مع بدء عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي والذي يتزامن غدا وعيد العمل في الاول من ايار، تحط السياسة رحالها بضعة أيام قبل الانطلاق في مواجهة شهر من الاستحقاقات والمحطات المتعاقبة التي تتسم بأهمية خاصة نظراً الى طبيعة كل محطة. ذلك ان أيار سيشكل موعدا مبدئيا مع استحقاق تغييري يفترض ان تحمله الانتخابات البلدية والاختيارية التي تتوزع على أربع مراحل بدءاً من الثامن من ايار في بيروت والبقاع. واذا كانت صورة المشهد الانتخابي والتنافسي في المناطق المرشحة لان تشهد معارك جادة تنتظر الايام القريبة فان الاستحقاق الانتخابي لن يختصر وحده المحطات البارزة خلال الشهر المقبل بل ان موعد الخامس والعشرين منه سيرخي بظلال ثقيلة جدا على مجمل الواقع اللبناني بحيث سيحيي اللبنانيون ذكرى طي السنة الثانية من أزمة الفراغ الرئاسي وبدء السنة الثالثة منها بما يعني تجاوز هذه الازمة الرقم القياسي في كل ازمات الشغور التي عرفتها الرئاسة الاولى قبل الحرب وبعدها. ولا غلو في القول إن هذه المحطة ستشكل أحد أقسى الاستحقاقات الدستورية والوطنية والسياسية نظراً الى ما ستثيره من ابعاد ودلالات بالغة السلبية وشديدة الوطأة على لبنان وصورة نظامه وواقع قواه السياسية وقت ينذر الانسداد الشامل في أفق الجهود لانتخاب رئيس للجمهورية بمزيد من تراكم الازمات الداخلية.
ولعله لن يكون خافياً على أحد ان الاقتراب من ذكرى مرور سنتين على الفراغ الرئاسي سيجعل موعد الجلسة الـ39 لانتخاب رئيس الجمهورية في 10 أيار اشبه ببكائية اضافية حيال هذه الازمة المتمادية، كما ان موعد الجولة الجديدة من الحوار الوطني في 18 أيار لن يكون أقل قتامة وسط عقم المشاورات والمناقشات التي تدور في حلقة العجز عن أي اختراق سياسي. ولا حاجة والحال هذه الى ترقب نتائج عجائبية من مسلسل جديد – قديم سيبدأ الثلثاء المقبل مع جلسات اللجان النيابية المشتركة للشروع في عملية معقدة يراد منها تقليص الانقسامات والتباينات حيال 17 مشروعاً واقتراحاً لقانون الانتخاب على أمل حصرها ببضعة مشاريع فيما تحوط شكوك كثيفة بهذا المسعى وفرصه في النجاح اقله في المدى المنظور.

الحريري في اسطنبول
وسط هذا المشهد المعقد اكتسبت زيارة الرئيس سعد الحريري أمس لقصر يلدز في اسطنبول ولقاؤه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان دلالات بارزة لجهة استكمال الحريري تحركاً خارجياً بدأه بزيارة موسكو قبل أسابيع. وأفادت موفدة "النهار" الى اسطنبول هدى شديد ان الحريري أراد من زيارة اسطنبول استكمال هذا الحراك الخارجي بمواكبة التحرك الذي يجريه في الداخل لايجاد ديناميكية تساعد على وضع حد للفراغ الرئاسي الذي أوصل مؤسسات الدولة بعد سنتين من الفراغ الى حال من الشلل والاهتراء.
واذ برزت حفاوة لافتة في استقبال اردوغان للحريري حيث عقدا اجتماعا منفردا مطولاً حرص الحريري على التأكيد انه لم يأت الى تركيا بعد روسيا لطلب المساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية ولا لتسويق مرشحه الرئاسي بل لشرح مخاطر الفراغ الرئاسي وصعوبة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها لبنان بالاضافة الى عبء اللاجئين السوريين. كما نفى علمه بوجود طرح لانتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنتين مستدركاً ان "الدستور اللبناني واضح ومدة رئيس الجمهورية ست سنوات" مشدداً على ان "علينا ألا نلجأ الى حلول جزئية". وتحدث عن دور كبير لتركيا يمكن ان تضطلع به لاحلال الاستقرار في المنطقة، وأضاف: "تحدثت عن سلبية الدور الايراني وتدخلاته في دول المنطقة". وافادت المعلومات ان اردوغان اعرب أمام الحريري عن قلقه من استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان منذ فترة طويلة نظراً الى اخطار هذا الفراغ على الوضع اللبناني برمته.

 

الانتخابات
اما في ملف الانتخابات البلدية والاختيارية، فبدأت الحماوة الانتخابية تتصاعد في عدد من المناطق البقاعية على رغم استئثار معركة زحلة بمعظم الاهتمامات. وأعلنت امس في بعلبك لائحة ائتلاف الثنائي " أمل " و"حزب الله " مع "الأحزاب والقوى الوطنية والاسلامية " وسميت "لائحة التنمية والوفاء " في مهرجان اقيم في باحة مطعم النورس في المدينة في حضور عدد من نواب المنطقة، فيما اعلن ثلاثة مرشحين سحب ترشيحاتهم لمصلحة هذه اللائحة. أما في زحلة فينتظر تصاعد المعركة مع اعلان رئيسة "الكتلة الشعبية" ميريام سكاف لائحة الكتلة لتتوالى بعدها ولادات لائحة أخرى برئاسة موسى فتوش ولائحة اسعد زغيب المدعومة من الاحزاب المسيحية "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية " والكتائب. وأكد النائب السابق سليم عون ان اللائحة باتت جاهزة للاعلان نافياً كل ما تردد عن خلافات بين اطرافها.
وبعيداً من الاجواء البقاعية، تقترب معركة جونية من منافسة محصورة بين لائحتين بدل ثلاث، اذ تشير المعطيات الى تقدم المساعي نحو توافق بين لائحة فادي فياض المدعومة من رئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمة افرام ولائحة نائب رئيس البلدية الحالي فؤاد بواري المدعومة من النائبين السابقين منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن كما يدعم هذه اللائحة الموحدة حزبا "القوات اللبنانية" والكتائب وعائلات في مواجهة لائحة جوان حبيش التي يدعمها "التيار الوطني الحر". وتردد ان اللائحة الاولى الائتلافية ستعلن خلال ايام.
الى ذلك احيت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي أمس الجمعة العظيمة ورأس متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة مساء رتبة دفن المسيح في كاتدرائية القديس جاورجيوس في ساحة النجمة وسط حضور حاشد. ومن المقرر ان يستقبل المطران عودة وكهنة الرعية مساء اليوم الشعلة المقدسة التي ستنقل من القدس الى بيروت في كاتدرائية القديس جاورجيوس أيضاً، كما يرأس الاحد قداس الفصح ويلقي عظة يتطرق فيها الى الاوضاع العامة الراهنة.