يبقى الترَقّب سيّد الموقف على جبهة الاتصالات السياسية بعد ترَيّث رئيس الحكومة في دعوة الحكومة إلى الاجتماع إفساحاً في المجال أمام المساعي القائمة لكسرِ حلقةِ الجمود المستجدّة، وعلى جبهة المعارك الميدانية بعدما أعلنَ الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله» أنّ المعركة مع «داعش» بدأت، وأنّ الحزب سيَستكمل الهجوم ولن يقبلَ بوجود أيّ إرهابي وتكفيري على الحدود».

سلام في اليرزة

في غضون ذلك، وفي إطار الجولات التي يقوم بها وفد نواب «المستقبل» على القوى السياسية، زار أمس قائد الجيش جان قهوجي واضعا إياه في صورة هواجسه من قضية عرسال بعدما كان التقى سلام الذي يزور وزارةَ الدفاع الوطني عند العاشرة من قبل ظهرِ اليوم، في مبادرةٍ هي الأولى مِن نوعها لرئيس الحكومة، في زيارةِ تضامن مع الجيش في وجهِ التحدّيات ومعركته ضد الإرهاب، والتأكيد على الثقة به.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ جولة سلام في منشآت الوزارة ستَشمل زيارةً أولى إلى نائبه وزير الدفاع سمير مقبل، قبل أن يزور قائد الجيش العماد جان قهوجي، فغرفةَ العمليات المركزية في الوزارة حيث مِن المقرّر أن يلتقي كبارَ الضبّاط بحضور مقبل وقائد الجيش.

وأمام الحضور الشامل سيُلقي سلام كلمةً بالمناسبة يؤكّد فيها دعمَ الحكومة المطلق للجيش اللبناني، ويشَدّد على أهمّية بقائه على أعلى جهوزيته في مِثل الظروف التي تعيشها البلاد في ضوء حجم التحدّيات التي يواجهها، سواءٌ على الحدود اللبنانية - السورية التي يَنتشر عليها، أو لجهة المواجهة المفتوحة مع الإرهاب. وقالت مصادر معنيّة بترتيبات الزيارة إنّها تكتسب أهمّية بالغة في ظلّ الهَجمة التي يتعرّض لها الجيش وقائدُه على كلّ المستويات.

... ويلتقي السيسي

وكشفَت مصادر ديبلوماسية عربية واسعة الاطّلاع لـ»الجمهورية» أنّ الترتيبات بوشِرَت في بيروت والقاهرة استعداداً للزيارة التي سيقوم بها سلام إلى القاهرة الأربعاء المقبل للقاء الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي ونظيره رئيس الحكومة إبراهيم محلب.

وقالت المصادر إنّ التطوّرات الأخيرة في المنطقة، خصوصاً الوضع في لبنان الذي شَكّلَ في كثير من وجوهِه انعكاساً لِما يجري في سوريا وغيرها من مناطق التوتّر العربية، بالإضافة إلى الهموم العربية المشترَكة الناجمة عن الحروب في عدد من الدوَل العربية، فرضَت هذه الزيارة التي ستترافَق مع مبادرة مصريّة لتأكيد دعم الرئيس السيسي للحكومة اللبنانية والاستقرار السياسي والأمني في لبنان والسعي إلى جانب الدوَل المعنية بتسهيل الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية يوَفّر مزيداً مِن الاستقرار في البَلد، بالإضافة إلى إعادة إطلاق العمل في المؤسسات الدستورية المهدّدة بالشَلل واحدةً بعد أخرى، نتيجة الشغور الرئاسي.

ولم تستبعِد المصادر أن يعلنَ السيسي استعدادَ بلاده لدعم المؤسسة العسكرية في لبنان بهِبة عينية عسكرية، وهو ما سيؤدّي إلى ترتيب زيارة لوفد عسكري لبناني إلى القاهرة في القريب العاجل.

