عندما نتحدث عن العنف الأسري يتبادر الى الذهن فوراً العنف الذي يمارسه الرجل ضد المرأة أو الاولاد في مجتمع ذكوري بامتياز، لكن المفارقة أن هناك دراسات، وان كانت غير رسمية، تحذر من ارتفاع معدل عنف النساء ضد الرجال، عنف قد يكون في حالات استثنائية، غير أنه لا يمكن إنكار وجوده، عنف تعددت أشكاله وألوانه مما يعاكس الصورة النمطية السائدة من أن المرأة كائن ملائكي لا يخطىء، والرجل هو الظالم والطاغية دائماً.

"ثقافة سي السيد" بدأت تهتز متجاوزة الحدود الجغرافية، بعدما علا الضجيج ليصل الى كل الجمعيات الحقوقية والمنظمات الإنسانية. فالإحصاءات تشير الى أن 30 في المئة من الرجال في العالم العربي يعانون من العنف الزوجي، وتحتل مصر المرتبة الأولى لناحية ضرب النساء لشركائهن، حيث وصلت نسبة عنف الزوجات ضد أزواجهن الى 50 في المئة من إجمالي عدد المتزوجين في مصر، يليها اقليم كردستان.

ذه الظاهرة اللافتة لا تقتصر فقط على العالم العربي، بل هي متفشية أيضاً في العالم الغربي. ففي ألمانيا تأسس أول ملجأ لإيواء الرجال الذين يتعرضون للضرب المبرح و التعذيب على أيدي زوجاتهم تم تمويله من جمعيات اجتماعية خيرية ومنظمات انسانية غير حكومية يضمن لضحايا الزوجات الرعاية النفسية والاجتماعية وإعادة التأهيل الاجتماعي بعد المشاعر السلبية التي حلت بهم على أيدي زوجاتهم.

يتخذ العنف ضد الرجل أشكالاً عدة تبدأ بصفع الوجه مروراً بإشهار الأدوات الحادة، الى توجيه الركلات، الى مواضع مختلفة من أجسادهم. إنه عصر المساواة حتى في الركل وشد الشعر والعض الى الإهانات والشتائم والسباب وتلويث السمعة وألقاب التحقير. لكن ما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الظاهرة الاجتماعية النافرة؟

تقول اختصاصية علم النفس العيادي جوزيان عقل إن العنف ضد الرجال قد يكون ردة فعل على عنف قاس يمارسه الرجل ضد المرأة، مما يقابله عنف في مستواه أو أقل منه. يمكن أن يفسر العنف الصادر من النساء ضد الرجال من خلال التركيبة النفسية للمرأة، حيث أنه قد تم التعامل معها بقسوة في طفولتها وأثناء فترة شبابها، لأن النشأة في بيئة معنفة قد يتنج عنها عنف صادر عن المرأة ، وهذا تفسير نسبي لا ينطبق على جميع الحالات.

وبحسب عقل، غالباً من تكون المرأة المعنفة (بكسر النون) متزوجة من رجل ضعيف الشخصية، وبحكم أنها تتحمل مسؤولية البيت والأولاد قد تدفعها هذه المسؤولية الى الطغيان واستعمال العنف، لأنها أخذت مكانة الرجل. قد يرجع العنف الصادر عن النساء الى حالات من الانحراف، وهي حالات النساء اللواتي يتعاطين المخدرات وشرب الكحول، وهو سلوك يبدل طبيعتهن الأنثوية الى طبيعة عنيفة. كذلك فإن الفارق العمري الكبير بين الزوج والزوجة والطلاق والانفصال وزواج المصلحة وعدم التوافق والتكافؤ الاجتماعي بين الشركين كلها عوامل تؤدي الى ممارسة العنف من قبل الزوجة.

يمثل العنف بين الشركين آفة مدمرة للصحة، فقد توصل باحثون أميركيون في جامعة أوهايو في دراسة حديثة الى أن العلاقات العاطفية التي يشوبها التوتر والخلافات الزائدة تتسبب في تدمير الجهاز المناعي بصورة تماثل تفشي الأمراض المزمنة في الجسم، ويبقى الحوار بالكلمات وليس باللكمات هو الحل الأمثل لشراكة حقيقية وصحيحة.

 

 

 

 

(24)