تعتبر مصادر نيابية مقربة من الجلسة التي ستعقد اليوم أنها تشكل ممراً هادئاً وآمناً للتمديد للمجلس النيابي، الذي دخل الايام العشرة الاواخر من هذا الشهر، على ان تشهد الجلسة، بعد تمرير هيئة المكتب والتجديد للجان والمقررين، مع تعديلات طفيفة، لقاءات واجتماعات، لعلها اهمها واكثرها انتظاراً الاجتماع بين الرئيس نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، والهدف التفاهم على كل حيثيات ملف التمديد مدة وموعد جلسة وما سيسبق وما سيلي ذلك، على اعتبار ان لا خيارات متاحة لتدارك خطر الفراغ سوى التمديد للمجلس الحالي، وفقاً للاقتراح الذي قدمه النائب نقولا فتوش، اسباباً موجبة ومدة، ريثما تتجلى صورة الحروب القائمة في المنطقة وانعكاساتها الجد سلبية على لبنان.
واذا ما سارت الامور وفقاً لما هو مرسوم لها، فإن جلسة اليوم ستنتج «المطبخ التشريعي» من دون ان يكون مجزوماً ان اقتراح النائب فتوش للتمديد في نية الرئيس بري طرحه في هذه الجلسة، بانتظار نضوج التوافق بما يشبه الاجماع، وهو الشرط المستتر الذي يخبئه الرئيس بري قبل تجديد موعد الجلسة النيابية، على حد ما لمس احد النواب الذي كان في عداد الوفد النيابي الى المؤتمر البرلماني الدولي في سويسرا.
ومن مؤشرات استبعاد طرح التمديد في جلسة اليوم عدم توافر معطيات عن مشاركة الرئيس سعد الحريري فيها، في ظل معلومات وزارية - نيابية تقاطعت حول رغبته المشاركة في جلسة التمديد.
وعشية جلسة مجلس النواب اليوم والتي ستعقبها جلسة لمجلس الوزراء بعد غد، تكثفت المشاورات والاتصالات لعدم تحويل ساحة النجمة في الخارج الى منصة لتكرار الاتهامات والحملات التي يخشى معها، في ظل التجمعات الاعتراضية، سواء على التمديد من خلال الحراك المدني، او اهالي العسكريين المخطوفين الذين امهلوا الحكومة 48 ساعة قبل الذهاب الى «يوم الغضب»، علمت «اللواء» ان نواب كل من كتل «المستقبل» و«التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» وضعوا في اجواء عدم تصعيد المواقف والتركيز على الانتقادات السياسية، او الرد على الكلمة بالكلمة اذا اقتضى الامر.
وتوقع مصدر نيابي ان تكون الجلسة قصيرة، نظراً لأن المشاريع الاخرى ما تزال في دائرة التشاور بين الكتل الكبرى، قبل بلورة القرارات النهائية تجاهها.
مجلس الوزراء
واستبقت اللجنة الوزارية لشؤون النازحين التي اجتمعت في السراي الكبير برئاسة الرئيس تمام سلام جلسة مجلس الوزراء للاتفاق على رزمة قرارات في ما يتعلق بهؤلاء النازحين، وصفتها مصادر وزارية بأنها بمثابة «خارطة طريق يسير عليها لبنان داخلياً وفي المحافل العربية والدولية للتعامل مع هذا الملف المعقد بابعاده وجوانبه كافة السياسية والانسانية والامنية، بما في ذلك عبء الكلفة الاقتصادية والمالية، وذلك باتجاهين: الاول ويقضي بمنع عبور نازحين جدد، باستثناء الحالات الانسانية النادرة والواضحة، والثاني انقاص عدد النازحين الحاليين وتوفير ما يلزم لاعادتهم الى بلادهم، او التعاطي الايجابي مع رغبات دولية باستيعاب اعداد كبيرة منهم على اراضيها، وهذا ما سيطرح في المؤتمر الدولي الذي سيعقد في برلين بعد اسبوع.
