الانفراج الجزئي في معالجة ملف النفايات بتحديد مطمر سبلين إلى جانب مطامر أخرى في المحافظات، لم يكتمل بعد، حيث ارتفعت أصوات الاحتجاج على طول الخط الساحلي، وتحديداً عند تقاطع الجية - برجا على الأوتوستراد الذي يربط العاصمة بيروت بالاقليم وصيدا والجنوب، معلنة رفض نقل النفايات المتراكمة في شوارع بيروت إلى الإقليم.
ومع تفاعل قطع اوتوستراد الجنوب بالاتجاهين، تحول الحدث إلى معاناة كادت تُهدّد مصالح المواطنين وتشل العمل في إدارات الدولة ومؤسساتها لو لم يصادف تعطيل الطريق يوم عطلة، ومع ذلك شهد ارتالاً من السيّارات مصطفة على طول الخط الساحلي في ظاهرة كادت تغيب منذ أيام الاجتياح الإسرائيلي الأمر الذي استدعى اجتماعاً عاجلاً في وزارة الداخلية حضره رؤساء بلديات الإقليم إلى جانب كل من وزراء الداخلية نهاد المشنوق والبيئة محمّد المشنوق والزراعة اكرم شهيب، وأمين عام تيّار «المستقبل» أحمد الحريري للتباحث في الوضع الذي استجد وموقف الأهالي من التفاهم على نقل نفايات العاصمة بصورة مؤقتة إلى مطمر سبلين، وما يمكن ان يترتب على استمرار قطع الطرقات.
وكشفت مصادر بلدية لـ«اللواء» ان الاجتماع سادته أجواء تفاهم لجهة ضرورة إنهاء أزمة النفايات في العاصمة وعدم التسبب بمشكلات صحية في المناطق فضلاً عن تعطيل مصالح المواطنين غير المسؤولين عن الأزمة.
وأضافت هذه المصادر ان رؤساء البلديات سيعودون للاجتماع مع الوزير المشنوق في السابعة مساء اليوم بعد اجتماع يعقده رؤساء البلديات في العاشرة صباحاً.
ووصفت المصادر الوضع بأنه غير مريح، وانه ليس من صلاحيات رؤساء البلديات ان يتحولوا إلى شرطة لمنع النّاس من التعبير عن آرائهم، وبالتالي فهم ليسوا بقادرين على ضبط الشارع أو قمع إرادة المواطنين الرافضين لتحويل مناطقهم إلى مراكز استقبال السموم.
وفي المقابل، أكدت المصادر نفسها ان أرزاق النّاس ومصالحهم يجب ان تكون مصانة، وبالتالي من غير المستحب الاستمرار في قطع الطرقات، لا سيما وأن قطع طريق الساحل يلحق الأذى بمصالح النّاس بين العاصمة والجنوب والاقليم، وبالتالي فهناك توجه لفتح الطريق، حيث كانت الخطوة الأولى إعادة فتح الطريق البحرية ليلاً، على ان يشهد اليوم بداية حلحلة سواء في ما خص نقل النفايات أو فتح الطرقات في ضوء المشاورات الدائرة مع وزارة الداخلية التي تفهمت اعتراضات الاهالي، لكنها طالبت في المقابل بتفهم ضرورة رفع نفايات العاصمة، وتوزيعها ضمن حلول جزئية وغير دائمة، لأنه وفقاً لما أكّد الوزير شهيب، لا يجوز ترك العاصمة التي لا مكان لديها لطمر النفايات ان تواجه المشكلة وحدها، وهي عاصمة لبنان وفيها الجامعات والمستشفيات ومؤسسات الدولة التي تقدّم الخدمات لكل اللبنانيين بصرف النظر عن انتماءاتهم المناطقية أو الطائفية أو الاجتماعية.
اتصال هولاند بسلام
على صعيد آخر، علمت «اللواء» ان اتصالاً هاتفياً جرى بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس ميشال سليمان تداولا خلاله في تطورات الأوضاع في لبنان، على ضوء الاتفاق النووي مع إيران، والصعوبات التي تواجهها الحكومة في ظل الشغور الرئاسي.
وقد احاط الرئيس سليمان الرئيس الفرنسي بالاجواء الأخيرة التي عطّلت مجلس الوزراء، ودفعت الرئيس سلام للتفكير جدياً بالاستقالة.
وعُلم ان هولاند أبدى اهتماماً كبيراً بهذه التطورات، ناصحاً بعدم ترك الأمور تصل إلى استقالة الحكومة، مبدياً استعداده لاجراء اتصال بالرئيس سلام للتمني عليه بالاستمرار في تحمل مسؤولياته الوطنية في هذه المرحلة الحرجة.
