لبنان بلا رئيس للجمهورية، لليوم الثالث والعشرين بعد المئة على التوالي.
الجلسة الثالثة عشرة للانتخاب دُفنت، كما سابقاتها، في «المقبرة الجماعية» للجلسات في مجلس النواب.
وأما ملف العسكريين المخطوفين فلا يزال أسير «السلم المتحرك» لمطالب الخاطفين الذين يواصلون حربهم النفسية على الأهـالي، محـاوليــن توظيـف وجعهم للضغط على الحكومة.
وإذا كان الوسيط القطري قد أخفق حتى الآن في إحراز تقدّم ملموس على طريق معالجة هذه القضية، فإن الرئيس تمام سلام أعرب عن أمله، من نيويورك، في أن يكون «الأتراك باتوا قادرين على المساعدة بعدما حرّروا رهائنهم». وأكّد في مقابلة مع قناة «العربية» أنّ «لبنان لن يرضخ للابتزاز»، موضحاً أنّ «الحكومة طلبت في المفاوضات غير المباشرة التي تتم مع الخاطفين أن تكون نقطة الانطلاق الثابتة في التفاوض وقف عمليات القتل»، منوهاً بالمساعي القطريّة بهذا الصدد.
ومن المفترض أن يلتقي سلام، على هامش الجمعيّة العموميّة، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ليثير معه قضيّة العسكريين المفقودين.
وفيما واصل الجيش اتخاذ التدابير الآيلة الى إحكام الطوق على المسلحين في جرود عرسال، توسعت دائرة استهدافه مع إطلاق مسلحين النار على أحد مراكزه في البداوي في طرابلس، ما أدى الى استشهاد الجندي محمد حسين وجرح اثنين آخرين، الامر الذي يرفع منسوب القلق من مسار التطورات في عاصمة الشمال.
وعقد أمس اجتماع ضم وزيري الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية، للبحث في الاوضاع السائدة في البقاع وعرسال وطرابلس وموضوع سجن رومية، «واتخذت تدابير وإجراءات لترسيخ الأمن»، كما جاء في بيان صادر عن المجتمعين.

نصرالله: التحالف الدولي
ذريعة لاحتلال المنطقة

ورداً على محاولات التشويش على موقف «حزب الله» من قضية العسكريين المختطفين لدى المجموعات الإرهابية، أكد أمينه العام السيد حسن نصرالله أن هذه القضية إنسانية ووطنية بامتياز، مشيراً الى انه يجب أن يكون هدف الجميع استعادة العسكريين وتقديم كل مساعدة ممكنة لتحقيق هذا الهدف.
وأسف نصرالله في كلمة ألقاها ليل أمس، عبر قناة «المنار»، لكون «البعض في لبنان استخدم هذه القضية لتحقيق مكاسب سياسية وتصفية حسابات وإثارة نعرات طائفية ومذهبية، بل إن هذا البعض رفع سقف المطالب أكثر مما كانت تطرحه الجهات الخاطفة نفسها».
وشدّد على أن «كل مَن نقل عن حزب الله رفضه التفاوض منافق وكذاب». وأشار الى أن «من حق السلطة السياسية أن تفاوض، ونحن لم نرفض في أي لحظة هذا المبدأ، إنما طالبنا منذ البداية بأن يكون التفاوض من موقع قوة، والحكومة اللبنانية يجب أن تفاوض من هذا الموقع وليس من موقع التوسّل والاستجداء، لأن التفاوض من موقع ضعيف سيؤدي إلى كارثة».
ورأى أن «لبنان يعيش إذلالاً حقيقياً منذ أسابيع بسبب أداء العديد من القوى السياسية»، داعياً الى «دراسة مطالب الخاطفين عبر قنوات التفاوض ومناقشتها وصولاً الى اتخاذ القرار المناسب في شأنها». وأكد أن «التزوير والدجل الذي مارسه البعض ضد حزب الله في قضية المخطوفين لم ولن يحقق شيئاً».
وشدّد على أنه «لا يجوز المسّ بأي بريء من النازحين السوريين أو غيرهم»، كما اشار الى ان «الخطف المضاد لا يجوز ولا يحقق شيئاً، بل يحقق أهداف الجماعات المسلحة التكفيرية الارهابية».
وحول «التحالف الدولي» لمحاربة «داعش»، قال نصرالله: لا نوافق على ان يكون لبنان جزءاً من التحالف الدولي ولا مصلحة له بذلك وثمة مخاطر عليه إذا ما انضوى فيه. ولفت الانتباه الى ان «أميركا صنعت أو شاركت في صنع الجماعات الإرهابية، وهي أصل الارهاب في هذا العالم، والداعم المطلق لدولة الإرهاب الصهيونية، وبالتالي ليست في موقع أخلاقي يؤهلها لقيادة تحالف ضد الارهاب».
وأكد ان «حزب الله» ضد «داعش» وكل الاتجاهات التكفيرية التضليلية ويقاتلها ويقدّم التضحيات في سبيل ذلك، «لكن التحالف الدولي صنع للدفاع عن المصالح الأميركية ولا شأن لنا به»، مشيراً الى انه «ذريعة لتعيد أميركا احتلال المنطقة من جديد».
وبالنسبة الى تهديد الجماعات الإرهابية للبنان، شدّد نصر الله على ان «مَن يظن أن بإمكانه الوصول الى بيروت أو الى اي مكان فهو مخطئ، ولا أحد يمكنه أن يفرض على اللبنانيين تهديداً أو تهويلاً كهذا، لأننا ما زلنا على قيد الحياة». وأكد قدرة اللبنانيين على مواجهة أي خطر إرهابي، معتبراً أن «حماية لبنان من الإرهاب تبدأ بالإسراع في دعم الجيش والقوى الأمنية وحل مشكلة النازحين».

