اليوم الاثنين 27 نيسان، يكون لبنان دخل يومه الثامن والثلاثين بعد الثلاث مائة من دون رئيس للجمهورية...

 

 


وإذ غابت عن الساحة اللبنانية في اليومين الماضيين، أية دلالات او أنشطة تعيد الحياة الى شرايين التواصل، فقد بقيت الأنظار والاهتمامات والمتابعات مشدودة الى الخارج، الاقليمي والدولي، حيث تداخلت «الهزات الطبيعية» في النيبال التي أفضت الى وقوع أكثر من الفي قتيل، مع الهزات العسكرية والسياسية التي تعصف بالمنطقة من اليمن الى العراق الى سوريا، الى لبنان، الذي عاش يوم أمس الذكرى العاشرة لانسحاب الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005 على وقع ضغوط دولية وداخلية حتمت على سوريا الانصياع للقرار الدولي رقم 1559...

 

 


 

 


طيران اسرائيلي والجيش يتصدى للمسلحين

 

 


وفي وقت كان الطيران الاسرائيلي يحدث اختراقات قتالية للأجواء اللبنانية من الناقورة الى جونية وجبيل وصولاً الى رياق وبعلبك والهرمل، كانت وحدات الجيش اللبناني تتصدى وبقوة لافتة لتحركات المسلحين على السلسلة الشرقية بالمدفعية الثقيلة، من جرود عرسال الى جرود رأس بعلبك، كان «النشاط السياسي» مجمداً، والافعال كما الاقوال تدور في حلقة مفرغة، وكل فريق يرمي مسؤولية الشغور الرئاسي على الآخر، وعلى الظروف الاقليمية والدولية التي «لم تنضج كفاية بعد» لملء الشغور في سدة الرئاسة الأولى، وهو شغور بات يهدد سائر المؤسسات من اعلاها الى أوسطها فأدناها بالشلل...

 

 


الحريري من واشنطن: حاجة لملء الشغور الرئاسي

 

 


وفي اطار متابعة لقاءاته المسؤولين الاميركيين، كان الرئيس الحريري اجتمع أول من أمس، بمستشارة الأمن القومي سوزان رايس في «البيت الابيض»، وبنائبة وزير الدفاع كريستين ورموس في وزارة الدفاع (البنتاغون)...

 

 


وبحسب بيان صادر عن مكتب نائب الرئيس الاميركي جو بايدن حول لقائه الحريري يوم الجمعة الماضي، فقد جدد المسؤول الاميركي «دعم بلاده لسيادة لبنان واستقلاله، كما على الشراكة الواسعة النطاق بين الولايات المتحدة وحكومة لبنان وشعبه...» وأشاد بايدن بـ«شجاعة القوات المسلحة اللبنانية في مواجهة المتطرفين داخل لبنان» معرباً عن الدعم لسياسة لبنان في «النأي بالنفس عن الصراع في سوريا...».

 

 


وقد ناقش بايدن والحريري الوضع السياسي في لبنان، «واتفقا على الحاجة الى توصل القادة اللبنانيين الى اتفاق لمصلحة بلدهم لملء الفراغ الرئاسي الحالي... وسلم نائب الرئيس بالتحدي الانساني الهائل الذي يواجه لبنان وكل جيران سوريا...».

 

 


وخلال لقائه مع مندوبي الصحافة العربية المعتمدين في واشنطن، قال الحريري «ان «عاصفة الحزم» فتحت الباب أمام تحرك عربي مشترك قد يترجم في اشكال مختلفة في سوريا وأماكن أخرى تتدخل فيها طهران...».

 

 


وركز الحريري على الساحة السورية «كنقطة تحول استرايتجية في مواجهة النفوذ الايراني...» ورأى «ان لا مهرب من انشاء منطقة حظر جوي او مناطق آمنة على الحدود في سوريا، إما على الحدود مع الاردن او على الحدود مع تركيا...» وذلك «لاجبار النظام ومن يدعمه على التخلي عن الاسد...» معتبراً ان «الغطاء الجوي ورص صفوف المعارضة العسكرية ضروريان...» وسأل «ما الذي قد يمنع فصائل سورية من ضرب قواعد لـ«حزب الله» في لبنان في ظل قتاله هناك؟ فإدانات القيادات اللبنانية لن تكفي لإحباطها...».

 

 


وأعلن الحريري «أنه سيتوجه الى موسكو بعد واشنطن، في منتصف ايار المقبل...».

 

 


 

 


عسيري: انجاز الاستحقاق

 

 


مسؤولية وطنية

 

 


على صعيد آخر، أكد السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، - في حفلة تكريم اقامتها على شرفه «جمعية خريجي المقاصد»، في بيروت - ان العلاقات السعودية - اللبنانية «أسمى وأبعد من ان تتأثر بمواقف غير مسؤولة...» وتوجه الى الذين يتخذون موقفاً عدائياً من المملكة ودول الخليج التي تدعم «عاصفة الحزم» سائلاً: «لماذا المقامرة بمصلحة لبنان وبمصالح اللبنانيين... ولمصلحة من؟!

 

 


وخاطب «الانفعاليين قائلاً: «ان الظروف التي تشهدها دول المنطقة، ومن بينها لبنان، تحتاج الى الحكمة والتروي... والحل الحقيقي لنقل البلاد الى واقع أفضل يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية يرعى حواراً وطنياً معمقاً يبعد لبنان عن الازمات الاقليمية، لأن هذا الاستحقاق مسؤولية وطنية منوطة بكل شرائح الوطن ومكوناته على حد سواء...».

