حكومياً، يواصل التصعيد العوني مساره التهويلي التصاعدي تهديداً ووعيداً بالويل والثبور وعظائم الأمور ما لم تخضع «التعيينات» لرغبات الرابية «العسكرية» مدعومة برشقات تحذيرية ضاغطة من «حزب الله» على رئيس مجلس الوزراء تمام سلام تلوّح بكون المسار المؤسساتي الانحداري «سيدفع البلاد إلى واقع جديد خارج الحسبان» كما جاء على لسان النائب علي فياض في معرض تشديده على «ضرورة التمسك بالآلية القائمة في إدارة الحكومة والذهاب باتجاه التعيينات في 7 آب». أما على الضفة السياسية الأخرى، فقد رصد زوار «عين التينة» أجواء تشي باتساع الشرخ بينها وبين «الرابية» ومواقف سياسية متباعدة ومتمايزة عن موقف «حزب الله» حيال الأزمة الحكومية في ضوء تجديد رئيس مجلس النواب نبيه بري حثّ رئيس الحكومة على العودة إلى اعتماد «الآلية» الدستورية في إدارة مجلس الوزراء، في وقت لفت على جبهة «كليمنصو» موقف متقدّم في الإعراب عن الاستياء الوطني المتعاظم من الاستبداد العوني التعطيلي للعمل الحكومي عبّر عنه الوزير وائل أبو فاعور بالقول: «لا يستطيع أي طرف سياسي أن يستبدّ بباقي الأطراف إلا إذا كان البعض يريد أن يجنح بنظامنا الديموقراطي باتجاهات أخرى». أما في جديد أزمة النفايات، فبرز أمس ما كشفه وزير البيئة محمد المشنوق لـ«المستقبل» لناحية تلقي الحكومة «عروضاً جدّية» لتصدير النفايات إلى خارج لبنان.

وأوضح المشنوق أنّ هذه «العروض تنصّ على أن تدفع البلديات ثمن شحن النفايات إلى الخارج، بينما تبقى شركة «سوكلين» تتولى عمليات الجمع والنقل من الشوارع»، مشيراً إلى أنّ البحث الجاري في هذا الإطار إنما يأتي في سياق «السعي إلى إيجاد حل لمناطق بيروت وجبل لبنان بعيداً عن كل أشكال الحلول الطائفية والفدرالية للنفايات».

وفي حين أكد المشنوق أنّ المستجدات المتعلقة بمسألة تصدير النفايات سيتم طرحها للنقاش على طاولة اللجنة الوزارية المختصة اليوم أو غداً، أكدت مصادر بلدية مواكبة لهذه المستجدات ارتفاع أسهم حل «التصدير» لمعالجة الأزمة مرحلياً ريثما يصار إلى وضع حلول جذرية ترتكز على مبدأ «التفكك الحراري» من خلال إنشاء محارق متخصصة، موضحةً لـ«المستقبل» في ما يتصل بتكلفة عملية نقل النفايات إلى خارج لبنان أنّ الفارق المادي بسيط بين هذه العملية وما كان معمولاً به سابقاً وهو فارق لا يتجاوز سقف العشرين دولار للطن الواحد.

بري

بالعودة إلى أجواء «عين التينة»، فقد نقل زوار بري لـ«المستقبل» استغرابه عدم مبادرة سلام إلى كسر المراوحة الحاصلة بفعل آلية «التوافق» الطاغية حالياً على مجلس الوزراء، منبّهاً على ضرورة العودة إلى الدستور وكسر هذه المراوحة التعطيلية للعمل الحكومي «حتى لا يتحوّل النهج السائد إلى عُرف يفرض نفسه على طريقة إدارة مجلس الوزراء خارج النص الدستوري».

وفي الإطار عينه، يشير الزوار إلى أنّ رئيس المجلس النيابي يحث رئيس الحكومة على تطبيق الدستور «سيّما وأنّ نحو 18 وزيراً يؤيدونه في ذلك»، قائلاً: «فلتطرح القضايا التي تحتاج إلى نصاب النصف زائداً واحداً على التصويت «ووزرائي معك» وسيكونون أوّل المصوّتين».

ولدى استفسار الزوار عن فرص نجاح العودة إلى الدستور في ظل تشبّث النائب ميشال عون بآلية «التوافق» باعتباره يمثل فريقاً وازناً من اللبنانيين، أجاب بري: «يطوّل بالو علينا شويّ».. يقول إنه يمثل فريقاً كبيراً «طيّب على راسنا وعيننا»، لكن ماذا عن بقية اللبنانيين!». ورداً على سؤال حول ما يتردد عن كون التصعيد السياسي العوني مرتبطاً بشكل أو بآخر بالتأزم الحاصل في الانتخابات الداخلية في «التيار الوطني الحر»، آثر بري عدم الدخول في هذا الموضوع مكتفياً بالتساؤل: هل من الجائز أن نبقى «معلّقين» أمور البلد على «التيار»؟.