على رغم الطابع الروتيني للجلسة التي يعقدها مجلس النواب اليوم لاعادة انتخاب هيئة مكتبه ولجانه النيابية، تبدو هذه الجلسة بمثابة الانطلاقة الضمنية نحو خطوة التمديد للمجلس، اذ ستشكل مناسبة لاطلاق المشاورات والتحضيرات العملية لاستكمال آليتها والاتفاق على موعد جلسة تشريعية يطرح فيها التمديد ويرجح ان تعقد في 27 تشرين الأول الجاري. وينتظر ان يكون الحضور النيابي لجلسة اليوم كثيفاً، ذلك ان معظم الكتل أكدت مشاركتها فيها وقت لا يستبعد ان يعقد على هامشها لقاء لرئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة، إلى لقاءات أخرى يكون التمديد للمجلس محورها.

وأكد النائب أحمد فتفت مساء أمس أن مشاورات سياسية ستجرى في الساعات الـ24 المقبلة على هامش جلسة التجديد للجان ولمكتب المجلس أو بعدها في شأن الاقتراحين المطروحين على المجلس للتمديد أو لتعديل المهل في قانون الانتخاب، بينما أبلغت مصادر نيابية "النهار" ان المناخ الغالب على الاجواء النيابية والسياسية بات ينحو في اتجاه مساومات وتفاهمات ضمنية لجعل التمديد محطة تبريد سياسية تمليها الظروف الامنية القسرية والخطيرة التي تجتازها البلاد، خصوصا ان الخضة التي نشأت عن السجال الأخير بين وزير الداخلية نهاد المشنوق و"حزب الله" أفضت الى اقتناع لدى الجميع بوجوب حصول هذا التبريد تجنباً لمزيد من الاستقطابات والخلافات التي تهدد الحكومة والمجلس وسط انسداد الافق السياسي الناجم عن الفراغ الرئاسي.
وليس بعيداً من الاجواء المتصلة بأزمة الفراغ الرئاسي والتمديد للمجلس، استرعى سفر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مساء امس الى المملكة العربية السعودية انتباه المراقبين، اذ قال المكتب الاعلامي لجعجع إنه يقوم "بزيارة رسمية يقابل خلالها كبار المسؤولين السعوديين". وعلمت "النهار" أن جعجع سيلتقي وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ومسؤولين آخرين كباراً في المملكة، وستكون له محادثات معمقة مع الرئيس سعد الحريري في موضوع الفراغ الرئاسي وتداعياته السلبية على لبنان وأهمية التعجيل في إنهاء هذا الوضع الإستثنائي وحشد دعم عربي ودولي لتحقيق هذه الغاية، خصوصاً أن الحكومة لم تعد كافية لحماية الاستقرار ولم تعد ثمة ضرورة لتقديم أدلة على ذلك.
وأوضحت مصادر هذه المعلومات أن زيارة جعجع كانت مقررة منذ مدة، أما توقيتها فارتبط بالبعد الأمني لتحرك رئيس "القوات"، واستبعدت البحث في أسماء مرشحين توافقيين محتملين تقدمهم قوى 14 آذار، خلال اللقاءات التي سيعقدها في السعودية، على قاعدة أنه إذا لم توافق قوى 8 آذار على مرشح توافقي فإن قوى التحالف المقابل ستستمر في دعم ترشيح جعجع وفقاً للمبادرة التي باتت معروفة.
وعلمت "النهار" ان النائب سامي الجميّل توجه مساء بدوره الى جدة. وأفادت أوساط متابعة في بيروت انه سيلتقي أيضاً عدداً من المسؤولين السعوديين والحريري ولا يستبعد ان يعقد لقاء ثلاثي يجمع الحريري وجعجع والجميّل.

 

