تعاظمت الأهوال وثقلت الأعباء على كاهل اللبنانيين الرازحين تحت تأثير «تسونامي» التعطيل العابر للطوائف في أمواجه الارتدادية الهدّامة للوطن وبنيته المؤسساتية، وباتوا يجهدون بشقّ الأنفس لتدارك تداعيات الأحوال الكارثية المهيمنة على البلد سياسياً وبيئياً وجوياً وكهربائياً. فعلى المستوى السياسي لا يزال النهج الاستبدادي مهيمناً على الأجواء الحكومية من دون أن تلوح بوادر انفراجات تتيح تحرير مجلس الوزراء من القيود العونية التكبيلية المطبقة، برعاية «حزب الله» وحفظه، على مصالح المواطنين. أما على صعيد الوضع البيئي المتصل بترديه عضوياً بعملية الابتزاز الممنهجة التي ينتهجها حلف التعطيل لليّ الذراع التنفيذية للدولة بشكل استئثاري غير مطابق للمواصفات وفق أدنى معايير المسؤولية الوطنية، فلا تزال أزمة النفايات على مراوحتها المحتدمة تسابق الزمن لابتكار الحلول مرحلياً قبل انفجار الأزمة تراجيدياً وسط ارتفاع منسوب المطالبة باعتماد «الترحيل» كحل طارئ لا يحتمل التأجيل كما طالب نواب بيروت أمس. وبالانتظار، زاد الاحتباس الحراري والكهربائي «الطين» اللبناني «بلّة» تحت وطأة الارتفاع القياسي الحاصل في درجات الحرارة مصحوباً بتدني دراماتيكي في ساعات التغذية بالتيار، ما جعل آب لهّاباً بكل ما للكلمة من معاني خانقة وحارقة أطبقت على الأنفاس والتهمت مساحات حرجية واسعة وخلفت أضراراً جسيمة في القطاعين الزراعي والحيواني.

«ترحيل».. وتعطيل

إذاً، وبينما تتوالى أزمة النفايات فصولاً متلاحقة سياسياً ومناطقياً وميدانياً في ظل عدم الركون بعد إلى حل نهائي ينزع فتيل الأزمة ويحول دون انفجارها بعدما فاضت المواقع الموضعية لتجميع بالات القمامة وتكاد تستنفد أقصى طاقتها الاستيعابية، سجّل نواب العاصمة أمس موقفاً وازناً في الكفة المؤيدة لخيار ترحيل النفايات إلى خارج لبنان باعتبار «القضية لم تعد تحتمل التأجيل والأزمة ستعود وتنفجر خلال أسبوع أو عشرة أيام» وفق ما أعلن وزير السياحة ميشال فرعون بعد الاجتماع الذي عقده نواب بيروت مع وزير البيئة محمد المشنوق في المجلس النيابي.

وأوضح فرعون أنّ المجتمعين طالبوا «إما بإيجاد مطمر أو بترحيل النفايات»، مذكّراً بأنّ المجلس البلدي لبيروت طلب إذن مجلس الوزراء لاعتماد حل الترحيل وقال: «بيروت متخذة رهينة (...) وإذا رحّلنا النفايات نكون وجدنا حلاً للأزمة»، مشيراً إلى أنّ وزير البيئة وضع المجتمعين في صورة الاتصالات التي يقوم بها وأكد أنه يدرس قرار الترحيل ولديه معطيات في هذا الشأن.

مجلس الوزراء

وغداً، يلتئم مجلس الوزراء على نية استكمال النقاش في مستجدات الأزمات المتعاقبة على البلد تحت ضغط اشتراط وزراء «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» عدم بتّ أي ملف وطني أو حياتي معيشي قبل الامتثال لمطالب الرابية «العسكرية» في ملف التعيينات. 

وعشية الجلسة دعا رئيس حزب «الكتائب» اللبنانية النائب سامي الجميل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى «الضرب بيد من حديد على الطاولة» لافتاً إلى وجود «تعيينات تحتاج إلى مجلس وزراء وأخرى من صلاحية وزير الدفاع وقائد الجيش». وحذر الجميل من يُعطّل عمل الحكومة ويمنع معالجة أزمة النفايات من أنه «يرتكب جريمة بحق كل اللبنانيين والبيئة»، داعياً في المقابل إلى إقرار حل تصدير النفايات مع التشديد على وجوب اتخاذ مجلس الوزراء «كل التدابير اللازمة لكي ينقذ لبنان من الوضع الذي هو فيه»، ومؤكداً ضرورة الدعوة لجلسة مخصصة للقيام بما يلزم في هذا المجال. وأردف قائلاً: من يحضر يحضر ومن لا يريد الحضور «عمرو ما يحضر».

بدوره، شدد وزير العمل سجعان قزي على أنّ حل أزمة النفايات يتقدم على أي نقاش آخر في جلسة مجلس الوزراء غداً بما في ذلك مسألة آلية العمل الحكومي، وقال لـ«المستقبل»: «نحن لا نقبل البحث بأي أمر قبل حل هذه الأزمة»، مشدداً على كون «كل المواضيع تحتمل التأجيل إلا النفايات». ورداً على سؤال، أجاب قزي: «البعض يقول لا جدول أعمال في مجلس الوزراء قبل بتّ الآلية، ونحن نقول لا جدول أعمال قبل بت النفايات».

الكهرباء

في الغضون، تفاقمت أزمة انقطاع التغذية بالتيار الكهربائي على مستوى بيروت والمحافظات في «ضوء» إعلان مؤسسة كهرباء لبنان عن وقوف الأعطال في محولات الزهراني والتعديات على الشبكة وتزايد الطلب على الطاقة بسبب موجة الحر وراء التقنين القاسي الحاصل، معربةً عن أملها في أن يُصار إلى الانتهاء من أعمال التصليح والصيانة وإعادة المجموعة المنفصلة عن الطاقة إلى الخدمة خلال اليومين المقبلين.