وسط احتدام المواجهات الميدانية في جرود عرسال وما تثيره من تداعيات محتملة على الحدود الشرقية اللبنانية مع سوريا، برز تطوّران يتصلان بالدور الذي يضطلع به الجيش في حماية الحدود وتجنب تدفق هذه التداعيات على لبنان. التطور الاول يتمثل بزيارة هي الأولى من نوعها لرئيس الوزراء تمّام سلام في العاشرة من صباح اليوم لوزارة الدفاع حيث يقوم بجولة تفقدية تشمل غرفة العمليات ويجتمع بوزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي، ثم يلقي كلمة يشدد فيها على تقديم كل الامكانات لهذه المؤسسة الوطنية كي تؤدي دورها الوطني على أكمل وجه.
أما التطوّر الثاني فهو حضور السفير الاميركي ديفيد هيل امس المناورة التجريبية التي نفذها الجيش في حقل الطيبة ببعلبك لصواريخ أميركية من طراز "تاو - 2"، علماً ان توجّه هيل الى منطقة بعلبك، التي انتقل اليها بطوافة، يكتسب دلالة بالغة الأهمية نظراً الى كونها زيارة نادرة لسفير اميركي لهذه المنطقة.
وعقب تنفيذ الرماية التجريبية للصواريخ المتطورة التي سلمتها الولايات المتحدة الى الجيش ضمن هبة المليار دولار السعودية، التي اقرت اثر معركة عرسال الأولى في آب من العام الماضي، صرح هيل بأنه "فيما يواصل الجيش اللبناني الدفاع عن لبنان سوف تستمر الولايات المتحدة في تزويده كل ما يطلب منها بتمويل من الولايات المتحدة والتبرعات السخية التي تقدمها المملكة العربية السعودية، ونحن نفعل ذلك لأننا ملتزمون كلياً التأكد من ان لدى الجيش القدرة على ان يكون المدافع الوحيد عن أراضي لبنان وحدوده".
وفي المقابل، أعلن الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بدء المعركة مع تنظيم "داعش" في القلمون وجرود رأس بعلبك غداة المعركة الشرسة التي تواجه فيها الطرفان اول من امس. وقال إن "داعش" بدأ الهجوم "بالمئات وحاولوا تنفيذ مفاجأة للسيطرة على مواقع حساسة، لكن الاخوة المقاومين أوقعوا عشرات المسلحين من داعش ودمروا آلياتهم، ونحن مصمّمون على إنهاء الوجود الارهابي التكفيري الخطير في تلك المنطقة"، معترفا بسقوط "شهداء للمقاومة". وافادت وكالة أنباء الشرق الاوسط "أ ش أ" المصرية ان 50 مسلحاً من "داعش" قتلوا في المعركة في مقابل تسعة قتلى من "حزب الله" وان لدى الحزب 14 جثة من قتلى "داعش".
وتعليقاً على كلمة السيد نصرالله امس، وجّه وزير العمل سجعان قزي عبر "النهار" الاسئلة الآتية: "هل انتهت الحرب على النصرة حتى تبدأ الحرب على داعش؟ وهل يستطيع أن يبلغنا السيد نصرالله متى سيكون موعد الحرب الثالثة التي ينوي شنّها؟ وهل يعني أن حربه على داعش ستشمل مواقع التنظيم على امتداد المنطقة والعالم؟". وطالب الامين العام لـ"حزب الله" أن "يعطينا نفساً كي نواكب هذه الحروب".

برّي وقائد الجيش
في غضون ذلك، برز موقف جديد لرئيس مجلس النواب نبيه بري تحفظ فيه عن تعيين قائد جديد للجيش قبل نهاية مهلة تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي في نهاية ايلول المقبل. وإذ رأى في لقاء الاربعاء النيابي ان "البلد لا يحتمل مزيداً من التعطيل مما ينعكس على مصلحة لبنان وسمعته ايضا في الخارج ويشل الدولة"، علم ان نواباً أثاروا معه فكرة تعيين قائد جديد للجيش وتأخير صدور مرسوم التعيين الى أيلول او وضع القائد الحالي في التصرف. لكن بري تساءل "كيف نعين قائداً جديدا قبل ثلاثة اشهر من انتهاء مهلة تسريح العماد قهوجي وهل نصبح أمام قائدين ونضرب معنويات القائد الحالي؟". وأكد ان العماد قهوجي "لم يخطئ، فهل نضرب معنويات الجيش وإمرته وهو وسط معركة على الحدود؟".

 

مجلس الوزراء
أما في موضوع المأزق الحكومي، فعلمت "النهار" أن رئيس الوزراء أبلغ زواره والمتصلين به أمس أنه لم يدع الى جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع والتي كان موعدها العادي اليوم "ليس خضوعاً لشروط ولا تنازلا عن صلاحيات وإنما لكي أعطي انطباعاً أنني لا أتحدى، لكن الموقف المتسم بالليونة حدوده أيام وبالتالي سأعطي مجالا للاتصالات القائمة كي لا أخرج البعض ولا أحرج البعض الآخر". وأبدى الرئيس سلام تفاؤلا بحصيلة الاتصالات التي أجريت حتى الآن والتي أظهرت أن جميع الاطراف متمسكون بالحكومة واستمرارية عملها.
وفي هذا الاطار، رجّحت مصادر وزارية لـ"النهار" أن يدعو الرئيس سلام الى جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل، وقد يكون من مؤشراتها المبكرة توزيع جدول الأعمال غداً أو بعد غد، وإلا فإن الجدول السابق للأعمال سيبقى هو المعتمد. ولفتت المصادر الى ان الموضوع الحكومي خاضع لتفاعل هذه الاتصالات التي قد تبدّل المشهد بين وقت وآخر. وأشارت الى ان القائمين بالاتصالات هم كتلة "المستقبل" والرئيس بري ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط وأركان "اللقاء التشاوري". وقالت إن الامانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء وزعت أمس على الوزراء دفتر شروط المناقصة الدولية للخليوي، بما يعطي إنطباعاً جزئياً عن العزم على معاودة الحكومة إجتماعاتها باعتبار أن هذا الموضوع سيكون على طاولة مجلس الوزراء عندما يعاود جلساته