شخصية مع العماد قهوجي، على العكس، فلا مشكلة عندنا معه كشخص، لكنّ موقفَنا هو من زاويتين، سياسية وقانونية: في السياسة إذا كنّا نستطيع التعيين فلماذا لا نعيّن، وفي القانون لديّ وجهة نظر طرَحتها في مجلس الوزراء وهي أنّ التمديد لا يستطيع أن يتّخذه وزير في وقتٍ أنّ التعيين يتطلّب الثلثين».

«الوفاء للمقاومة»

واعتبرَت كتلة «الوفاء للمقاومة» أنّ الظروف الاستثنائية الضاغطة التي تشهدها البلاد، تملي ضرورةَ التعاطي بالدقّة الكافية التي تسمح للحكومة الحاليّة باتّخاذ الإجراءات اللازمة لتسيير عجَلة مصالح الشعب اللبناني والدولة من دون أيّ تعكير للتوافق داخلَ مجلس الوزراء، وهذا ما يحَتّم عدمَ الاستخفاف بمواقف وأوزان القوى الشريكة في اتّخاذ القرارات».

ودعَت تيار «المستقبل» إلى «فتح الأبواب أمام المخارج المطروحة للمسائل المختلَف عليها وضرورة ملاقاتها تجَنُّباً لتفاقمِ المعضلات، عوضَ المضيّ في سياسة التصعيد والتعقيد التي تطيل الأزمة وتزيد الأوضاع سوءاً».

مجدلاني لـ«الجمهورية»

ووصف عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني قرار تأجيل التسريح بأنّه قرار «عين العقل» في ظلّ الشغور في سدّة الرئاسة أوّلاً وانعدام فرَص التوافق على اسم ثانياً».

وقال لـ«الجمهورية»: «لم يكن هناك من خيار غير قرار التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، خصوصاً أنّه يتحمّل مسؤولياته على أكمل وجه ويَقود المؤسسة العسكرية بكلّ حكمة ودراية وعناية». وأكّد مجدلاني، ردّاً على سؤال «أنْ لا شيء في السياسة يسَمّى قطيعة، فهناك دائماً أخذٌ وردّ و»طلعات ونزلات» في العلاقات بين الأفرقاء».

فتفت

من جهته، وصَف النائب أحمد فتفت قرارَ إرجاء التسريح بأنّه «خطوة مسؤولة»، وقال لـ«الجمهورية»: «البلد لا يحتمل فراغاً في المراكزالعسكرية والأمنية والتفاهمُ على التعيينات غائب، وطالما إنّ مجلس الوزراء لا يستطيع اتّخاذ قرارات بسَبب التعطيل فمِن واجب وزير الدفاع تأمين الغطاء ومنع الفراغ في عمل المؤسسات، لأنّ الاستمرار أساسيّ، وتحديداً في المراكز العسكرية والأمنية، فالوزير تصرّفَ مِن موقع المسؤولية وكان مِن الأفضل إجراء التعيينات، لكن مَن يتحمّل مسؤولية عدم إجرائها هو مَن لا يتعاون في مجلس الوزراء».

وأضاف : «إذا كان العونيّون ضدّ التمديد فعلاً فكان الحريّ بهم النزول إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس الجمهورية، فلو حصلَ ذلك لكُنّا رأينا حكومة جديدة وتعيينات، فمَن يتحمّل مسؤولية العرقلة في عمل المؤسسات إذن هو من يعرقِل انتخابات رئاسة الجمهورية».

هيل

وأكّد السفير هيل من طرابلس «أنّ الولايات المتحدة ستبقى شريكاً ملتزماً للقوات المسلحة اللبنانية، وأنّ الأداء الأمني الأعلى للجيش وعمله في مكافحة الإرهاب مِن الأمور الحيوية. ونحن نتطلّع إلى مواصلة العمل معاً جنباً إلى جنب مع الجيش وهيكلية قيادته ونقدّم دعمَنا الكامل».

