مع تمديد إجازة العمل الحكومي، تتّجه الأنظار إلى عين التينة التي ستَستضيف مساء اليوم جلسةً حوارية جديدة بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» والتي سيُخَيّم التعطيل على أجوائها.

برّي لـ«الجمهورية»

وقال رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ«الجمهورية»: «إنّ الوَضع لم يعُد يتحمّل تعطيلاً حكومياً أو تشريعياً، وإنّ الاتصالات والجهود منصَبّة على تأمين انعقاد مجلس الوزراء وفتحِ دورة تشريعية استثنائية لمجلس النوّاب من أجل إقرار مجموعة مشاريع قوانين ملِحّة ولا يمكن البلد تحَمّل تبعات تأخير إقرارها أو إلغائها، خصوصاً أنّ بعضَها هو اتّفاقات بين لبنان وبعض المؤسسات الماليّة الدولية».

وأشار برّي إلى أنّ رئيس الحكومة «يترَوّى» في التعاطي مع التعطيل الحاصل لمجلس الوزراء، وأنّ هناك تواصلاً بينهما، مكرّراً القولَ «إنّنا في الهوا سَوا»، فالحكومة معطّلة والمجلس معطّل، وهذا الواقع لا ينبغي أن يستمرّ».

وكشفَ برّي أنّ جلسة الحوار اليوم ستَتناول موضوع التعطيل الحكومي والتشريعي، وأنّه أوعَز إلى معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل الذي يشارك في الحوار، طرحَ هذا الموضوع مع المتحاورين. وأكّد «أنّ النصاب مؤمَّن حتى ولو كان بالنصف زائداً واحداً، من أجل إقرار القضايا
والمشاريع الملِحّة، سواءٌ في الحكومة أو في المجلس النيابي، على الرغم من مراعاته المسألةَ الميثاقية».

وردّاً على سؤال حول مدى تأثير السجالات الحادّة التي تَحصل بين «المستقبل» و»الحزب» على الحوار، أجاب برّي: «إنّ الفريقين يتساجَلان كلٌّ بطريقته، لكنّ الحوار مستمر». وعن المستجدّات في الوضع السوري كرّرَ القولَ إنّه يَهتمّ «بكلّ سوريا وليس بمكوّن واحد من مكوّناتها فقط.

سلام والسفَراء

في غضون ذلك، كشفَت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة عقدَ مساء أوّل مِن أمس السبت اجتماعاً بِناءً على طلبِه مع سفَراء الولايات المتحدة الأميركية ديفيد هيل وفرنسا باتريس باولي وبريطانيا طوم فليتشر، وترَكّز البحث خلاله على ما آلت إليه التطوّرت على الساحة اللبنانية.

وقالت هذه المصادر إنّ سلام تبَلّغَ مِن السفراء الثلاثة إصرارَهم على عدم تركِ الوضع الحكومي يَدخل في دوّامة التعطيل، وشَجّعوه على بذلِ مزيد من الاتصالات لاتّخاذ خطوة تعيد الحكومة إلى العمل بأيّ شكل من الأشكال.

بدورهم، وعدَ السفَراء بإجراء الاتصالات اللازمة مع مختلف الأطراف لإعادة إحياء العمل الحكومي محَذّرين مِن أنّ تعطيل العمل الحكومي قد يطيح بالمساعدات الدولية، ما شَكّلَ نوعاً مِن الإنذار الديبلوماسي هو الأوّل مِن نوعه تتلقّاه الحكومة والمتسبّبين بعرقلة عملِها إذا لم تستأنف جلسات مجلس الوزراء، في اعتبار أنّ المجلس هو المؤسسة الدستورية الوحيدة التي تعمل بشكل طبيعي في البلاد.

ورجّحت مصادر مطّلعة أن يقرّر سلام هذا الأسبوع موقفَه في شأن دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد في جلسة الاسبوع المقبل وقد تكثّفَت الاتصالات في الساعات الماضية وتحدّثَت المعلومات عن «أيام حاسمة» بعد المواقف الأخيرة لرئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي بدا أكثرَ تشَنّجاً، في ظلّ الإجماع على رفض التعطيل الحكومي. لذلك ستتركّز الاتصالات في اتّجاه «حزب الله» الذي أشارت معلومات إلى أنّه وَعد بإجراء الاتصالات اللازمة بعدما كان طلبَ استمهالَه أسبوعين.

