وصل لبنان الى ازمة خطرة هي الاولى بهذا الحجم، منذ الحرب الاهلية، فهنالك فراغ رئاسي والبلاد من دون رئىس، وعبثاً دعت الدول الى انتخاب رئىس للجمهورية وحاول موفدون دوليون من طهران والرياض وموسكو وواشنطن وباريس ايجاد حل وتوافق لانتخاب رئيس للجمهورية ففشلوا كلهم. من هنا تعطل موقع الرئاسة الاولى في لبنان.
بعد تعطل موقع الرئاسة الاولى، ثم الانتقال لحل على مستوى الرئاسة الثانية وحصول التشريع في مجلس النواب، الا ان هذه الخطوة باءت بالفشل، وبقيت الرئاسة «رقم 2» معطلة دون تشريع، ودون فاعلية، وهكذا اصبح الموقعان الاول والثاني في لبنان معطلين وبالتالي انتقلت الازمة الى الموقع «رقم 3» اي رئاسة الحكومة والحكومة فحصل خلاف كبير بشأن آلية العمل داخل مجلس الوزراء كذلك في خصوص التعيينات الامنية وغيرها، وطرح العماد عون استرجاع حقوق المسيحيين واصبحت الازمة كبيرة داخل الحكومة، ورافقها تظاهرات في الشارع من التيار الوطني الحر وحصول تصادم مع الجيش، فتعطلت الحكومة وموقع الرئاسة «رقم 3»، وتمسك وزراء التيار الوطني الحر يدعمهم حزب الله بالمادة 62 من الدستور، فيما تمسك رئيس الحكومة بنظام مجلس الوزراء وفق الدستور دون الاخذ بعين الاعتبار غياب رئيس الجمهورية، فكبرت الازمة وعندها هدد سلام بالاستقالة لان معلومات وردت اليه بأن التيار الوطني الحر وبالتحديد العماد ميشال عون سوف يقوم بتظاهرات واعلان العصيان المدني، فكان رد الرئىس تمام سلام رفع التحدي في وجه خطة العماد عون والتهديد بتقديم استقالته، وعندها تصبح الحكومة تقوم بتسيير الاعمال، واذ ذاك يرى العماد عون ان لا سلطة امامه كي يتظاهر ويعلن العصيان المدني، وهكذا تعطلت الرئاسة «رقم 3» ولم يعد من خط دفاع في الدولة اللبنانية كلها بعد انهيار الرئاسة الاولى ورئاسة مجلس النواب وتعطيل الحكومة.
هنا بدأ السؤال ما هو الحل؟ يدور الحديث في الاوساط الدولية عن عقد مؤتمر بمشاركة الدول الخمس الكبرى +1 مع المانيا والتفاوض وجمع الاطراف اللبنانيين لايجاد حل على قاعدة تؤمن التوازن بين الطوائف في لبنان عبر مؤتمر تأسيسي بعدما ظهر ان اتفاق الطائف قام بتغليب طائفة على طوائف اخرى.

ـ انقطاع الاتصالات ـ

وفي المعلومات، فان الازمة الحكومية، تراوح مكانها، والرئيس بري رغم عودته من الخارج لم يبدأ تحركه العلني بعد، وربما يعمل بعيداً عن الاعلام، رغم تأكيد اوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير ان الامور ما زالت على حالها، مستبعدة الوصول الى حلول قبل الثلثاء.
فيما اوساط الرئىس تمام سلام رفضت التعليق على كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول موضوع الحكومة، مشيرة ان الموقف الذي سيتخذه الرئىس سلام ليس محسوماً، لكن الخيارات كلها مطروحة، كاشفة ان الرئىس سلام لم يتسلم بعد اي اشارات توحي بأن الامور ستتحسن، وكل ما سمعه يبقى في اطار «النوايا الطيبة» وهو ينتظر مسار جلسة الثلثاء ليقرر، لكنه لن يتنازل او يتخلى عن صلاحياته واشارت الاوساط الى ان الرئيس سلام تلقى اتصالات ديبلوماسية تمنت عليه التريث بالاستقالة وعدم الوصول الى الفراغ، وانه التقى السفير الاميركي ديفيد هيل وناقشا الموضوع الحكومي، ونقل له هيل دعمه للحكومة ورفض واشنطن للفراغ.. كما نقل له جنبلاط عبر ابو فاعور موقفاً فرنسياً داعماً لسلام.
اما التيار الوطني الحر فيحاول ايضاً الابتعاد عن السجالات الاعلامية وينتظر جلسة الثلثاء ويرفض الفراغ ايضاً، وهو منفتح على كل النقاشات مع التمسك بمطالبه لجهة صلاحيات رئيس الجمهورية والحل بالنقاش الهادىء حول الآلية، وعلى ضوء مسار الجلسة سيحدد تكتل التغيير والاصلاح في اجتماعه الاسبوعي الثلثاء ايضاً الموقف على ضوء مسار الجلسة.