تحرير «السلسلة»

على صعيد آخر، يقترب التفاوض حول ملف سلسلة الرتب والرواتب من إبرام تسوية نهائية، من شأنها أن تمهّد الطريق أمام عقد جلسة تشريعية الاسبوع المقبل، وتحديداً قبل عيد الأضحى. ويبدو أن المواطنين سيدفعون من جيوبهم ثمن هذه التسوية، بعدما استقر الرأي على زيادة ضريبة القيمة المضافة بمعدل 1%.
وفي المعلومات، أن الاجتماع الذي عُقد أمس بين وزير المال علي حسن خليل والنائب جورج عدوان على مدى خمس ساعات تقريباً، اقترب من إنجاز «الاتفاق النهائي» الذي يُفترض أن يُحسم اليوم بعد وضع اللمسات الأخيرة عليه تبعاً لنتائج المشاورات التي سيجريها عدوان مع «تيار المستقبل»، ما لم تطرأ مفاجآت سلبية غير محسوبة في ربع الساعة الأخير.
وأبلغت مصادر مطلعة «السفير» أن الاتفاق سيشمل النقاط الآتية: زيادة 1% على ضريبة القيمة المضافة، تقسيط «السلسلة» على مدى سنتين وصرف النظر عن تجزئتها أو تخفيضها بنسبة 10%، منح المعلمين والإداريين 6 درجات، وعدم اعتماد المفعول الرجعي.
وأكد الرئيس نبيه بري، الذي يبدي ارتياحه لنجاحه في تحريك المياه المجلسية الراكدة، أن هناك تقدماً في معالجة قضية «السلسلة»، لافتاً الانتباه أمام زواره أمس الى أن اللقاء بين خليل وعدوان تركز على بلورة مخرج مقبول من الجميع، على قاعدة رفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1%، وتقسيط السلسلة لسنتين، مرجحاً أن تقبل «هيئة التنسيق النقابية» بهذه الصيغة.
واشار إلى أنه لا يوجد خلاف على البنود الأخرى التي قد يتضمنها جدول أعمال الجلسة التشريعية، «والهيئة العامة هي المعنية في كل الحالات بالبتّ بها، لكن لا يمكن الوصول الى هذه المرحلة قبل عبور ممر «السلسلة» الإلزامي»، مكرراً التأكيد أن التشريع بالنسبة إليه منفصل عن التمديد لمجلس النواب.
واعتبر بري أن العقبات الأساسية التي تعترض انتخاب رئيس الجمهورية هي لبنانية، «وأخشى من ان معالجتها باتت تتطلب تدخلاً خارجياً، مع الأسف الشديد». وبرغم ارتياحه الى استئناف التواصل بين السعودية وإيران، إلا أن بري نبّه الى ان ظهور أي نتائج ترتبط بلبنان يحتاج الى وقت طويل، بسبب وجود العديد من الملفات الساخنة التي تتقدمه أهمية.