وقالت المصادر إنّ المحادثات ستتناول مصيرَ بعض الأسلحة المنتَجة في المصانع المصرية التي ستزوّد بها مصر لبنانَ نتيجة الزيارة القديمة التي قام بها الرئيس سعد الحريري إليها وتبعَه في حينِه وزير الداخلية نهاد المشنوق ترجمةً لهِبة المليار السعودي الرابع الذي خُصّص من العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز لدعم المؤسسات العسكرية والأمنية في مواجهة الإرهاب.

وفي الترتيبات التي لم تنجَز بعد من الجانب اللبناني يُنتظَر أن يشَكّل رئيس الحكومة نهايةَ الأسبوع الجاري الوفدَ الوزاري والاستشاريّ المرافق له إلى العاصمة المصرية، عِلماً أنّ بعض الترتيبات تَنتظر تفاهمات بين الوزراء اللبنانيين ونُظرائهم المصريين لترتيب لقاءات ثنائية مشترَكة إبّان وجود الوفد في العاصمة المصرية في زيارة يقدّر أنّها ستستمرّ يومين.

صواريخ تاو

وفي سياق الدعم الأميركي المتواصل للجيش اللبناني، حضَر أمس السفير الاميركي ديفيد هيل عرضاً بالذخيرة الحيّة في حقل الطيّبة للرماية التابع للجيش اللبناني في مدينة بعلبك، وذلك للاحتفال بتسليمه أكثرَ من 200 صاروخ تاو TOW-II والعشَرات من القاذفات، وتَبلغ قيمة هذه المساعدة، التي تمّ تسليمُها أواخرَ شهر أيار الماضي، أكثرَ من 10 ملايين دولار، وذلك بتمويل مشترَك بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

هيل

وفي المناسبة قال هيل «رأينا من خلال هذا العرض مدى فعالية الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى. كما رأينا مواهبَ الجنود الذين أؤمِن بأنّ لديهم الالتزام، والإرادة، والتصميم، والقدرة على الدفاع عن لبنان والشعب اللبناني. والولايات المتحدة لديها مِلء الثقة في ذلك.

فيما يواصل الجيش اللبناني الدفاعَ عن لبنان، سوف تستمرّ الولايات المتحدة بتزويد الجيش اللبناني بكلّ ما يطلبه منها بتمويل من الولايات المتحدة والتبرّعات السخية التي تقدّمها المملكة العربية السعودية.

نحن نفعل ذلك لأنّنا ملتزمون كلّياً بالتأكد بأنّ الجيش لديه القدرة أن يكون المدافعَ الوحيد عن أراضي لبنان وحدوده، ومسؤول أمام الدولة وأمام الشعب اللبناني من خلال الدولة. إنّ هذا الالتزام طويل الأمد، وسوف نقف إلى جانب لبنان في هذا الصَدد إلى أن يُهزَم الإرهابيون».

غياب الجلسة

مع غياب جلسة مجلس الوزراء اليوم، يَنتظر الجميع أن تتظهّر نتائج الاتصالات السياسية التي يقوم بها كلّ مِن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لعودةِ عجَلة العمل الحكومي والتشريعي إلى الدوَران. وقد نَقل النواب عن بري قولَه أمس «إنّ البلد لا يتحمّل المزيد من التعطيل، وهذا بطبيعة الحال سيَنعكس على مصلحة لبنان وسمعتِه أيضاً في الخارج ويشلّ الدولة».

الحوار بنسختِه 13

وفي ظلّ التأزّم السياسي الحاصل، تشخصُ الأنظار إلى جلسة الحوار الرقم 13 والتي تعقَد الثلثاء المقبل في 16 حزيران وسط حِرص طرفَي الحوار: «حزب الله» وتيار «المستقبل» على إعلان التمسّك به، عِلماً أنّ الجلسة الجديدة ستنعقِد على وقعِ تطوّرات المعارك في القلمون وجرود عرسال والمواقف المؤيّدة والرافضة لِما يَجري والشَلل الحكومي الحاصل والتعطيل الرئاسي المستمرّ وتأكيد نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم إمّا انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية أو الفراغ إلى أجل غير مسَمّى».