وقالت مصادر وزارية إنّ سلام أبدى حرصاً على إبقاء «شَعرة معاوية» مع مختلف الأطراف، خصوصاً مع عون الذي صَعّدَ في الساعات الماضية. إلّا أنّ سلام قد يضطرّ إلى استخدام صلاحياته عمّا قريب والدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء، ما لم تَحصل «معجزة» تُبَدّل موقفَ عون.

الجميّل لـ«الجمهوريّة»

وفي المواقف، رفضَ الرئيس أمين الجميّل تحميلَ المسيحيين مسؤولية الفراغ الرئاسي، وقال لـ«الجمهوريّة»: «إنّ هذا الكلام فارغ وغيرُ منطقِي». وأضاف: «إذا أخَذنا التيّار العوني، لا يستطيع وحدَه التعطيل لو لم يحصل التقاء مصالح مع الغير ساهَمَ في تعطيل النصاب والانتخابات معاً»، لافتاً إلى أنّ «المسيحيين قادرون على المساهمة في إجراء الانتخابات إذا انفتحَ عون على بقيّة الأطراف المسيحية لإيجاد مخرج جدّي للرئاسة وليس لأهداف أخرى».

ووصِف الجميّل كلام نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم «إمّا أن تنتخبوا عون رئيساً أو لا رئيس»، بأنّه «كلام فَوقيّ لا يخدم المصلحة العامة، خصوصاً أنّه صَدرَ عن رجل يضَع عمامةً ويَجب أن تكون يدُه ممدودة لا أن يُهدّد بإصبعِه ويكون قلبُه قاتماً». أمّا عن استحقاقَي الحكومة وقيادة الجيش، فيُجيب الجميّل خاتماً: «وَقت نوصَل لَيها مِنصَلّي عليها». (التفاصيل صفحة 7)

زعيتر

وقال وزير الأشغال العامّة غازي زعيتر لـ«الجمهورية»: «إنّ موقفَنا من الموضوع الحكومي أعلنَه الرئيس بري». وأشار إلى «أنّ الوزراء لم يتبَلّغوا بعد أيّ دعوة لمجلس الوزراء الى الانعقاد هذا الاسبوع. واستبعد انعقادَها هذا الاسبوع في انتظار عودة سلام من زيارته لمصر.

وأكّد زعيتر «أنّ على الجميع تحَمّل مسؤولياتهم والذهاب الى جلسات مجلس الوزراء، فيكفي أنّهم عطلوا المجلس النيابي من خلال تغَيُّبِهم بذريعة بدعةِ تشريع الضرورة، فلا شيء في الدستور اسمُه تشريع الضرورة، فإمّا يجتمع المجلس وإمّا لا يجتمع».

«الحزب» و14 آذار

وعشيّة جلسة الحوار، صَعّدَ «حزب الله» حملتَه على فريق 14 آذار، وقال قاسم إنّ «جماعة فريق 14 آذار ينتظرون خطاباتنا للشَتمِ والرقص على الفِتنة، ولن يعجبَهم أيّ موقف نتّخذه حتى ولو كان أشرفَ موقف في العالم، ولذلك سيقولون الأبيض أسوَد والأسوَد أبيَض، لأنّنا نحن أصحاب الموقف، ونحن أصبحنا معتادين على ذلك، فعندما يَخطب أيّ مسؤول من حزب الله، بدءاً من سماحة الأمين العام حَفظَه الله وصولاً إلى الآخرين، نجدُ في اليوم التالي الصحفَ مملوءةً بردودٍ على بعض الكلمات الموجودة في خطاباتنا، إلى درجةِ أنّنا لا نَدري ماذا يناقشون وعلى ماذا يُجيبون ويَردّون،

فلا نفهمُ ممّا يقولون سوى أنّهم يَصرخون، ولذلك نحن لا نردّ عليهم لأنهم جماعة مساكين ولا يرون الحق، فهُم يصرخون ونحن نعمل، ويَنتظرون وينظّرون ونحن نحرّر، والنتيجة لمن يَعمل ويُحرر، وليس لمن يَصرخ ويُنَظّر، وسنقولها بالفم الملآن: إنّنا لن نقبلَ الإرهاب ولا الاحتلال ولا الهيمنة حتى لو ملأوا الدنيا صراخاً وبُحَّت أصواتهم (...) ويجب أن يفهمَ جماعة فريق 14 آذار شيئاً وهو أنّنا شركاء في لبنان،

