«الرئيس تمام سلام هبة من السماء في هذه المرحلة للبنان»، هكذا لخص النائب والقطب في قوى 8 آذار سليمان فرنجية الدور الإيجابي الذي يقوم به رئيس الحكومة تمام سلام في هذه المرحلة.
بعد مرور عام على تشكيل الحكومة «السلامية» نجح الرئيس تمام سلام بقيادة «سفينة» السلطة التنفيذية لكي تعبر عامها الأوّل بسلام، وتتخطى سلسلة من العقد والعقبات لا تنتهي، كفيلة بتجميد عمل أي حكومة، إن لم نقل من الممكن ان تطيح بها منذ الشهور الأولى لعملها.
فظروف تشكيل حكومته والعقبات التي اعترضت اخراجها ما زالت قائمة، وهي التي عطّلت تظهيرها لشهور كادت ان تقرب من عام كامل، ويمكن الإشارة إلى هذه العقبات التي تحيط عمل الحكومة من جميع الجوانب بالتالي:
- ان الحكومة تقاد لأول مرّة برئيسها فقط، ففي السابق كان يتم قيادة عمل مجلس الوزراء بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، وهذا وفقاً للدستور الذي أعطى رئيس الجمهورية الحق بترؤس جلسات مجلس الوزراء إذا حضر، صحيح ان الدستور جعل من رئيس الجمهورية حكماً ولذلك حجب عنه ميزة أو حق التصويت على القرارات المتخذة داخل مجلس الوزراء، إلا ان هذه القرارات في غالبيتها لم تكن تحظى بالموافقة داخل مجلس الوزراء في حال لم تحصل على موافقة مسبقة من رئيس الجمهورية قبل عرضها على التصويت.
وصحيح ان وضع جدول أعمال جلسات مجلس الوزراء منح لرئيس مجلس الوزراء إلا ان الدستور الزمه بعرضه على رئيس الجمهورية أولاً (طبعاً للتشاور حول بنوده، والتفاهم عليها، فالكثير من البنود كانت تحذف من جدول الأعمال في حال لم تحصل على الموافقة المسبقة من رئيس الجمهورية)، فجدول الأعمال الذي كان يعرض على الوزراء عادة ما يكون بعد التشاور بيد رئيسي الجمهورية والحكومة.
فمنذ عام هذه المهمة الصعبة مناطة برئيس الحكومة وحده، وهو يتحمل وزرها، وذلك بسبب الشغور في موقع رئاسة الجمهورية القائم منذ عام بالتمام والكمال.
- بسبب غياب رئيس الجمهورية الجميع يذكر كيف تعطلت انطلاقة مجلس الوزراء لأسابيع، وذلك لحرص الرئيس تمام سلام على عدم المس بصلاحيات رئيس الجمهورية أثناء الشغور الرئاسي، فالرئيس تمام سلام إبن رجل الاستقلال والوطني الكبير الرئيس الراحل صائب سلام، صاحب شعار «لبنان واحد لا لبنانان»، وهو الذي شكل ضمانة وطنية بابتعاده عن الانخراط في الحرب الأهلية التي بدأت في 13 نيسان 1975 ولمدة خمسة عشر عاماً، رغم جميع مغرياتها، وهو الذي تحمل «تجنيات» الكثيرين بسبب تمسكه بالعيش المشترك وبالوحدة الوطنية، والذي حافظ على وسائط التواصل مع الجميع من مسلمين ومسيحيين وفلسطينيين، رغم ضغط السلاح والمسلحين، والفوضى، والقتل والدمار، والتهديد بالاغتيال.
واليوم تمام سلام يُجسّد ذات الدور الوطني، ويعمل لإبعاد «السفينة» بما فيها عن تداعيات الأحداث الدامية في أكثر من بلد عربي وخصوصاً في سوريا الشقيقة.
- آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء التي تمّ التفاهم عليها في غياب رئيس الجمهورية، تمّ التشدّد في مضمون تفاصيلها عندما تمّ تشكيل الحكومة، حرصاً على عدم المس بصلاحيات رئيس الجمهورية، حفاظاً على هذا الموقع الوطني، وحفاظاً على «خصوصية» الموقع المسيحي الأوّل في البلد، فكان بسبب عدم فهم العديد من القوى السياسية والوزراء المقصد الحقيقي من هذه الآلية الجديدة، القائمة على التوافق والتفاهم،أن تمّ تعطيل الكثير من جلسات مجلس الوزراء، بسبب «تمترس» بعض الوزراء واحياناً وزيراً واحداً وراء رغباته الشخصية أو أهواء فريقه السياسي، وبذلك تحمَّل الرئيس سلام المشهور بطول صبره، واخلاقه الرفيعة، الكثير من الضغوط النفسية، فهو يسعى منذ عام للحفاظ على عنوانين أساسيين هما:
- الأول: الحفاظ على صلاحيات رئيس الجمهورية بسبب الشغور الرئاسي، وقد شهد له الجميع بحرصه «الزائد»، وفي هذا الإطار نقل عن الرئيس السابق ميشال سليمان ثناءً كبيراً على أداء الرئيس سلام في هذه المرحلة الحرجة بقوله «الرئيس سلام يحافظ على صلاحيات رئيس الجمهورية أكثر مني لو كنت مكانه داخل مجلس الوزراء»، كم لقي أداء الرئيس سلام استحساناً كبيراً لدى كافة القيادات المسيحية، فهو حريص ان يذكر في بداية كل جلسة لمجلس الوزراء قضية الشغور الرئاسي وحاجة البلاد الملحة لوجود رئيس للجمهورية.
- الثاني: تسيير أعمال المواطنين، عبر انتظام عمل الحكومة دون تعطيل، ولذلك كان دائماً يطلب دعم ومساندة الجميع له في هذه المرحلة العصيبة، فهو يرى وأعضاء حكومته انهم امام «امتحان» كبير في ظل غياب رأس البلاد.
تعبتر جلسة مجلس الوزراء أوّل أمس، وتخطيها صعوبات و«عقد» تعيين «لجنة الرقابة على المصارف» بداية لمسيرة عمل منتج داخل مجلس الوزراء، فالتعيين رغم انه جاء على طريقة «المحاصصة»، إلا انه تخطى عقبات «الفيتو»، وهذا عائد للتفاهم الذي تمّ حول الآلية الجديدة لاتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء، فهي مسهلة لعمل الحكومة ومنتجة، وللتفاهم الذي حصل خارج مجلس الوزراء، ويبدو ان القرارات الهامة والحساسة لن تطرح داخل مجلس الوزراء قبل التفاهم عليها مسبقاً مع الكتل السياسية.
الرئيس سلام بما يمثل من وسطية، ورؤية وطنية مميزة، أكد ممارسة سياسية، أقل ما يمكن ان يقال فيها انها من «روح» وأسس النظام اللبناني، الذي عصم لبنان واللبنانيين من الوقوع في آتون الصراعات الداخلية لحل خلافاتهم، فالنظام اللبناني القائم على فكرة التعايش، والتفاهم هو اتجاه معاكس لما يحصل اليوم في أكثر من بلد عربي الحروب فيه دمرت الحجر وتكاد تقضي على البشر.
تمام سلام العامل بنهجه على إرساء الصيغة اللبنانية، يطرح امام الأشقاء العرب صيغة كانت مرفوضة في الماضي وباتت مطلوبة في الحاضر بانتظار ما هو أفضل.. في المستقبل.
 

  بقلم: حسن شلحة