لم ينتظر المسلحون الإرهابيون مرور 24 ساعة على العملية النوعية التي نفّذها الجيش اللبناني في بلدة عاصون في قضاء الضنية، حتى سارعوا إلى الردّ عليها أمس في طرابلس بالاعتداء على الوحدات العسكرية في منطقة «خان العسكر» وفي أسواق المدينة الداخلية، محاولين مرة جديدة تغيير صورة طرابلس التي تجمع اليوم كل قياداتها من مختلف الطوائف، لتأكيد صورتها المدنية والوطنية.

وكشف مصدر أمني بارز لـ «المستقبل» أن المسلحين يقودهم عمر الملقب بـ «أبو هريرة» وهو الابن البكر للموقوف أحمد سليم ميقاتي، فتحوا النار على عناصر من الجيش اللبناني الذي ردّ على مصادر النيران بالمثل فاندلعت اشتباكات عنيفة استمرت طيلة الليل.

وأضاف المصدر أن «أبو هريرة» الذي كان يقاتل مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في جرود عرسال والقلمون، حضر أمس إلى طرابلس بعد اعتقال والده في عاصون أول من أمس، وفجّر الوضع في المدينة، حيث قاد المسلحين الذين انتشروا في الأحياء القديمة لطرابلس، لكن وحدات الجيش عمدت إلى مطاردتهم بعدما أغلقت سائر الزواريب والمداخل المؤدية إلى «خان العسكر«. 

وقد توسعت الاشتباكات في أسواق طرابلس الداخلية واستخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، لتمتد دائرة الاشتباك إلى السرايا العتيقة والسوق العريض ومدخل الزاهرية وصولاً الى إشارة شارع المئتين.

واستقدم الجيش تعزيزات الى مناطق الاشتباك، كما اتخذ إجراءات دفاعية في جميع مراكزه وقام بإغلاق طريق التل مقابل الـABC، وأغلق نزلة أبو سمرا، وأوقف عدداً من المسلحين ومن المشتبه بتورطهم في الاعتداء.

وأوضح أنه نتيجة الاشتباكات قُتل أحد المسلحين فيما تردّد أن ستة جنود للجيش اللبناني أصيبوا من بينهم ضابط برتبة ملازم أول من فوج التدخل الأول بجروح نقلوا على أثرها إلى مستشفيات المدينة للمعالجة. 

جثة الأكومي

وكانت قيادة الجيش مديرية التوجيه، أعلنت بعد ظهر أمس أن فحوص الحمض النووي (DNA) التي أجريت على إحدى جثث المسلحين الذين سقطوا خلال مداهمة الجيش الشقة في عاصون «تبيّن أنها عائدة للمجند الفار عبد القادر الأكومي«.

يُشار إلى أن مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار دعا كل قيادات طرابلس من كل الطوائف إلى لقاء يُعقد اليوم في المدينة لإعلان «الثوابت الطرابلسية الوطنية»، وإصدار «وثيقة السلم الأهلي»، تأكيداً على هوية المدينة الوطنية والمدنية.

وتابع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أوضاع طرابلس في اتصالات مكثّفة أجراها ليلاً شملت وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وهو سيتابع اليوم اتصالاته مع المعنيين لضبط الوضع هناك عشية سفره المقرّر صباح بعد غد الاثنين إلى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر دولي حول النازحين السوريين.

وأوضحت أوساط سلام نهاراً لـ «المستقبل» أن رئيس الحكومة مرتاح لأجواء جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، حيث أظهرت كل مكونات الحكومة حرصها على تحمّل المسؤولية وقرارها بعدم تفجير الوضع الحكومي.