الجسر

وقال ممثّل «المستقبل» في الحوار النائب سمير الجسر لـ«الجمهورية»: «نحن لم ولن نراهنَ على الخارج، ومن يفعل ذلك هو مَن ينغمس في المشاريع الخارجية، ونحن غير منغمسين والحَمد لله».

واعتبَر الجسر أنّ كلام قاسم «ليس ترويجاً لعَون في أوساط اللبنانيين أو محاولةً للترويج ضدّه، إنّما المؤسف هو رسالة توَجَّه ليس لنا فحسب، بل إلى جميع اللبنانيين، ومفادُها: «الأمر لي»، ولا أعرف كم يساعد هذا الكلام الجنرال عون على انتخابه، ولا إلى أيّ مدى يسَهّل في انتخاب رئيس الجمهورية»؟

وأضاف: «على رغم ذلك، نحن عندما قرّرنا اللجوءَ إلى الحوار، فعلنا ذلك عن قناعة عسى أن يبَرّد هذا الحوار مِن حدّة التشنّج السياسي والمذهبي الذي كان سائداً. في كلّ الأحوال، نعتبر أنّ الحوار لا يزال قائماً، وهو يظلّ أفضل مِن لا حوار، عسى أن يستفيقَ البعض ويصبح الحوار في الظرف المناسب شاملاً، فهو يعقَد كما بات معلوماً تحت عنوانين: تخفيف حدّة التشنّج والانتخابات الرئاسية، وطبعاً الشيخ قاسم بكلامه يؤكّد بنحوٍ غير مباشَر أنّ مسألة الرئاسة بعيدة جدّاً».

وعن مواضيع البحث الجديدة التي ستنضمّ إلى نقاشات الجلسة المقبلة، أجاب الجسر: «كلّ ما حصلَ منذ الجلسة الأخيرة وحتى اليوم، وكلّ المسائل السياسية ستُثار، وفي مقدّمها التشنّج الذي خلقَه كلام الشيخ قاسم ».

وأضاف الجسر: «المشكلة، أنّنا نفَكّك المؤسسات من حيث لا ندري. ففي الحكومة، رئيس مجلس الوزراء هو مَن يضع جدولَ أعمال جلسة مجلس الوزراء، فيَشترط طرفٌ عليه إمّا إدراج ملفٍّ ما وإمّا لن يحضرَ، وكذلك في مجلس النواب، فرئيس المجلس وهيئة المكتب هم مَن يضعون جدولَ الأعمال، فنَغيب ونحضر على أساس تشريع الضرورة، لا شيء اسمُه تشريع الضرورة، كلّ تشريع لا يكون إلّا عن ضرورة، فماذا نفعل نحن؟

في النهاية لا نستطيع أن نرضَخ لكلّ هذا الوضع، والحلّ الوحيد في البلد هو بعودة الجميع إلى الدستور والقانون والسَير به، لا أن يفسّر كلّ طرَف مثلما يشاء».

فرنجية

وفي سياقٍ آخر أكّد رئيس «تيار المرَدة» سليمان فرنجية في حديث مع الزميل وليد عبود ضمن برنامج بموضوعية، «إنّني كنتُ أعلم أنّ لقاءَ رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ورئيس حزب « القوات اللبنانية» سمير جعجع سيَحصل، وهو بدأ على أساس أنّ جعجع يؤيّد عون للرئاسة، والمفاوضات بدأت ثمّ تأخّرَت عندما لم يؤيّد جعجع عون»، مشيراً إلى «أنّنا نؤيّد ورقة إعلان النوايا، وهي جيّدة، والنيّات في التطبيق جيّدة».

وقال: «إذا اتّفقَ عون وجعجع بجَوّ سياسيّ مناقض لنا، سيكون لنا موقفٌ آخر، أمّا التحالف الرباعي فهو كذبة كبيرة ظهرَت بعد الانتخابات، وكان التقاءَ مصالح»، مشيراً إلى «أننا بحوارٍ دائم مع القوّات، ولكن لن نغيّرَ سياستنا، وأهمّ شيء على الساحة المسيحية هو أنّ الأرض سبقَت الجميع، وأسبابُ الخلاف المسيحي-المسيحي زالت بسبَب الخطر الذي يشمل الجميع».