ونحن لن نقبل أن يكون هذا الوطن حِكراً عليهم، فطالما فشلوا في بناء الدولة بعدما استأثَروا بها لفترة من الزمن، فإنّ الحلّ يكمن في أن نتعاون معاً، ونحن نمدّ أيديَنا على قاعدة عدم الإستئثار، وإذا كانوا ينتظرون المتغيّرات الدولية والإقليمية، فهي لن تكون لمصلحتهم، فهم انتظروا سوريا ثلاثة أشهر،

ومِن ثمّ ثلاثة أشهر أخرى حتى مضَت أربعة أعوام ونَيّف، ولم يتغيّر الوضع فيها كما يرغبون، بل ازداد سوءاً عليهم، وإذا كانوا يراهنون على أنّ هذا الانتظار سيُتعِبنا، فنقول لهم لا تنتظروا تعبَنا، فنحن نتجلى بالتضحيات ونقوى أكثر فأكثر، واليوم نحن أقوى من أيّ وقت مضى، ولن تستطيعوا اللحاق بنا، فخير لكم أن تقبلوا أيديَنا الممدودة لنسير معاََ، وإلّا تَخَلّفتم عن الركب».

من جهته، اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق «أنّ شعارات الاعتدال وأقنعتَه قد سَقطت عن قوى 14 آذار بدعمِهم وتسهيلهم للعصابات التكفيرية في جرود عرسال، فيمكن أن نسَمّي هذه القوى اليوم بكلّ شيء إلاّ بصفة الاعتدال، لأنّ هذه الصفة هي أوّل ضحايا التحريض المذهبي».

سعَيد

وقال منَسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ»الجمهورية»: «في لبنان عادةً، عندما يَخسر فريق لا يربح فريق آخر، وعلى الرغم مِن أنّ 14 آذار تشعر بأنّها ستَنتصر مع سقوط النظام السوري فهي تؤكّد أنّها ستتعامل بنَحوٍ أخلاقي مع الآخرين كونها حركةً لبنانية صافية، وتعتبر أنّ الدولة في لبنان هي ضمان للجميع وسقوطُها يعني سقوطَ هذا الضمان، وعندها سيَبحث اللبنانيون عن ضمانات رديفة وما تريده 14 آذار هو الحفاظ على البيت اللبناني ليعود الضالّون إليه».

إنتخابات «الكتائب»

وعلى صعيد انتخابات حزب الكتائب، أعلنَ الأمين العام للحزب ميشال خوري مساء أمس فوزَ النائب سامي الجميّل برئاسة الحزب وحصولَه على 339 صوتاً مقابل 39 صوتاً لمنافسه بيار عطالله.

وتوَجّه الجميّل إلى الكتائبيّين قائلاً: «في هذه اللحظة يَذهب فِكري إلى جميع الشهداء وكلّ مَن اسشهدوا لنكونَ هنا اليوم، وأشعر بحملٍ ثقيل جدّاً وبمسؤولية كبرى، وسيَكون عملي اليومي إلى جانب جميع الكتائبيين واللبنانيين والأوادم وكلّ أمّ وأب وكلّ شاب يناضل كلّ يوم ليَبقى في لبنان».

ووعَد الجميّل جميعَ اللبنانيين بأن «يكون وفيّاً لكلّ التضحيات التي يَبذلونها»، مشيراً إلى أنّه «سيَعمل 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع و365 يوماً في السَنة»، متقدّماً مِن زوجات الكتائبيين بالاعتذار «لأنّ نَومةَ البيت ستكون صعبة، والرجعة إلى البيت ستكون صعبة».

وحيّا الجميّل والدَه «هذا الرجلَ الكبير الذي فتحَ المجال أمام جميع الكتائبيين لكي يَخوضوا هذه المعركة الديمقراطية»، كذلك تَقدّمَ بالاعتذار من الجميع، قائلا: «هناك شباب وصبايا صاروا في السماء وسأزوهم في المدفن، إذ منهم نَستمدّ القوّة»، مؤكّداً أنّ «شعار الكتائب هو العمل، وهيّا فتى الكتائب إلى العمل».