مع ان العقم الاضافي الذي افضت اليه جلسة مجلس الوزراء أمس لم يفاجئ أحداً، فان ذلك لا يقلل مدى الخطورة التصاعدية لانعكاسات الواقع الحكومي التي افاض رئيس الوزراء تمام سلام في أبرازها عبر مداخلته التي لوح فيها بالخيارات المفتوحة التي قد يلجأ اليها اذا تمادت الازمة بكل وجوهها. وقد حاول بعض الاوساط السياسية والوزارية تخفيف وقع الاثر السلبي للجلسة العقيمة باعتبارها مررت قطوع المواجهة السياسية مجدداً وأثبتت أن سقوط الحكومة أو استقالة رئيسها لا يزالان بمثابة خط أحمر ممنوع تخطيه بقرارات كبيرة داخلية وخارجية. وعلى رغم أن هذا الانطباع حمل الكثير من الحقيقة والواقعية، فان الوجه السلبي المقابل تمثل مرة اخرى في ان محاصرة الحكومة بشبكة الممنوعات تفضي بشكل منهجي واضح الى فرض واقع حكومة تصريف أعمال مقنعة، حتى ان هذا النهج لم يوفر المؤسسة العسكرية والاسلاك الامنية الاخرى التي طاولها "العقاب" أمس بحرمانها مراسيم ترقية الضباط في هذه الاسلاك وكذلك الضباط الجدد الذين سيتخرجون غداً في مناسبة عيد الجيش.
وأوجزت مصادر وزارية لـ"النهار" حصيلة جلسة مجلس الوزراء أمس فقالت "إنها كانت انعكاساً للقلوب الملآنة والحلقة مفرغة كما كانت الجلسة بمثابة محطة إنتقالية بين مرحلة تصعيدية ذات صلة بآلية عمل مجلس الوزراء ومرحلة عاصفة أخرى الاسبوع المقبل ذات صلة بالتعيينات الامنية". وأوضحت "أن إتفاقا حبيّا "مرر الجلسة امس من دون أزمة فتحولت "ديوانية" أدلى خلالها الوزراء بدلوهم من دون مساجلة ورفع الصوت على رغم أن بعض المواقف تميّز بالحدة والتحدي. ولوحظ أن الجلسة التي تجاوزت وقتها التقليدي، المحدد بثلاث ساعات بنصف ساعة تمحورت في معظمها على أزمة النفايات لكنها لم تتوصل الى حلول مما أستدعى تعليقاً من الرئيس سلام الذي قال: "إن الازمة لم تعد تقنية بل دخلت في المتاهات السياسية والاخلاقية". واسترعى الانتباه، بحسب المصادر، تأكيد الرئيس سلام أنه "صامد في تحمّل المسؤولية وعدم ترك البعض يأخذ الحكومة الى إتجاه ليس لها".وبدا أن جميع الوزراء أدركوا جدية خياره في الاستقالة فتركوا الجلسة "تمرّ بسلام ليبقى سلام".
غير ان مداخلة سلام اتسعت في دلالاتها التحذيرية من خلال تناوله ازمة النفايات والاستحقاقات المالية للدولة ومن ثم الازمة السياسية، مشدداً على "التوجه الى الجميع وليس الى فئة" ومنبهاً الى ان "الدولة باتت رهينة حالة عشوائية وممارسات على الارض بحق كبار المسؤولين وليس أمامنا سوى ان نخرج من الخلل والعجز وان نعالج خلافاتنا". واكد انه اذا استمر الوضع على حاله "وامام الحائط المسدود فان كل الخيارات مفتوحة وسألجأ اليها اذا احتجت الى ذلك".
وفيما وقّع 18 وزيراً مراسيم ترقيات الضباط عشية عيد الجيش امتنع وزراء "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" عن توقيعها. وكانت ذريعة الممتنعين أنهم منسجمون مع مطلبهم عدم قبول صدور أية قرارات قبل بت الآلية والتعيينات. ورجحت المصادر أن تمضي المراسيم الى التنفيذ على غرار ما حصل مع مرسوم تصدير المنتجات الزراعية. وفي ختام الجلسة التي رفعها الرئيس سلام من دون تحديد موعد للجلسة المقبلة سأله وزير العمل سجعان قزي هل تكون الجلسة المقبلة الثلثاء أم الخميس، فأجابه: "إذا كانت هناك حاجة الى جلسة قبل الخميس فسأدعو اليها".

حرب النفايات!
وقال مصدر وزاري بارز لـ"النهار" تعليقاً على دوامة العجز عن ايجاد حل جذري لازمة النفايات إن هناك حرب نفايات طائفية وكلما أشير الى منطقة لحل الازمة قامت ردود الفعل عليها ولا احد قادر على ايجاد مطمر واقناع الناس به. واضاف ان المشكلة كانت سياسية حول الشركة والتعيينات وجاءت النفايات لتفجرها كلها دفعة واحدة.
ولعل المفارقة الاخرى التي شهدتها الجلسة تمثلت في دوران المناقشات الوزارية في حلقة مفرغة على انخراط جميع الوزراء في النقاش مما عكس اتجاهات سياسية جامعة الى التخلص من الازمة. وكان الاقتراح الذي تقدم به وزير السياحة ميشال فرعون محور نقاش واسع اذ طرح اللجوء الى نقل النفايات المتراكمة في بيروت الى الخارج. وتبنى مجلس بلدية بيروت هذا الاقتراح فتمنى بعد اجتماع طارئ له برئاسة رئيسه بلال حمد على مجلس الوزراء ان يجيز لبلدية بيروت حل مشكلة النفايات في بيروت الادارية من طريق التعاقد مع شركات مختصة لشحنها الى خارج الاراضي اللبنانية.
وعاودت اللجنة الوزارية المكلفة ملف النفايات الصلبة مناقشة ازمة المطامر في اجتماعها الخامس مساء امس برئاسة الرئيس سلام من غير ان تتوصل الى اي حل وابقت اجتماعاتها مفتوحة.

 

بري
في غضون ذلك، اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري ردا على سؤال عن مجريات الوضع الحكومي ان "تطيير الحكومة يعني تطيير البلد وهذا الامر لن يحصل" وقال ان "الحكومة خط احمر على الاقل بالنسبة الي والى الاخوة في حزب الله وموقفي وموقفهم ليس من باب الكلام بل هو جدي ونؤمن به . من يريد اسقاط الحكومة من دوننا فليجرب، فالمسألة "ليست بالعافية" والرئيس سلام يقوم بواجباته ويعمل على استيعاب الامور". وتناول بري انعكاسات الاتفاق النووي على لبنان فقال ان "هناك فترة قد تمتد من شهرين الى ثلاثة اشهر ونحن الان في مرحلة انتقالية نحو بدء الحلول عندنا وفي هذا الوقت على لبنان ان يعمل على معالجة قضاياه لا سيما منها القضايا الملحة لنكون جاهزين ومهيئين لاستقبال الحلول متى حان اوانها".