رئيس مجلس النواب يحذّر اللبنانيين من «الخطر» القادم من الجنوب، وأمين عام «حزب الله» يعد جمهوره «بالنصر» الآتي من القلمون.. مشهد يحاكي رفع الرئيس نبيه بري لواء «المقاومة» اللبنانية الرسمية للخروق الإسرائيلية بعدما أسقطه السيد حسن نصرالله من خطابه وحساباته الإقليمية أمس لمصلحة إعلاء راية الاقتتال المذهبي الدائر في سوريا وعند السلسلة الشرقية الحدودية. وإذا كان نصرالله قد آثر تغطية مسلسل التحريض الفتنوي الذي يبثه إعلامه الحربي في مواجهة عرسال بالقول إنّ مقاتلي الحزب حققوا «تقدماً» في جرود البلدة، فإنّ الأنباء العسكرية الرسمية الواردة من المنطقة الحدودية تنفي نفياً قاطعاً وجود أي معارك في جرد عرسال، وهي أنباء تتقاطع كذلك مع ما نقله عدد من أهالي العسكريين المختطفين لناحية تأكيدهم أنهم لم يرصدوا أي اشتباكات في المنطقة الجردية أثناء الزيارات التي قاموا بها في الآونة الأخيرة لأبنائهم. وفي السياق عينه أتت أمس تطمينات قائد الجيش العماد جان قهوجي لوفد كتلة «المستقبل» من خلال تشديده على أنه «لا مشكلة في بلدة عرسال التي يقف أبناؤها بحزم مع الجيش ولا توجد أي معارك حالياً في جرودها» موضحاً بحسب ما نقلت مصادر الوفد لـ«المستقبل» أنّ «المعارك تدور في المقلب السوري من الجرود»، مع تحذيره في المقابل من أنّ «تعطيل أعمال الحكومة يؤذي البلد أمنياً ربطاً بالحاجة الدائمة إلى اتخاذ قرارات ذات صلة بتحصين الساحة الأمنية على طاولة مجلس الوزراء».

قهوجي، وأمام وفد «المستقبل» الذي زاره في اليرزة، أكد أنّ «القطعات العسكرية والمعطيات الاستخباراتية لم ترصد حتى الساعة أي اشتباك في الجرود اللبنانية المتاخمة لعرسال»، وتطرق في الوقت نفسه إلى الإجراءات التي يتخذها الجيش لمنع تسلل الإرهابيين إلى الأراضي اللبنانية وللحفاظ على سلامة أهالي القرى والبلدات الحدودية. أما في ما يتعلق بالوضع داخل عرسال فلفت قهوجي إلى أنّ «الجيش يسيّر دورياته في البلدة وينوي التواجد بشكل دائم داخلها في الفترة المقبلة وفق تقديرات عسكرية محددة تتم دراستها راهناً».

«SUPER TUCANO» و«TOW»

تزامناً، برز أمس ما نقلته وكالة «رويترز» لجهة إبلاغ وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس بموافقة واشنطن على عقد صفقة بيع 6 طائرات عسكرية للدعم الجوي من نوع «إيه-29 سوبر توكانو» إضافة إلى محركات ومعدات مرتبطة بها ووسائل دعم وتدريب إلى لبنان بقيمة حوالى 462 مليون دولار، موضحةً أنّ هذه الطائرات ستتيح للبنان قدرة أكبر على الدفاع عن قواته البرية والتعامل مع التهديدات الأمنيّة داخل البلاد وعلى الحدود. وتأتي هذه الصفقة في إطار صفقات الشراء التي يتم تمويلها بموجب هبة المليار دولار المقدّمة من قبل المملكة العربية السعودية والمؤتمن على تنفيذها الرئيس سعد الحريري لتعزيز قدرات المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية.