واكدت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان مجلس الوزراء سيقر تصور اللجنة مع ادخال بعض التعديلات اذا اقتضى الامر، مع الاشارة الى ان هذا الملف مفصول عن عمليات الدهم التي تقوم عناصر الجيش والقوى الامنية الاخرى لمناطق التجمع ومخيمات النازحين في ضوء معلومات عن اندساس مشتبه بها او انتمائها للجماعات المسلحة.
واكدت المصادر ان ملف النزوح السوري اصبح من غير المجدي تأخير بته، داعية الى انهاء هذا الملف من باب التضامن الحكومي، لا سيما بعد استبعاد موضوع اقامة المخيمات للنازحين.
وفصل وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس بين وقف النزوح واقفال الحدود، معتبراً ان اقفال الحدود غير وارد اقله في هذه المرحلة، لكن وقف استقبال النازحين سيعلن رسمياً بعد التوافق عليه في مجلس الوزراء، كاشفاً عن تدقيقات تجري في سجلات مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة لشطب من لا تنطبق عليه صفة النزوح من السجلات المعمول بها، متوقعاً ان يحدث انخفاض يزيد عن الـ40 الف نازح، وهو الرقم الذي حصل الشهر الماضي.
جعجع في السعودية
سياسياً، شكلت زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى المملكة العربية السعودية تطوراً بارزاً في سياق التحركات والمشاورات الجارية لبنانياً وعربياً ودولياً لرسم خارطة طريق تنهي الشغور الرئاسي في لبنان، بصرف النظر عن مآل التمديد، وفي ضوء المحادثات المعمقة والتفصيلية التي جرت في روما بين الرئيس سعد الحريري والبطريرك الماروني بشارة الراعي.
وكشف مصدر لبناني واسع الاطلاع ان زيارة جعجع تأتي في سياق مشاورات ستجريها المملكة مع مروحة واسعة من القيادات اللبنانية، لا سيما المسيحية منها.
ووفقاً لهذا المصدر، فإنه بعد حسم التمديد سيكون الشغل الشاغل للمجلس انتخاب رئيس للجمهورية انطلاقاً من:
1- عدم جواز استمرار تغييب طائفة كبيرة كالطائفة المارونية عن الموقع الذي أناطه بها الدستور اللبناني واتفاق الطائف حفاظاً على التوازن الوطني.
2- الانتقال للبحث عن الرئيس التوافقي بعد أن بات من المتعذر انتخاب أياً من الشخصيات التي تتمتع بتمثيل حزبي وشعبي، كالدكتور جعجع والنائبين ميشال عون وسليمان فرنجية أو الرئيس أمين الجميّل.
3- البحث في الخيارات البديلة إذا ما استمر عون في إصراره على عدم سحب ترشيحه، وهو الموقف الذي لا تغطي استمراره بكركي التي تعتبر أن انتخاب موظف من الفئة الأولى كالعماد جان قهوجي أو الحاكم رياض سلامة أو السفير في الفاتيكان جورج خوري يمكن أن يكون موضع تفاهم بين 8 و14 آذار هو أفضل بكل المعايير من استمرار الشغور الرئاسي، في وقت تشهد فيه المنطقة تغييرات هائلة تطال الأرض والبشر قبل أنظمة الحكم والدساتير المعمول بها.
وأوضح المصدر أن محادثات جعجع التي قال عنها مكتبه الإعلامي أنها ستشمل مسؤولين كبار في المملكة ستنطلق من هذا الإطار، ومن المؤكد أنه سيلتقي الرئيس الحريري في هذه الزيارة التي تستمر أكثر من يومين.