اللاجئون
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان الاجتماع الذي رأسه رئيس الوزراء تمّام سلام امس للجنة الوزارية لشؤون اللاجئين السوريين تخلله وضع ورقة عمل بالاجماع تتضمن سياسة الدولة في موضوع اللجوء السوري والتي ستكون الذراع التنفيذية للمبادئ العامة التي سبق لمجلس الوزراء ان حددها في 24 أيار الماضي. وتتألف الورقة من صفحتين تتضمن كل مجالات التعاون الامني والاقتصادي والاجتماعي ووقف اللجوء والحالات الاستثنائية وتطبيق قوانين العمل والحفاظ على اليد العاملة اللبنانية ومنع المنافسات وكيفية التعامل مع المؤسسات الدولية، على ان تكون مرجعية هذه المؤسسات على أرض لبنان هي الدولة اللبنانية بعدما كانت الجهات الدولية المختصة باللاجئين تقول إن لا إستراتجية لدى لبنان على هذا الصعيد. وتقرر ان ترفع الورقة الى مجلس الوزراء بعد غد الخميس لمناقشتها وإقرارها وسط توقعات ان يوافق المجلس عليها باعتبار ان مكونات اللجنة الوزارية تعكس كل الاتجاهات في الحكومة.
وصرح عضو اللجنة الوزارية وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" بأن ورقة اللاجئين السوريين ستصبح "ورقة مرجعية للدولة اللبنانية" سيحملها رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام الى مؤتمر برلين الاسبوع المقبل والمخصص لموضوع اللاجئين السوريين، كما ستتعامل على أساسها كل أجهزة الدولة من الآن فصاعداً مع ملف اللجوء السوري.
وفهم ان من شأن إقرار ورقة العمل هذه ان يحد من عدد اللاجئين، مع العلم ان حركة العبور للسوريين بين سوريا ولبنان شهرياً تراوح بين 750 ألفاً و800 ألف سوري. وتبيّن حديثاً وللمرة الاولى منذ نشوء أزمة اللجوء السوري ان عدد المغادرين السوريين لبنان أصبح أكبر من عدد السوريين القادمين الى لبنان، وهذا مؤشر لفاعلية التدابير المتخذة للحد من العدد. أما موضوع إنشاء مخيمات للاجئين، فبات مرتبطاً بإنشاء منطقة محايدة بضمان المجتمع الدولي. وقد اعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ان "وقف النزوح هو أمر نهائي لأن لبنان لم يعد يستطيع ان يتحمل مزيداً من النزوح".

الجيش
الى ذلك، عاد أمس الى بيروت قائد الجيش العماد جان قهوجي بعد زيارة للولايات المتحدة شارك خلالها في اجتماعات رؤساء أركان الجيوش المشاركة في الائتلاف الدولي ضد تنظيم "داعش". وعلم ان منسق الائتلاف الجنرال الاميركي جون آلن وصل الى قطر لجمع اركان القوات الاميركية والسفراء الاميركيين في المنطقة لمتابعة تنفيذ خطة العمل الخاصة بالقضاء على "داعش".
وفي المقابل، واصل وزير الدفاع سمير مقبل محادثاته في طهران حيث التقى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الذي نقلت عنه وكالة "مهر" للانباء ان الجمهورية الاسلامية "ستبقى كما في السابق الى جانب مقاومة الشعب اللبناني والجيش اللبناني وعلى استعداد تام لأي شكل من اشكال التعاون السياسي والامني والمخابراتي للتصدي للجماعات الارهابية التكفيرية". كما اعرب عن امله في ان "يتمكن الشعب اللبناني وقواه السياسية في أسرع وقت ومن طريق الحوار والتوافق من انتخاب رئيس جديد للبلاد". ونقلت الوكالة عن مقبل "شكره للهبة التي منحتها الجمهورية الاسلامية للجيش اللبناني"، مؤكدا ان "هذه المساعدات سيكون لها دور ملحوظ في تعزيز صمود لبنان في مواجهة الجماعات الارهابية التكفيرية".

قافلة عالقة
وفي سياق أمني آخر، صرح رئيس "تجمع المزارعين في البقاع" علي ترشيشي لمراسلة "النهار" في زحلة مساء امس بأن قافلة من برادات الشحن التي تنقل انتاجاً زراعياً بقاعياً مصدراً براً علقت في مرمى نيران المعارك الدائرة عند معبر "نصيب" السوري الحدودي مع الاردن والاوتوستراد المؤدي اليه بين الجيش السوري النظامي و"الجيش السوري الحر". ونقل عن سائقين في عداد القافلة اخباراً مقلقة عن تسجيل اصابات واضرار، مطالبا بألا يسمح لقوافل الشحن البري بالانطلاق من نقطة المصنع الحدودية قبل التحقق من سلامة الطريق.
وأفادت معلومات اضافية، من مصدر آخر، أن القافلة عالقة مع سائقيها داخل الحرم الجمركي للمعبر، لا يستطيعون مغادرته بسبب المعارك التي أودت بحياة سائق سوري الجنسية.