 

 


 

 


خلط حابل الرئاسة بنابل التشريع والتعيينات

 

 


إلى ذلك، لاتزال مسألة انتخاب رئيس للجمهورية محور مطالبات قوى وشخصيات من 14 آذار وتطغى على سائر الملفات، ومن بينها الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، الأمر الذي حدا بالبعض الى ابداء القلق من تعطيل الحكومة بعد مجلس النواب. وفي وقت يحاول «حزب الله» غسل يديه من مسؤولية التعطيل فقد سأل وزير الاتصالات بطرس حرب عن سبب «التقصير والسكوت المطبق من الرأي العام على مسألة الشغور الرئاسي، وعدم التحرك في مواجهة مقاطعي جلسات انتخاب الرئيس...».

 

 


وفي مسألة التعيينات العسكرية، لم يستبعد حرب ان يذهب العماد ميشال عون، في موضوع قيادة الجيش والتعيينات العسكرية الى «حدود أبعد» وقال: «انا مع تعيين قائد للجيش شرط ان يسبق التعيين انتخاب رئيس جديد للجمهورية...». سائلاً عن «الجدوى من دمج سلسلة الرتب والرواتب بالموازنة». من جانبه أكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش ان موقف «حزب الله» من انتخاب رئيس للجمهورية واضح ومنسجم مع خياراتنا السياسية... وهذا برأينا متاح لشخص الجنرال عون... لكن المشكلة هي في حسابات الفريق الآخر، الذي يحاول من جديد انتاج رئيس للجمهورية تحت عنوان مرشح تسوية تم ضمه الى مشروعه السياسي كما حصل في التجربة السابقة، وهذا ما بات متعذراً...».

 

 


أما وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج فرأى «ان لبنان ليس في أول سلم اهتمامات الخارج، لاسيما في ما خص الملف الرئاسي...».

 

 


التعطيل يقود الى التهلكة

 

 


من جانبه وزير الصحة وائل ابو فاعور، نبه الى ان «تعطيل مؤسسات الدولة يقود الى التهلكة السياسية والدستورية...» لافتاً الى ان لا مبرر للدخول في أي منطق يقود الى تعطيل التشريع... لأن هذا التعطيل، الذي بدأ في رئاسة الجمهورية، يتسرب اليوم الى المجلس النيابي وقد يتمدد الى مجلس الوزراء...».

 

 


بدوره اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت ان «السلسلة يجب اقرارها في أسرع وقت تحت بند تشريع الضرورة» وحمّل «التيار الوطني الحر» مسؤولية التأخير الحاصل...».

 

 


من جهته رأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ميشال موسى ان «الأولوية هي لانتخاب رئيس، ولكن لا مصلحة وطنية في هذا التفلت المطلق...» معتبراً ان «عدم وجود رئيس في هذه الظروف الصعبة، في ظل مجلس معطل، وشغور في مجالس أساسية يفرض على مجلس النواب ان يمارس مهامه وان يراقب الحكومة ويشرع...» ورأى ان وزير الداخلية نهاد المشنوق «يقوم بواجباته، والمطلوب تخفيف التشنج وتقبل ما تقوم به الحكومة في الأمور الأمنية وسجن رومية...».

 

 


 

 


الراعي في فرنسا:

 

 


نداء مدوٍ لحماية المسيحيين

 

 


في السياق العام نفسه، فقد تابع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي زيارة «رسمية ورعوية» لفرنسا، وكان استهلها أول من أمس بلقاء رئيس أساقفة باريس الكاردينال اندريه 23، في مقر المطرانية في حضور الوفد المرافق...

 

 


وفي ذكرى مرور سبعين سنة على تأسيس منظمة الاونيسكو، شدد الراعي في محاضرة على «الدور الرئيسي والأساسي لمسيحيي الشرق في دعم ثقافة السلام». وأطلق «نداء مدوياً دعا فيه المجتمع الدولي الى اتخاذ كل التدابير الكفيلة بحماية هذا الشرق وهذا الوجود المسيحي». داعياً «الدول الصديقة الى مساعدة لبنان على الخروج من المأزق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية». معرباً عن «أسفه لأن عملية انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان باتت خاضعة للنزاعات في المنطقة...».

 

 


الحريري يواصل زيارته الأميركية

ويحاضر عن الوضع في المنطقة

 


 

يواصل الرئيس سعد الحريري زيارته الى الولايات المتحدة الاميركية، ويلقي اليوم الاثنين محاضرة في ويلسون سنتر، يحضرها باحثون وكتاب وخبراء اميركيون في شؤون الشرق الاوسط، ورؤساء مراكز ابحاث وصحافيون.

وأفاد المكتب الإعلامي للحريري، أنه سيتطرق خلال محاضرته «الى الوضع في المنطقة وتداعيات الأزمة السورية على دول الجوار، خصوصا لبنان، والتطورات في المنطقة والتحديات التي تواجهها في ظل تنامي التطرف وسبل مواجهته ودعم قوى الاعتدال، ويلي المحاضرة حوار بين الرئيس الحريري والحضور».

وذكر المكتب بأن الحريري كان قد «التقى الأسبوع الماضي نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس ووزير الخارجية جون كيري، وعددا من ابرز اعضاء مجلسي النواب والشيوخ، واجرى معهم محادثات تناولت مجمل الاوضاع في لبنان والمنطقة وتركزت في شكل خاص على ضرورة تحييد لبنان عن تداعيات الازمة السورية وما يجري في المنطقة».