الملاكمات الممنوعة
وإذا كانت الاتصالات السريعة التي جرت لتطويق ردود الفعل على خطاب وزير الداخلية نهاد المشنوق قد أدت أغراضها لجهة اعتبار أن مفاعيل الخطاب انتهت عند هذه الحدود، فإن مصدراً وزاريا توقع أن تكون للخطاب ارتدادات في مجلس الوزراء، من دون أن يكون أي تأثير على التضامن الوزاري، في حين قال مصدر وزاري آخر لـ «اللواء» أن «الملاكمات السياسية خارج الحلبة ليس لها محل في الحكومة»، في إشارة الى الاتصالات التي نجحت في إبقائها خارج مجلس الوزراء.
ومع ذلك، فإن مصادر في قوى 14 آذار عزت أسباب موقف الوزير المشنوق، الى أن «كيله طفح» بعدما أخلّ «حزب الله» بكل التزاماته ووعوده التي قطعها بالتعاون مع وزارة الداخلية والأجهزة التابعة لها، من أجل تطبيق الخطة الأمنية الحساسة شمالاً وبقاعاً، مشيرة الى أن الحزب وظف سياسة اليد المفتوحة من أجل مصالحه الحزبية وتجاهل مقتضيات التعاون للمصلحة الوطنية بحيث استمر في سياسة غضّ النظر عن ممارسات الإخلال بالأمن في المناطق الخاضعة لنفوذه وتغطية المرتكبين، خلافاً للمتفق عليه، ولم يبد أي تعاون في مجال مكافحة عمليات السرقة والخطف وتسليم المطلوبين للقضاء، لكنها أعربت عن اعتقادها أن هذه المواقف التي استتبعت باتصالات توضيحية لن تؤثر على الوضع الحكومي، وأنها هدفت الى «هزّ العصا» من خلال رفع المشنوق البطاقة الصفراء قبل أن يرفع الحمراء إذا اقتضى الأمر.
وفي المقابل، كشفت معلومات أن قيادة «حزب الله» اتخذت قراراً بعدم الاستدراج الى سجالات مع تيار «المستقبل» وأنها اكتفت بالموقف - الرد الذي أعلنه وزير شؤون مجلس النواب محمد فنيش، معتبرة في الوقت عينه أن كلام المشنوق مجرد «فشة خلق».
وقالت مصادر مطلعة أن هذا الأمر من شأنه أن يجعل جلسة مجلس الوزراء سلسة، بعد أن تم استبعاد البنود الخلافية من جدول أعمالها الذي يتضمن 38 بنداً، كما تم سحب فتيل التفجير الذي كان مده السجال الساخن بين وزيري التنمية والتحرير غازي زعيتر و«الاصلاح والتغيير» جبران باسيل على خلفية الانماء غير المتوازن والاتهامات المتبادلة بالفساد وتوظيف المال العام لمصالح خاصة، ما حمل وزير الاتصالات بطرس حرب الى الدعوة الى فتح تحقيق في مصير حصة أموال البلديات من عائدات الخليوي بين أعوام 2010 و2014، علماً ان دعوة حرب بقيت دون جواب.
إلا أن عودة وزير الدفاع سمير مقبل من زيارته الى طهران، قد تعيد احتمال طرح موضوع الهبة الايرانية لتسليح الجيش، في ضوء ما سيطرحه مقبل أمام الحكومة، لجهة معرفة ما اذا كان في امكان لبنان قبول هذه الهبة في ظل القرار 1747 الصادر عن مجلس الأمن، والتقرير الذي رفعته لجنة من الخبراء العسكريين الى مجلس الوزراء متضمناً مدى مطابقة الهبة وملاءمتها لحاجات الجيش ونوعية السلاح والعتاد الذي يحتاجه في هذه الرحلة، من دون أن تؤثر على خطوات الدعم والمساعدة لتسليح الجيش من العواصم الغربية.
تجدر الإشارة الى أن قيادة الجيش، أصدرت أمس مجموعة بيانات تشير الى اجراء تمارين تدريبية في غير منطقة لبنانية تتخللها رمايات بالذخيرة الحية، بما يوحي ان الجيش تلقى انواعاً جديدة من الذخيرة يجري التدريب عليها.