وبالتزامن، نفّذ الفوج المضاد للدروع في الجيش قبل ظهر أمس مناورة حيّة في حقل رماية الطيبة بعلبك، أجرى خلالها رماية تجريبية بالصواريخ المضادة للدروع نوع (TOW 2A) و(TOW BB) المتطورة، والتي كانت المؤسسة العسكرية قد تسلّمتها في الآونة الأخيرة من الولايات المتحدة الأميركية في إطار الهبة السعودية المقدمة للمؤسسة العسكرية، وأوضح بيان قيادة الجيش أنّ الرماية التي تمت بحضور نائب رئيس الأركان للتخطيط العميد الركن مارون الحتي ممثلاً العماد قهوجي والسفير الأميركي دايفيد هيل على رأس وفد من مكتب التعاون الدفاعي الأميركي «تميّزت بحرفية المنفذين وفعالية الصواريخ ودقة إصابتها للأهداف». في حين أكد هيل، وفق بيان صادر عن السفارة الأميركية التزام بلاده الكلي بدعم الجيش اللبناني لكي يمتلك «القدرة على أن يكون المدافع الوحيد عن أراضي وحدود لبنان»، مشدداً في سياق هذا الالتزام على وقوف بلاده «إلى جانب لبنان إلى أن يُهزم الإرهابيون». 

سلام متريث

وبالعودة إلى الشريط السياسي من أحداث الأمس، فقد نقلت مصادر وفد «المستقبل» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام أعرب أمام أعضاء الوفد الذي زاره أمس في السرايا الحكومية عن كونه سيتريث «لأسبوع أو أسبوعين» قبل اتخاذ قراره حيال مقاربة أزمة تعطيل عمل الحكومة، مع تأكيد عزمه دعوة مجلس الوزراء إلى الالتئام «في الوقت الذي يراه مناسباً وفق جدول الأعمال الموزّع سابقاً على أعضاء المجلس«، مشيراً إلى أنّ «الاتصالات بهذا الخصوص متوقفة حالياً» وأنه على تنسيق دائم مع الرئيس بري.

وكان عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت قد أكد من السرايا بعد لقاء سلام إصرار الكتلة على أنّ «صلاحيات رئاسة الحكومة لا يمكن لأحد التطاول عليها أو تجاوزها وهي في عهدة رئيس حكومة يعمل لمصلحة كل اللبنانيين سواء أكان في موضوع تحديد جدول أعمال مجلس الوزراء أو في موضوع تحديد متى يجتمع مجلس الوزراء وكيف يناقش أولوياته»، مشيراً من ناحية أخرى إلى أنه «كان هناك تفاهم كامل مع الرئيس سلام على الإشادة بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء والذي كلف الجيش مهمة الدفاع عن بلدة عرسال والحدود الشرقية».

جنبلاط ينعى الأسد

وفي كليمنصو، التقى وفد «المستقبل» رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط فكان توافق مشترك على رفض سياسة تعطيل الحكومة وشل عمل مؤسسات الدولة. في حين نقلت مصادر «المستقبل» أنّه لحظة وصول أعضاء الوفد إلى كليمنصو لاحظوا انهماك جنبلاط بمتابعة أوضاع الدروز في سوريا عبر اتصالات هاتفية كان يجريها لهذه الغاية سيما في ما يتعلق منها بمواكبة مستجدات الأحداث في إدلب.

وقرابة منتصف الليل، صدر عن «الحزب التقدمي الاشتراكي« بيان أوضح فيه تعليقاً على هذه الأحداث التي ذهب ضحيتها عدد من الشهداء من أبناء طائفة الموحدين الدروز، أنّ الاتصالات التي قام بها جنبلاط «مع فصائل المعارضة السورية ومع قوى إقليمية فاعلة وموثرة أثمرت سعياً مشتركاً لضمان سلامة أبناء تلك القرى»، مؤكداً في المقابل أنّ «المعلومات التي تم الترويج لها مغايرة للحقيقة خصوصاً لناحية ما تم تداوله عن ذبح تعرض لها الموحدون الدروز، وأن ما حصل هو إشكال وقع بين عدد من الأهالي في بلدة قلب لوزة في جبل السماق تطوّر إلى إطلاق نار أوقع عدداً من الشهداء، ثم تم تطويق الإشكال ووضع حد له في إطار من التواصل والتعاون مع كل الأطراف الفاعلة والمعنية».

وكان جنبلاط قد استهلّ نهاره أمس بتغريدة عبّر فيها عن غبطته للانتصارات التي يحققها الثوار السوريون، مؤكداً أنّ «النظام السوري انتهى بعد سقوط اللواء 52 وسقوط مناطق شاسعة أخرى في شمال سوريا وغيرها من المناطق»، وقال: «اليوم ينتصر الشعب السوري ويسقط النظام»، مبدياً استعداده إزاء ذلك للعمل من أجل إنجاز المصالحة الدرزية «مع أهل درعا والجوار» بعيداً عن الانتهازية والأهداف الشخصية.