على وقع وعد وزير البيئة محمد المشنوق ببدء رفع النفايات من بيروت مساء امس وفي الايام المقبلة إيذانا بحل موقت لإحدى ابشع الازمات البيئية التي يشهدها لبنان منذ حقبات الحرب والتي تتداخل فيها شتى عوامل القصور السياسي والفساد والفوضى الى حدود اثارة نعرات مناطقية اتسعت بقوة في الايام الاخيرة ، يترقب اللبنانيون الساعات المقبلة للتخلص من عبء هذه الازمة ومشاهدها المقيتة باي طريقة .

ولكن وفي انتظار الاختبار الموعود بدا من الصعوبة التركيز على كارثة النفايات وتداعياتها وحدها في وقت كانت تزاحمها وتتسابق معها الازمة السياسية - الحكومية خصوصا ان البعض الكثير من عوامل التأخير في انهاء الاولى يتصل بالثانية بدليل قذف المناقشة الملحة والعاجلة التي كان يفترض ان تجرى وتتخذ القرارات الحاسمة والناجعة حيالها في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة الى الموعد اللاحق للجلسة الثلثاء المقبل بفعل استعصاء حل ازمة آلية مجلس الوزراء الخلافية . ولم تحمل طلائع المواقف او المعطيات السياسية التي برزت في الساعات الاخيرة اي ملامح ايجابية حيال الفسحة الزمنية الفاصلة بين الجلسة الاخيرة والجلسة المقبلة والتي راهن كثيرون عليها علها تفضي باتصالاتها ومشاوراتها الى مخرج وسطي يعيد احياء انتظام مجلس الوزراء والحكومة التي تشارف واقعيا الدخول في واقع تصريف اعمال مقنع وسافر في آن واحد .
الجديد الطارئ في الازمة الحكومية برز عبر مواجهة غير مباشرة للمرة الاولى بين رئيس الوزراء تمام سلام و" حزب الله " بدت بمثابة مؤشر الى سقوط العوازل التي ظلت حتى الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء تحول دون هذه المواجهة في شكلها المباشر الى ان كان رد الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله مساء امس على تلويح رئيس الحكومة بامكان استقالته . وبدا من كلام نصرالله في احتفال تخريج ابناء الشهداء للحزب انه ادرج التلويح بالاستقالة كأنه رمي لكرة ازمة الخلاف بين رئيس الحكومة والأفرقاء السياسيين الاخرين مع التيار الوطني الحر المدعوم من الحزب في مرمى الحزب نفسه من خلال دعمه المتواصل لموقف التيار العوني في مطالبه المتعلقة بالية مجلس الوزراء . ولكن السيد نصرالله الذي اوحى برده انه التقط مغازي التلويح بالاستقالة سارع في المقابل الى تجديد تحميل تيار المستقبل تبعة تأخير الحل مكررا انتقاده له لعدم محاورته التيار العوني في مطالبه بما يعني ان نصرالله يوحي ضمنا وعلنا ان استجابة مطالب حليفه العوني هي لدى تيار المستقبل حصرا مختزلا بذلك سائر المكونات الحكومية . قال نصرالله في هذا السياق بنبرة تحذيرية " ان التلويح بالاستقالة من الحكومة لن يقدم ولن يؤخر ومن يهدد بالاستقالة يأخذ البلاد الى الفراغ ونحذر من هذه اللعبة الخطرة . فلا تسقطوا الحكومة بايديكم ونحذر من خطر الفراغ والمجهول" . وكرر الدعوة الى تثبيت الاستقرار مشددا على ان " على تيار المستقبل ان ينزل من برجه العاجي وإجراء حوار مع تكتل التغيير والاصلاح " بل ذهب الى نفي ما تردد عن وساطة لحزب الله في هذا السياق معترفا بوضوح " بأننا طرف مع حليفنا ولسنا وسيطا " .
وتجنبت مصادر وزارية في قوى ١٤ آذار والمكونات المستقلة الاخرى التحدث مسبقا عما يمكن ان تكون عليه تطورات الازمة الحكومية في انتظار بلورة الاتجاهات في اليومين المقبلين ولكن بعضها في قوى ١٤ آذار قال ان كلام السيد نصرالله ينطبق عليه المثل القائل " كاد المستريب ان يقول خذوني " بمعنى ان الحزب اعترف بوضوح انه يقف وراء تعنت حليفه العوني وان موقف الرئيس سلام أفضى الى كشف رأس جبل الجليد فكان هذا الرد عليه مباشرة في شكل غير متوقع . ولم تقلل المصادر اثر هذا الموقف الجديد - القديم خصوصا لجهة ارتداداته السلبية المتوقعة برفض تيار المستقبل محاولة الحزب وسيده تحميله تبعة تعنت حليفه العوني في وقت تنكشف فيه ملامح توزيع الأدوار بينهما وبعدما أدى رفض الرئيس سلام الانصياع لهذه اللعبة الى كشف الحقيقة كما هي . وقالت ان المشاورات ستستمر في الساعات المقبلة مع الرئيس سلام والقوى الحكومية على اختلافها علما ان الرئيس سلام لا يزال متشبثا برفض اي ابتزاز واي اتجاه اضافي لتعطيل الحكومة والساعات المقبلة ستكون كفيلة ببلورة اتجاهاته حيال الواقع الحكومي والسياسي .
ومساء اشتعلت سوق الشائعات الاعلامية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي التي بلغت حدود الحديث عن كتابة الرئيس سلام نص استقالته وتقديمها الى الامين العام لمجلس الوزراء . وسارع المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الى اصدار بيان ليلا نفى فيه هذه الشائعات جملة وتفصيلا.