وبالفعل، فقد اتصل الرئيس الفرنسي لاحقاً برئيس الحكومة مبدياً تفهمه لمواقفه،ومقدراً له الدور الوطني الذي يقوم به، ومتمنياً عليه صرف النظر عن الاستقالة، والاستمرار بمسؤولياته الدستورية، متعهداً بان تبذل فرنسا كل جهد ممكن لمساعدة لبنان في الخروج من الأزمة السياسية الراهنة.
وحفلت دارة الرئيس سلام في المصيطبة بسيل من الوفود الشعبية، إضافة إلى تجمعات سياسية وحزبية، طالبته بمتابعة مسؤولياته الوطنية والحكومية والتصدي بحزم لكل من يحاول تقويض الاستقرار، فيما أكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي زاره بدوره أمس، ان «رئيس الحكومة لن يذهب إلى مكان بأرجل سواه، له رجلان وله إرادة وله قرار، وسيعلن الرئيس سلام قراره في الوقت المناسب، لكنه لن يتخلّى عن مسؤولياته»
وأكد درباس ان كل الخيارات أمام الرئيس سلام مفتوحة، مشدداً على أن لا أحد يستطيع أن يأخذ شيئاً من صلاحياته، ومنها الاستقالة.
ولاحظ ان ما نراه في الشارع هو نتيجة حتمية للشلل الحكومي، لافتاً إلى شلل منهجي يتسرب إلى أوصال الدولة، بدءاً من الشغور في موقع الرئاسة الأولى وتعطيل مجلس النواب، والآن جاء دور مجلس الوزراء.
وقال ان النفايات التي تمتلئ بها كل بيروت هي عبء على ضمير كل مسؤول، والرئيس سلام يسعى، ولكن حذار، هذه ليست مسألة تقنية فنية، بل هي جزء لا يتجزأ من الشلل الحكومي».
جلسة الثلاثاء
إلى ذلك، أكدت مصادر وزارية لـ«اللــواء» أن المشهد المتوقع لجلسة مجلس الوزراء، غداً لا يزال ضبابياً بالكامل، نافية، أن يكون قد طرأ أي تطوّر جديد في الأيام القليلة الماضية من شأنه أن يُشكّل مخرجاً للاتفاق على مقاربة جديدة للعمل الحكومي.
وأوضحت هذه المصدر ان أي مبادرة حل لم تطرح، ولذلك فإن أي سيناريو معيّن لمسار الجلسة غير محدد بعد، مؤكدة ان البحث سيستكمل في آلية العمل الحكومي وأن الرئيس سلام سيفسح في المجال أمام النقاش ضمن سقف الدستور والأصول التي تحكم على مجلس الوزراء.
ولفت إلى ان الجلسة السابقة «أزالت» بعض التشنج لكنها لم تفلح في إزالة التباينات حيال كيفية مقاربة الأداء الحكومي، مستبعدة أن يطرح الرئيس سلام استقالته في جلسة الثلاثاء على اعتبار ان هذا الخيار هو آخر خياراته، لا سيما وانه حريص على عدم ترك البلاد للفراغ.
ردّ على نصر الله
على ان تحذير الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله من التلويح بالاستقالة، باعتبارها لن تقدّم أو تؤخّر شيئاً، حسب ما قال في كلمته في حفل تخريج أبناء الشهداء، قوبل برد فعل سريع وغاضب من رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، الذي اعتبر ان نصر الله نصب نفسه مرشداً سياسياً، واجلس نفسه في موقع المرشد والآمر والموجه والرقيب، ويحاول ان يُصادر من رئيس الحكومة حق الاستقالة.
وقال السنيورة ان كلام نصرالله يظهر تماماً انه يستعمل العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر لتحقيق مآربه، وفي المقابل يحتمي ويستقوي عون بما يعلنه نصر الله وحزبه ويحاول التحريض الداخلي لتحميل طائفة مسؤولية الانتقاص من حقوق طائفة أخرى.
وشدّد على ان الحل بوضوح شديد هو بانتخاب رئيس جديد للجمهورية كخطوة فورية واستعادة الدولة لهيبتها من خلال استعادة المؤسسات الدستورية لدورها.
وكان نصر الله قد دعا في الاحتفال المذكور إلى عدم المراهنة على الوضع الإقليمي، مؤكداً ان التلويح بالاستقالة لن يفيد بشيء وهو مضرّ للبلد، متهماً الفريق الآخر، أي المستقبل، بإدارة ظهره للحوار مع التيار الوطني الحر، ومشيراً إلى ان المطلوب حصول نقاش مباشر بين الطرفين.