بعدما تكبّد 13.1 مليار دولار خسائر منذ عام 2012، وانخفض معدل نموه إلى 1% مقابل ازدياد عدد السكان بنسبة الثلث وتجاوز الطلب على الخدمات العامة قدرة المؤسسات والبنى التحتية على تلبية الاحتياجات.. لم يعد أمام لبنان سوى إعلاء الصوت أمام المجتمع الدولي واضعاً إياه أمام مرآة مسؤولياته وواجباته تجاه النازحين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم، ليطلق أمس من السراي الحكومي خطته «للاستجابة للأزمة» على مدى السنوات الثلاث المقبلة بشكل يرمي إلى حثّ العالم على مساعدة الدولة اللبنانية في تصديها لتحديات النزوح وأعبائه، مع التحذير من مغبة استمرار التلكؤ الدولي في الاستجابة للاحتياجات اللبنانية باعتباره سيرتب عواقب «يشعر بها العالم بأسره» كما نبّه رئيس الحكومة سعد الحريري خلال إطلاق الخطة أمس.

وفي الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفال الذي أقيم في السراي الكبير للمناسبة في حضور حشد رسمي وديبلوماسي ومصرفي ودولي وأممي (ص 2)، وصف الحريري أزمة النزوح بأنها «أقسى وأطول الأزمات التي يشهدها لبنان». 

فبعد استعراضه الأعباء المتراكمة والخطوات التي تتخذها حكومته في إطار رسم «سياسة موحدة واستراتيجية شاملة محددة الأولويات» تجاه هذا الملف، شدد على أنّ «احتواء العجز في الميزانية ورفع مستوى البنى التحتية وتحفيز النمو» من الأولويات القصوى للحكومة، غير أنه لفت الانتباه إلى أنّ هذه الجهود والمهمات معرضة لخطر التقويض نتيجة الثقل الكبير الناتج عن الوجود الكثيف للنازحين، كاشفاً، بموازاة العمل على إعداد ورقة لبنان للتعامل مع هذه الأزمة وإنجازها خلال شهر، عن عزمه على تفعيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تماشياً مع الالتزامات المعلنة في مؤتمر لندن عام 2016 على أن يُحدّد موعد اجتماعها الأول الأسبوع المقبل.

وفي معرض تفنيده أهمية «خطة لبنان للاستجابة للأزمة» 2017 – 2020، أوضح رئيس الحكومة أنّ لبنان يحتاج في السنوات الثلاث المقبلة إلى استثمارات جديدة لا تقل عن 8 إلى 10 مليارات دولار في البنية التحتية لرفع مستوى البنية التحتية القائمة والاستثمار في مشاريع جديدة والتعويض عن التدهور الذي حدث بسبب وجود 1.5 مليون نازح سوري على أراضيه، وأضاف: «أمن لبنان واستقراره هو الأولوية بالنسبة لي، وحماية وتعزيز هذا الاستقرار هو لمصلحة كل من لبنان والمجتمع الدولي»، داعياً في ضوء ذلك الأسرة الدولية إلى «مساعدة لبنان في هذه المهمة الكبيرة» لأنه لا يستطيع الاستمرار في تحمل عبء هذه الأزمة «من دون دعم دولي كافٍ وكبير لمؤسساته وبنيته التحتية».

وكان كل من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ والمنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني قد تعاقبا على الكلام خلال الحفل، فكان تأكيد على التطلع نحو تأمين تمويل بقيمة 2.8 ملياري دولار من أجل تلبية احتياجات الحماية والمساعدة المباشرة لـ 1.9 مليون شخص وتأمين الخدمات الأساسية لـ2،2 مليوني شخص، فضلاً عن الاستثمار في البنية التحتية والاقتصاد اللبناني والمؤسسات العامة، وسط التشديد على كون هذه الاستثمارات تهدف إلى مساعدة لبنان في وقف التدهور الاقتصادي من خلال تعزيز القطاعات الإنتاجية الرئيسية وتحديث البنية التحتية للبلاد، ما من شأنه ليس فقط تعزيز قدرة لبنان على إدارة تأثير الأزمة وإنما سيجعل منه مرساة للاستقرار وقوة دافعة نحو إعادة الإعمار في المنطقة.

التشريع

في الغضون، أنهت الجولة التشريعية الأولى في العقد الاستثنائي جلساتها الأربع التي امتدت على مدى اليومين الماضيين، على أن تعود لتستأنف جلساتها التشريعية الخميس المقبل. وفي أبرز مقررات جلستي الأمس الصباحية والمسائية، كان إقرار تعديلات قانون الإيجارات بعد نقاش استغرق أكثر من ساعتين تم خلالها المرور على بنود القانون الـ58 بنداً بنداً بحيث أدلى نواب من مختلف الكتل بآرائهم حيال التعديلات المطلوبة إلى أن تم الاتفاق على فتح «حساب لدى وزارة المالية لدعم المستأجرين المتضررين من تطبيق القانون»، وعلى «تعليق تطبيق أحكام القانون الصادر في العام 2014 والمتعلقة بحساب المساعدات والتقديمات، كما المراجعات القضائية في الأساس والتنفيذ أو الأحكام التي صدرت والتي تؤدي إلى تحديد بدل أو إيجار أو إخلاء المستأجر المعني بتقديمات الصندوق إلى حين دخوله حيز التنفيذ». كما تقرر وفق التعديلات الجديدة «إبقاء قرارات اللجنة قابلة للطعن، وخفض بدل المثل من ٥ إلى ٤ في المئة، ورفع سقف المستفيدين من الصندوق إلى ٥ أضعاف الحد الأدنى للأجور (من دخل الأسرة) وحق المستأجر في البقاء لمدة ١٢ سنة بالنسبة إلى المستفيدين من الصندوق و٩ سنوات للباقين، وتمديد فترة الفراغ القانوني من ٣١/١٢/٢٠١٢ حتى ٢٨/١٢/٢٠١٤»، علماً أنّ الرئيس الحريري تعهّد خلال الجلسة بإنشاء الصندوق خلال ٤ أشهر.

كذلك، وفي ما خصّ رد المجلس قانون إفادة المتعاقدين في الإدارات العامة من نظام التقاعد أول من أمس إلى الحكومة لإعادة درسه وإقراره خلال شهر، تصاعدت ردود الفعل التي خلّفها تأجيل إقرار هذا القانون لدى متعاقدي الإعلام الذين نفذوا أمس اعتصاماً أمام مجلس النواب تخلله لقاء بين وفد منهم ورئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان ورئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فصل الله ووزير الإعلام ملحم رياشي، لطلب فصل ملفهم عن ملف باقي المتعاقدين في الإدارات العامة، وفي نهاية المطاف حسم الرئيس الحريري الملف متعهداً ببته خلال 10 أيام ربطاً بالحاجة إلى دراسة المشروع قبل اتخاذ قرار الفصل من عدمه بين المتعاقدين.