 

بيان رئاسة الحكومة

وقبل منتصف الليل، أصدر مكتب سلام بياناً أكد فيه "التوصل إلى صيغة حلّ مرحلي فوري ومؤقّت يقضي برفع النفايات من بيروت وضاحيتها وعدد من مدن محافظة جبل لبنان الى مواقع تمّ تحديدها من قبل وزارة البيئة".
وقال البيان انه "في مواجهة معضلة النفايات التي تحوّلت، مع تأجيل الحلول المقرّرة سابقاً، إلى أزمة ثمّ إلى مشكلة لكلّ المواطنين في بيروت وجبل لبنان وعدد من المناطق اللبنانية، ونظراً لأن بيروت هي الحاضنة لكل اللبنانيين، ولوضع حدّ للأضرار السياسيّة والاجتماعيّة والصحيّة والبيئيّة والاقتصاديّة التي تهدّد الوطن والمواطنين، بانتظار انتهاء مناقصات الخطة الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة بعد اسبوعين". وأضاف البيان أنه :في هذا الظرف الاستثنائي الذي شهد اتصالات مكثّفة تولّاها رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام وشارك فيها الرئيس نبيه بري، والرئيس سعد الحريري، ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط".

وأكد أنه "تمّ التوصّل إلى صيغة حلّ مرحلي فوري ومؤقّت يقضي برفع النفايات من بيروت وضاحيتها وعدد من مدن محافظة جبل لبنان الى مواقع تمّ تحديدها من قبل وزارة البيئة، استناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم 1 تاريخ 12/1/2015، على أن تبدأ هذه الاعمال فوراً"، مضيفاً أنه بموازاة هذا الحلّ الذي نشدّد على طبيعته المؤقتة، نشكر كل من ساهم فيه لاسيما رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميل ورؤساء اتحادات البلديات. وسيستكمل العمل على تقييم العروض الخاصة بالمناقصات التي تمّ إطلاقها تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء رقم 1 تاريخ 12/1/2015 (الخطة الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة) على أن يليها، في أسرع وقت ممكن، إقرار دفاتر التلزيم لمناقصات التفكّك الحراري في المدن الرئيسيّة التي يجري الاعداد لها تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء رقم 55 تاريخ 1/9/2010، والقرارين المكمّلين له (قرار مجلس الوزراء رقم 46 تاريخ 30/10/2014 المعدّل بالقرار رقم 1 تاريخ 12/1/2015)، وإطلاق المناقصات ذات الصلة".