ـ السيد نصرالله : التلويح بالاستقالة لا يقدم او يؤخر ـ

رد الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله بكلام موثق وعلمي وهادىء على كل الاتهامات والاضاليل التي تسوق ضد حزب الله محلياً واقليمياً ودولياً وفندها مؤكداً انه «بسبب شهداء الجيش والمقاومة وكل الذين استشهدوا انتصرت المقاومة وثبتت مقاومة الردع» معتبراً انه «لولا وجود هذه التضحيات والشهداء والعطاء والفداء لم ينعم لبنان بهذا الامن والاستقرار»، داعياً الجميع الى وقفة ضمير بعيدا ًعن الحسد والحقد والكراهية.
وأعرب عن أسفه لما آل إليه «موضوع النفايات وفشل الدولة والوزارات المعنية في معالجته»، مشيرا الى «اقتراح بعض الخبراء بإمكانية تحويل هذه النفايات الى فرصة إيجابية للاستفادة من تحويلها»، طالبا «التعاون على الحفاظ على الأمن الوطني اللبناني».
وعن الوضع الحكومي طالب بـ «حسم النقاش حول آلية العمل في الحكومة»، متسائلا عما «ينتظره البعض؟ وعلى ماذا يراهن؟»، متمنيا «عدم الرهان على الوضعين الإقليمي والدولي والدخول في حوار كي لا يضيع البلد»، داعيا «تيار المستقبل» إلى «البحث في آلية العمل الحكومي والتعيينات والدخول في نقاش مع التيار الوطني الحر»، آسفا لأن «تيار المستقبل يدير الظهر لكل ذلك».
ورأى أن «التلويح باستقالة الحكومة لن يقدم أو يؤخر شيئا، وهو مضر ومؤذ للبلد، والحل الوحيد يكمن في الحوار»، نافيا أن يكون «حزب الله وسيطا، لأنه طرف وحليف، وبالتالي لا يمكننا لعب دور الوسيط، وإن كنا نتباحث ونتواصل مع الجميع».
وكرر مطالبته «تيار المستقبل» بـ«النزول من برجه العالي والدخول في حوار مع التيار الوطني الحر»، محذرا من «أخذ البلد الى الفراغ، لأنها لعبة خطيرة وتصرف غير لائق وغير مسؤول»، معلنا «نحن نريد لهذه الحكومة أن تعمل، فلا تسقطوها بأيديكم».
واستذكر «الاتهام الاميركي لحزب الله، بأنه إرهابي»، قائلا: «هذا لا يهمنا، إضافة الى ما صدر مؤخرا من الإدارة الأميركية، حول عقوبات مالية بحق قادة في حزب الله، وفشلها في لوائح سعودية، لكنني أقول أن كل ذلك لا يقدم ولا يؤخر، وما التجربة مع إيران إلا دليل على فشلهم».
ونفى أن «يكون للحزب أموال في البنوك الأميركية كي تتم مصادرتها»، مؤكدا أن «أميركا تبقى الشيطان الأكبر قبل وبعد الاتفاق النووي»، مشددا على «فخر المقاومة بأنها ستبقى في وجه العدو الإسرائيلي والأميركي».
وتطرق الى «العمل على تشويه حزب الله وقادته ومجاهديه في بعض وسائل الإعلام، ومنها اتهامه ببيع المخدرات على الصعيد العالمي، أو تبييض الأموال»، مؤكدا «أن لا أساس لذلك من صحة، لأنه حرام في شرعنا وفقهنا».
ورأى أن «هذا التشويه هو للاغتيال المعنوي».

ـ المشنوق: جمع النفايات سيبدأ ـ

تفاقمت ازمة النفايات وتحولت الى «تلال» غطت شوارع العاصمة والضواحي وانتشرت روائحها في كل مكان وسط ارتفاع في درجات الحرارة وارتفاع ساعات التقنين الكهربائي، فعانى المواطنون الامرين وما زاد في تفاقم المشكلة قيام مواطنون بحرق النفايات مما خلف سحبا من الدخان القاتل، استدعى من المواطنين وضع «كمامات» ارتفعت اسعارها بشكل لافت.
لكن وزير البيئة محمد المشنوق بشر اللبنانيين عبر بيان «مكتوب» بقرب حل مشكلة النفايات معلنا انه تم وضع لوائح بالاماكن التي ستنقل اليها النفايات الموضبة في بالات، وتسليم هذه اللوائح لرؤساء اتحادات البلديات في المناطق المختلفة، وانه «تجري الآن عمليات التنسيق لرفع النفايات من معامل المعالجة الى هذه الاماكن، وبدء عمليات الكنس والجمع لرفع النفايات من الشوارع والبلدات في هذه المناطق، كذلك سيبدأ هذه الليلة (امس) وفي الايام المقبلة، رفع النفايات من مدينة بيروت بعدما تم التفاهم على الأماكن التي ستوضع فيها البالات المعالجة». رغم ان وزير البيئة لم يحدد اسماء «المكبات العشوائىة» في المناطق في ظل رفض العديد من البلديات «رمي» النفايات في مناطقها، حيث أعلنت بلدية الشويفات رفضها «كب» النفايات في خلدة.
الحل الذي طرحه الوزير محمد المشنوق «موقت» واذا سارت الامور، كما وعد، فانه يخفف المشكلة نسبياً فقط، لكن «عتب» الرئيس سلام والوزير محمد المشنوق ظهر واضحاً على الحلفاء الذين تركوا الوزير محمد المشنوق وحيداً وحتى اقرب المقربين «ابن العم» الذي رفض ان تواكب قوى الامن الداخلي شاحنات النفايات الى المكبات العشوائىة في القرى منعاً للاصطدام مع الناس.
كما ان العتب على النائب جنبلاط ما زال كبيراً وعلى «قد المحبة» رغم ان جنبلاط اشار الى انه لن يتراجع عن اقفال مطمر الناعمة، وليبدأوا برمي نفايات بيروت والضواحي في خلدة وسنسول قرب الكرنتينا.
وفي ظل تفاقم كارثة النفايات، تحرك المجتمع المدني والاهالي الذين نظموا اكثر من وقفة احتجاجية في بيروت والمناطق وهددوا باقفال الطرقات ورفعوا يافطات «رائحتكم طفحتنا».
علماً انه حتى ساعة متأخرة من ليل امس لم يبدأ تنفيذ قرار الوزير المشنوق بعد.