مناقصات نفايات بيروت

في سياق آخر، وفي ظلّ الحديث المتنامي عن احتمال الوصول إلى خطة مرحلية للتخلص من النفايات التي عادت تتجمّع في بعض أحياء بيروت وبعض المدن والبلدات، عبر اللجان المكلّفة هذه المهمة، ينتهي اليوم فصلٌ جديد في البحث عن الشركات التي ستتقدّم إلى المناقصة العالمية التي أطلقَها مجلس الإنماء والإعمار للمرّة الثالثة على التوالي لجَمعِ وكنسِ النفايات الصلبة في بيروت وضواحيها بفَضّ العروض التي تقدّمَت بها شركات لبنانية وأخرى متضامنة مع شركات دولية بعدما غابَت العروض الخاصة ببيروت عن مناقصتين سابقتين، الأولى أطلِقت في أيار والثانية في تمّوز الماضيين.

وهو ما أدّى إلى طرحِ كثيرٍ مِن الأسئلة التي غيّبَت بيروت من لائحة المناطق وفقَ التقسيم الجغرافي الذي فرضَته دفاتر الشروط الجديدة التي جَعلت من لبنان ستّ مناطق مستقلة بعضُها عن بعض، لتبقى العاصمة في عهدة شركة سوكلين.

وفي انتظار ما ستَحمله عملية فضّ العروض اليوم، ستنتقل ملفّات الشركات الى مجلس الإنماء والإعمار الذي عليه أن يجري تقويماً ماليّاً لها، ويدقّق في الشروط البيئية والتقنية والفنّية المعتمدة في دفتر الشروط، ومدى مطابقتها للمواصفات الموضوعة فيها ولا سيّما قدرتها على تحديد المطامر التي أوكلت المناقصة مهمّة اختيارها على عاتق الشركات المتعهّدة وليس على عاتق الدولة.

وعلى خط المعالجة الرسمية بحثاً عن المخارج الممكنة، عَقدت لجنة البيئة جلسةً أمس برئاسة النائب مروان حمادة وحضور وزيرَي البيئة محمد المشنوق والتنمية الإدارية نبيل دو فريج.

وأكّد حمادة «أنّ التوصية الوحيدة الأساسية الصادرة عن اللجنة، هي تحرير حلّ أزمة النفايات نهائياً من السياسة، إذ خَلطنا التعيينات والآليات وتقاسُمَ الحصص في موضوع يطاول حياة كلّ لبناني». وأشار إلى أنّه تمّ البحث في كلّ المراحل المقبلة «وهي ليست بالسريعة والمشَجّعة، بل تحتاج إلى صبر المواطن ومثابرة الحكومة».

الكهرباء

على صعيد آخر، لم يقدّم وزير الطاقة والمياه أرتور نظريان والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك أيّ جديد في المؤتمر الصحافي الذي عقداه أمس، باستثناء توصيف المشكلات التي أدّت إلى الوضع الحالي، وتقديم وعود بعودة التيار إلى ما كان عليه قبل الأزمة الأخيرة في غضون أيام.

وكشفَ الحايك أنّ الطلب تجاوَز القدرة على الإنتاج، إذ بلغَ 3150 ميغاوات، في حين أنّ المعامل تستطيع إنتاج 1600 إلى 1700 ميغاوات. وأعلنَ أنّ ثلاثة عوامل ظهرَت في الأسبوعين الأخيرين أدّت إلى هذا التقنين، أوّلها عطلٌ في المجموعة الرقم 2 في الزهراني. والعامل الثاني، إطلاق النار على خطّ النقل كسارة - دير نبوح. والعامل الثالث موجة الحر.

وكشفَ أنّ عطلَ خط كسارة - دير نبوح سيتمّ إصلاحه بعد ظهر اليوم، وأعمالُ الصيانة في الزهراني ستنتهي مساء السبت - فجر الأحد، وبالتالي سيعود الوضع إلى طبيعته في الجنوب وسيتحسّن وضع الكهرباء جزئياً في بيروت.