لعل الملفات التي باتت تحاصر الحكومة أكبر من ان تحصى، فإلى النفايات التي تغرقها وتغرق البلاد من دون توافر أي حل حتى الآن في ظل الخلاف على آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، فان ملف التعيينات العسكرية يحل مع انتهاء ولاية رئيس الاركان الجمعة المقبل من دون اتفاق على تعيين بديل منه ايضا، اضافة الى ملفات حيوية أخرى، منها تلويح هيئة التنسيق النقابية بالتحرك في الشارع مجدداً وخصوصا مع ازدياد الكلام عن امتناع وزارة المال عن صرف اموال الرواتب لشهر ايلول وعدم اقرار سلسلة الرتب والرواتب. وبرز امس ملف جديد اثاره وزير التربية الياس بوصعب اذ لفت من النبطية الى أن "في المدارس الرسمية حالياً 250 الف تلميذ لبناني مقابل 400 الف سوري وعدد آخر ينتظر دوره، وهذا الرقم سيضاف إليه كما سمعنا 37 ألف تلميذ فلسطيني بعدما تحدثت "الأونروا" عن إمكان إقفال 58 مدرسة، فماذا نفعل؟ المجتمع الدولي مقصر، هذا المجتمع الدولي الذي دفع مليارات الدولارات على الحرب في سوريا والعراق، اليوم يبخل في ان يدفع بعض الملايين لتعليم تلامذة هجّرهم وشردهم (...)".
حماوة الملفات، تضاف اليها حرارة مرتفعة لامست الاربعين درجة مئوية وهي تستمر أياماً، لم تنعكس على الاتصالات السياسية الباردة على رغم الخطوط الحمر التي يلتزمها الافرقاء في الحكومة لعدم التفريط بهذا المكون الجامع، والممثل للسلطة الاجرائية في ظل الشغور الرئاسي المستمر منذ نحو سنة وثلاثة اشهر.
واذا كان الرئيس تمّام سلام حدد الاربعاء موعداً لجلسة مجلس الوزراء، لمشاركته والرئيس نبيه بري في تدشين قناة السويس الجديدة في مصر الخميس، فإن لا توقعات ان تكون الجلسة مختلفة عن سابقتها، شكلا أو مضموناً، بل ان المتشائمين يرون انها الجلسة الاخيرة قبل عطلة قسرية تمتد الى ايلول المقبل. فالخلاف على آلية اتخاذ القرار مستمر، و"التيار الوطني الحر" مدعوماً من "حزب الله" لم يتنازل عن هذا المطلب، علماً ان خصومه ينتظرون منه تحديد خياره بين الاجماع أو الأكثرية، اذ من خلال الاجماع لن يستطيع كسب تعيين قائد للجيش أو رئيس الأركان لان الاجماع معطل للقرارات، وقد وافق "التيار" سابقاً على قرارات بالأكثرية مثل الجامعة اللبنانية والنفايات في كانون الثاني الماضي ولجنة الرقابة على المصارف.

التعيينات في الجيش
و"التيار" لا يزال ينتظر مبادرة حسن نية، وفق مصادره، في موضوع التعيينات العسكرية، وهو لن يرضى من التعيين بديلا. وعلمت "النهار" ان العماد ميشال عون، لدى استقباله وزير الدفاع سمير مقبل الاسبوع الماضي، لم يكتف بابلاغه قبوله بحل يتم التوافق عليه في المراكز الامنية، بل انه حمّله اقتراحاً مكتوباً يتضمن مبادرة لتوفير حل للتعيينات تحفظ كرامة الجميع، وتتوافق والقوانين المعمول بها، كما ابلغه ان هذه الورقة التي سماها "مسودة مرسوم مبرمج للتعينات" في كل المواقع العسكرية الشاغرة قد تكون الفرصة الاخيرة وعليه ان يعرضها على كل القيادات التي يلتقيها، أملا في التوصل الى تفاهم، وإلا فإن عون وتياره سيغسلان ايديهم من كل التفاهمات داخل الحكومة، لان الفريق الآخر وتحديداً " تيار المستقبل" لا يلتزم كلمته. ورفض عون اقتراحات لترقية العميد شامل روكز الى رتبة لواء لتأخير تسريحه واعتبر الامر غير قانوني، لكنه تمنى على مقبل ان يسأل صاحب العلاقة. ويلوح "التيار" بالشارع مجدداً إذا اصدر مقبل قراره بالتمديد لرئيس الاركان قبل ان يعود للتشاور مع عون في اقتراحه. وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن هناك معلومات عن تحرك ميداني سيقوم به أنصار "التيار الوطني الحر" بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء لطرح مطالبه في شأن التعيينات وآلية عمل المجلس وستكون هناك جهوزية أمنية للحفاظ على النظام. ولفتت الى أن أمر التمديد لرئيس أركان الجيش صار مبتوتاً، في حين أن هناك إقتراحاً أن يطرح أيضا موضوع التمديد لقائد الجيش كي تتظهّر كل ردود الفعل مرة واحدة وليس بالتقسيط كما هو جار حالياً.

 

النفايات
وستشهد جلسة الاربعاء مناقشة لملف النفايات الذي لم تتوافر له حلول جذرية، وهو سيحاصر المواطنين مجدداً بعد أيام، وسيطرح مجدداً موضوع تصدير النفايات الى الخارج كحل موقت. ووفق مصادر وزارية ان موضوع التصدير لم يطرح بشكل جدي وان أي دولة لم تقترح شراءها بل تكتفي دول بدور الوسيط مع شركات خاصة. اما الطرف اللبناني الذي تقدم للقيام بعملية التصدير فهو شركة قيد الانشاء، تؤكد المصادر الوزارية ان "اصحابها عليهم شبهات مالية، ولا نستطيع المغامرة في الموضوع".
ويعتزم وزراء الكتائب، كما صرح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار"، القول في الجلسة إن الحزب أعطى كل الحلول ولكن لم يؤخذ بها فصار على الآخرين أن يطرحوا بدائلهم. وأضاف: "هناك غياب للارادة السياسية مما عطّل عمل اللجنة الوزارية وهناك خوف من أن ترتفع سلسلة جبال النفايات في لبنان الى جانب السلسلتين الشرقية والغربية".
أما لجنة البيئة النيابية التي كان مقرراً أن تنعقد الاربعاء لمتابعة ملف النفايات، فأرجأ رئيسها النائب مروان حمادة الموعد الى الخميس لمصادفة الموعد إنعقاد جلسة مجلس الوزراء وارتباط الوزراء المعنيين بها، وبالتالي ستكون اللجنة الخميس أمام فرصة تقويم ما يمكن أن يتخذه المجلس من قرارات على هذا الصعيد. وصرّح النائب حمادة لـ "النهار": "أليس حق اللبنانيين المطلق في الماء والكهرباء والنظافة والامن والصحة والخدمات فوق حقوق الطوائف الضيّقة؟ أوليس هذا الحق في الحياة الكريمة أهم من فرض رئيس للجمهورية خارج الاطر الدستورية والبرلمانية؟".